الإرهاب يؤرق الجميع حذرت الأمم المتحدة من تنامي خطر تنظيم داعش في الصومال، الذي تبنى أول حالة هجوم إرهابي وقعت في مدينة بوصاصو في مايو الماضي، وهو التاريخ الذي بدأت فيه عناصر التنظيم تواجه خسائر ميدانية في معاقلها بسوريا والعراق. وكشفت تقارير أممية، صدرت في نوفمبر عام 2017 ومارس 2018، عن حضور داعش بالصومال ومنطقة القرن الأفريقي خرج من دائرة الشك والاحتمال إلى دائرة اليقين. وذكرت تقارير أخرى تنصيب شخصين مواليين لزعيم التنظيم أبوبكر البغدادي، في أفريقيا، أحدهما يدعى محاد معلم، وهو نائب زعيم تنظيم داعش الجديد في الصومال، والآخر يدعى أبومصعب البرناوي مسؤول التنظيم في غرب أفريقيا. وجعلت ظروف الصومال السياسية والأمنية وموقعه الجغرافي الاستراتيجي وسواحله الشاسعة، من هذا البلد مطمعا للإرهاب، الأمر الذي يلقي بظلاله على دول الجوار العربية والأفريقية لما يشكله لها من تهديد. ويتوقف حجم الخطر على الاحتمالات المتوقعة لفترة تواجده وتمدده في الصومال وحجم الإمكانيات المادية والبشرية للتنظيم. وأكد الباحث محمد رشيد، رئيس مؤسسة الصومال الجديد للإعلام والبحوث والتنمية أن داعش متواجد في منطقة شمال شرقي الصومال (بونت لاند). ويشير أن الحضور الإرهابي بالصومال سيزيد من تعقيدات الأزمة الدائرة حاليا بالبلد، وسط احتدام المواجهة مع قوات الشباب المتواجدة في جنوب البلاد، التي تتبنى أفكار تنظيم القاعدة. وأكد رشيد، لـ“العرب” أنه من المتوقع أن يستقطب الصومال المزيد من عناصر داعش والتمركز في أراضيه والتمدد خارجها. وتوقع أن يستغل التنظيم الأزمات السياسية والأمنية وتفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية. وأوضح رضا يعقوب، الخبير الأمني المصري، لـ“العرب”، أن “الإرهاصات الأولى لداعش في الصومال ظهرت عقب اغتيال أحمد عبدي غوداني، الزعيم الروحي لـ’حركة الشباب’، في غارة جوية أميركية عام 2014”. ظروف الصومال السياسية والأمنية وموقعه الجغرافي الاستراتيجي وسواحله الشاسعة، جعلت من هذا البلد مطمعا للإرهاب، الأمر الذي يلقي بظلاله على دول الجوار العربية والأفريقية وتزامن ذلك مع حالة الانشقاقات داخل حركة الشباب المتطرفة، كان أبرزها انشقاق القيادي الشيخ عبدالقادر مؤمن وإعلان مبايعته مع العشرات من المقاتلين المنشقين لزعيم تنظيم داعش، أبوبكر البغدادي. وأشار يعقوب إلى أن عناصر التنظيم حاولت السيطرة على قرية “قندلا” الساحلية مع نهاية 2016، لكنهم لم يستطيعوا الصمود أكثر من شهر، وطردتهم القوات التابعة لحكومة بونت لاند، ولم يجد أنصار داعش إلا الاحتماء بالجبال في شمال شرقي الصومال للاختباء فيها واتخاذها كمركز للتخطيط لعملياتهم الإرهابية. وحذر خبراء من تعرض الأمن العربي لخطر إرهابي جديد سيكون الصومال بوابته الجديدة، وذلك لقربه من مضيق باب المندب ذي الأهمية الاستراتيجية الكبيرة عند مدخل البحر الأحمر، ما يشكل خطرا على أمن مصر ودول الخليج تحديدا. ودعا، محمد إبراهيم عبدي الباحث الصومالي، المجتمع الدولي إلى اعتماد استراتيجية أمنية ومشاركة دولية وإقليمية لمواجهة تنامي خطر داعش الذي تزداد أعداد المنضمين إليه. ورغم إقراره باختراق داعش لبلاده وتعاظم نفوذه في ولاية بونت لاند ونجاحه في تجنيد عدد كبير من الشباب، لا يعتقد عبدي، أن يتحوّل الصومال إلى بؤرة جديدة جاذبة للتنظيم. وأشار عبدي لـ“العرب”، أن “الجهود التي بذلتها حكومات متعاقبة في الصومال، بالتعاون مع قوى إقليمية ودولية، حاولت منع وجود بيئة حاضنة لتمدد التنظيم، وشجعت على ذلك نتائج المصالحة في البلاد بين القبائل”. وكانت بعض القبائل قد تورطت سابقا في تحالف مع حركات إسلامية متشددة بهدف الانتقام من قبائل منافسة. وحذر عبدي من “استفادة مقاتلي داعش من التدهور الأمني في مناطق كثيرة في البلاد”. مشير إلى أن “الضربات الجوية المتلاحقة التي تشنها الطائرات الأميركية على معاقل داعش في الجبال بإقليم بري (بونت لاند)، من المعوقات التي تحد من قدرة التنظيم على التوسع بسهولة”. وأكد أن الصوماليين يشعرون بخطر تنامي التنظيم، باعتباره أحد إفرازات تنظيم الشباب الدموي، كما يمثل عقبة أمام استرجاع هيبة الدولة، خاصة في جنوب البلاد. وأوضح متابعون للشأن الصومالي أن التأييد الشعبي للحركات الإسلامية المسلحة سيتعرض إلى المزيد من التآكل، نتيجة رفض العمليات الإرهابية التي نفذتها، والتي حصدت أرواحا كثيرة. لكن المخاوف لن تتبدد وشبح التنظيم سوف يظل يؤرق الجميع. ووضع خبراء ومتخصصون في مجال مكافحة الإرهاب جملة من الحلول التي يمكن أن تكبح تمركز داعش في الصومال. منها تخفيف حدة المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، إذ أنه ينتهز هذه الأزمات ويستمد قوته من هشاشة المؤسسات الحكومية والخلافات القبلية فضلا عن مشاكل البطالة والفقر والجفاف.
مشاركة :