مطلع القرن التاسع عشر عاشت الولايات المتحدة الأمريكية على وقع تزايد ملحوظ في نسبة الإقبال على اللحوم، فضلا عن ذلك حقق مجال الموضة والأزياء قفزة سريعة تزامنا مع ارتفاع احتياجات المصانع لريش الطيور الذي استخدم بكثافة لصناعة الثياب. بهدف تلبية حاجيات السوق وتحقيق المزيد من الأرباح، اتجه الصيّادون إلى استخدام نوع جديد من البنادق قادر على تحقيق عدد أكبر من الإصابات بطلقة واحدة، وانطلاقا من هذا المبدأ ظهرت للعالم بنادق بونت العريضة والثقيلة، حسبما جاء في «العربية.نت». اختلفت نوعية بنادق بونت من صياد لآخر، حيث بلغ عيار بعضها واحدا وخمسين ميليمترا، وكانت قادرة على إطلاق مقذوفات قدّر وزنها بنحو رطل (0.45 كيلوجرام)، فضلا عن ذلك وعلى حسب بعض الإحصائيات كانت الطلقة الواحدة قادرة على قتل حوالي طائر. من أجل استخدام بنادق بونت أقدم الصيادون على تثبيتها إلى قواربهم حيث كان من الصعب جدا حملها على الأكتاف كالبنادق العادية، فضلا عن ذلك تم الاعتماد على القارب والمياه لامتصاص قوة ارتداد البندقية عند تفعيلها.سرب الطيور لم تكن عملية الصيد باستخدام بنادق بونت سهلة، حيث اضطر الصيادون للعمل في فرق تكونت غالبا من ثمانية أفراد وخلال تلك الفترة تم الاعتماد على استراتيجية تقوم على الاقتراب قدر الإمكان من سرب الطيور، وعلى إثر ذلك يقدم الصيادون على إطلاق النار في آن واحد نحو نفس الهدف بغية اصطياد أكبر عدد ممكن من الطيور. بناء على عدد من الشهادات أعلن أحد الصيادين المشهورين والمدعو راي تود أنه تمكن ذات مرة رفقة ثلاثة من زملائه من اصطياد 419 بطة خلال ليلة واحدة، حيث أكد الأخير حينها عثوره على سرب كبير من البط امتد على مسافة قاربت نصف ميل.حظر استخدامها تسبب استخدام بنادق بونت في تدهور النظام البيئي بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث تراجعت أعداد الإوز والبط بشكل رهيب، ولهذا السبب عمدت السلطات الأمريكية خلال ستينيات القرن التاسع عشر إلى سنّ قوانين صارمة للحد من استخدامها، وجاء ذلك قبل أن يتم حظرها بشكل نهائي سنة 1918 تزامنا مع صدور قوانين منع الصيد التجاري (الصيد المكثف لأغراض تجارية). على الجانب الآخر من العالم، عانى النظام البيئي البريطاني كثيرا من بنادق بونت التي تسببت في هلاك أعداد كبيرة من الطيور، وبسبب ذلك أصدرت السلطات البريطانية قانونا حدد عيار بندقية الصيد بخمسة وعشرين ميليمترا كأقصى تقدير.
مشاركة :