وصفت صحيفة الواشنطن بوست أمس الرئيس أوباما بأنه «مشلول»، ووصفت خطابه أمس الأول بأنه يضم العديد من التناقضات الصارخة. وذكرت بهذا الصدد أنه بعد أسبوع من الجلد السياسي، استمعت البلاد من الرئيس أوباما إلى محاولة شرح سياسته إزاء سوريا التي تفتقر إلى المنطق من خلال قوله إن السلاح الكيميائي يختلف عن أي سلاح آخر، وأن واشنطن لن تسمح باستخدام الرئيس السوري بشار الأسد باستخدامه مرة أخرى، وأن هناك مصلحة وطنية في ذلك، «ولكنني سأطلب من الكونجرس تأجيل التصويت على الضربة لإعطاء فرصة للحل السياسي» في إشارة إلى التفكير في الاتفاق على تسليم الأسد لأسلحته الكيميائية في مقابل احتفاظه بالسلطة. واعتبرت البوست أن هنالك تناقضات أكثر مدعاة للقلق من هذا التأجيل الجديد للضربة، أولها حديثه سابقًا عن دعم قوات الثوار بالرغم من أنه لم تصل إلى مساعدات عسكرية (تقريبًا) لهم حتى الآن. وثانيًا إدعاؤه بأن كل شيء قد تغير بعد 21 أغسطس الماضي بعد استخدام الأسد السلاح الكيميائي في الغوطة بالرغم من أن وزير خارجيته جون كيري ذكر في شهادته أمام مجلس الشيوخ الأمريكي قبل بضعة أيام أن السلاح الكيميائي استخدم عدة مرات قبل 21 أغسطس، بما يطرح السؤال: لماذا لم نتدخل قبل 21 أغسطس؟. وثالثًا ذكر أوباما أن الضربة ستكون محدودة، لكنه قال بعد بضعة أيام أنها لن تكون وخزة دبوس، وهذا كله يجعل استجابتنا مشوشة، ويوفر للأسد، في ذات الوقت كافة التطمينات التي يحلم بها بما في ذلك الإبقاء على حياته واستمراره على رأس النظام حتى إذا أقدمت واشنطن على القيام بالضربة التي لم تعد مرجحة الآن. واستطردت الصحيفة أن أوباما (مشلول سياسيًا) على الأقل لأن الجزء الأول من حجته التي وافق عليها مجلس الشيوخ لا تتطابق مع دعوته الآن في العدول عن الضربة، وفي أفضل السيناريوهات، التوصل إلى الاتفاق الذي توسط الروس بشأنه. مضيفة أن البعض ظن أن الضربة التي يستحقها الأسد بعد جريمته في الغوطة ينبغي أن تؤدي إلى رحيله، كمؤشر على جدية الموقف الأمريكي إزاء الخطورة التي ينطوي عليها استخدام السلاح الكيميائي، وأن العدول عن الضربة يعتبر بمثابة رسالة طمأنة لإيران بأن واشنطن لن تتخذ إجراءً رادعًا للحيلولة دون امتلاكها للسلاح النووي، مضيفة بأن خطاب أوباما وهو يضع الكرة في ملعب الكونجرس، ثم في الملعب الروسي، فإنه في واقع الأمر يلغي خيار العمل العسكري ويفتح المجال واسعًا أمام روسيا والأسد للانفراد في وضع قواعد اللعبة، وأنه من وجهة نظر أخلاقية وجيوسياسية، فإن ذلك يعد بمثابة هزيمة لا بد وأن تمتد آثارها السلبية عبر الشرق الأوسط ودونه. واختتمت البوست بالقول إن عقدًا من الحرب لم ينته، ولم تنته معه رغبتنا لنقل الأحداث لصالحنا وحماية المصالح والقيم الأمريكية، وأن عدم امتلاك إيران للسلاح النووي في غضون 3 أعوام من الآن سيكون بمثابة معجزة صغيرة، وأن صقور الكونجرس والديمقراطيين الليبراليين الذين يؤيدون الضربة لن يكونوا وحدهم من سيساورهم القلق نحو اقتراب روسيا من الهيمنة على الشرق الأوسط، فأوباما نفسه يعترف بأن لدينا مصالح وطنية وحيوية في المنطقة، لكن يبدو أنه غير مستعد للعمل من أجل حمايتها.
مشاركة :