تمثال امرأة عارية في سطيف يفجر جدلا في الجزائر

  • 4/1/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الجزائر - تحول تمثال لامرأة عارية يقع في قلب مدينة سطيف شرقي الجزائر إلى معركة جدلية بين مجموعة متشددة تطالب بنقله إلى المتحف ووزير الثقافة الذي هاجم أصحاب الفكرة. تمثال "عين الفوارة"، الذي يقابل المسجد العتيق في سطيف، هو مجسم لامرأة عارية تطفو على صخرة عالية، ويتدفق منه الماء. وقد أنجزه النحات الفرنسي فرنسيس سان فيدال في باريس سنة 1898، ثم نقل إلى سطيف في 1899، أي بعد 69 سنة من بدء احتلال فرنسا للجزائر. وتقول إحدى الروايات إن الفرنسيين وضعوا التمثال في هذا المكان لمضايقة المصلين المترددين على المسجد. في 18 ديسمبر/كانون الأول 2017 تعرض التمثال لتخريب جزئي من شخص ملتح أوقفته الشرطة على الفور، وقالت السلطات بعدها إنه "مختل عقليا". كما سبق أن تعرض المعلم الاثري لمحاولات تحطيم. بعد هجوم العام الماضي تعالت أصوات يقودها مجموعة من الاسلاميين والسلفيين تطالب بنقل التمثال إلى المتحف، لتفادي عمليات تخريب مماثلة، فضلا عن كونه "مخل بالحياء"، ويتنافى مع تقاليد المجتمع، لكن السلطات رفضت، وقامت بترميمه، وتستعد لإعادة نصبه. وفي 22 مارس/ آذار صرح وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، في مقر البرلمان، بأن "مسألة نقل التمثال إلى المتحف سابقة خطيرة تفتح الباب أمام عمليات نقل كل التماثيل إلى المتحف". سامية بلدية خمري، النائبة عن حزب جبهة العدالة والتنمية (إسلامي)، اقترحت أن يحل مكانه تمثال لضحايا مجازر 8 مايو/أيار 1945، التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي بحق متظاهرين بالمدينة. غير أن الوزير رد خلال وجوده في البرلمان بقوله إن "الذين يطرحون مسألة نقل تمثال عين الفوارة إلى المتحف هم أولى بالدخول إلى المتحف". واعتبر الوزير ان هذه النظرة الغرائزية الى التمثال تعيدنا الى الوراء والى عصور الجاهلية والظلام. حسابات سياسية رد الوزير عقبت عليه البرلمانية بقولها، في بيان: "تفاجأت وصعقت لطريقة إجابة السيد الوزير المحترم". وتابعت: "تمنيت أن ينتصر الوزير للبعد الروحي الوطني الجزائري، ولا يرسل رسائل سياسية مشفرة "للوبي" الفرنسي قصد الاستجداء للاستحقاقات المقبلة". وتوالت ردود أفعال من سياسيين إسلاميين وعبر شبكات التواصل الاجتماعي تنتقد رد الوزير، الذي وصف بـ"العنيف"، فيما سانده آخرون، ودعوا إلى عدم استغلال هذا المعلم في جدال سياسي عقيم. ودافع حزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء ووزير الثقافة، عن مواقف الوزير، وانتقد حملة ضده من جانب الإسلاميين. وصرح بلعباس بلعباس، رئيس الكتلة البرلمانية للحزب في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، بأن "الوزير يعمل وفق ما ينص عليه القانون الجزائري ولا يخدم أي جهات خارجية، مثلما تم الترويج له من قبل نواب وممثلي الأحزاب الإسلامية". وأفاد بلعباس إلى أن "الضجة المثارة حول التمثال، ما هي إلا عمل مدبر من قبل الإسلاميين من أجل حصول على تأييد شعبي"، بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية. وقال: "ألستم مَن كُلّف بالوكالة بتنفيذ أفكار سياسية إخوانية"، واضاف: "يُقال إنكم قبضتم نصيبكم بما يعادل هذه المهمة". وأفاد يوسف حنطابلي أستاذ علم الاجتماع في جامعة الجزائر إن "النقاش الدائر هو مشكل دون معنى في حد ذاته، لأنه يخفي مواقف تتجاوز التمثال في حد ذاته". تساؤلات عديدة أما الدكتور بشير فايد، أستاذ التاريخ في جامعة سطيف، فقال إن "الجدل حول هذا الموضوع بالنسبة للمختصين يجب أن يتم تناوله من جوانب معمقة، وفي إطار هادئ، وليس بالطريقة الحالية". ورأى أن الحل الامثل يكمن في التطرق الى مجموعة من القضايا من بينها "السياق العام للسياسة الفرنسية في الجزائر في جانبها الحضاري، والظرف الزماني الذي أقيم فيه المعلم، ولماذا خُصت مدينة سطيف دون غيرها من مدن الجزائر به". وختم فايد بالتشديد على أن تناول مثل هذه القضايا يجب ان يكون على أساس ومنهج علمي لا ان يحتكم الى الظرفية المستجدات الآنية.

مشاركة :