لندن – دائما هناك جهات تستفيد من الأزمات، وفي حالة فيسبوك بعد الزلزال الذي ضربها بالكشف عن تمكن شركة "كامبريدج أناليتيكا" من الوصول وتحليل بيانات 50 مليونا من مستخدمي فيسبوك بشكل غير قانوني، استطاعت شبكة ماستودون الاجتماعية جني الأرباح. وحظيت شبكة ماستودون، وهي شبيهة بموقع تويتر، بارتفاع كبير في الإقبال على الاشتراك فيها الأسبوع الماضي، بالتزامن مع اكتساب هاشتاغ حركة “#ديليت فيسبوك” زخما، حيث تضاعف عدد من قاموا بالتسجيل في ماستودون 4 مرات عن المعدلات المعتادة، وفقا لما ذكره يوجين روشكو، مبتكر الخدمة. وأوضح روشكو أن حوالي 5800 مستخدم جديد انضموا إلى ماستودون يومي 25 و26 مارس فقط، وهو عدد تحققه الخدمة على مدار أسبوع كامل. وتملك الشبكة الاجتماعية ماستودون 1.1 مليون مستخدم في مقابل 2.2 مليار لدى فيسبوك، ويقول الصحافي برايان فانغ في مقال بصحيفة “ذا واشنطن بوست”، ربما لا تبدو الأرقام مبهرة ولكن ما يجعل شبكة ماستودون جذابة بشكل متزايد، لا سيما في مرحلة ما بعد هاشتاغ “#احذفوا فيسبوك”، هو موقفها تجاه البيانات والتحكم، وهما نفس العنصرين اللذين يمثلان تحديا كبيرا لفيسبوك حاليا، والتي تسعى بدورها لتبرير نموذج تعطش خدماتها لبيانات المستخدمين الغاضبين. ويمكن القول إن رمز ماستودون مفتوح المصدر، بمعنى أنه يمكن لأي شخص فحص تصميمه. شبكة "ماستودون" الاجتماعية حظيت بارتفاع في الإقبال على الاشتراك فيها بالتزامن مع تصاعد حركة ديليت فيسبوك كما أن أكواد ماستودون يتم توزيعها، بمعنى أنها لا تعمل في بعض مراكز البيانات التي يسيطر عليها المسؤولون التنفيذيون في الشركات، إنما يقوم المستخدمون بتشغيلها بأنفسهم من خلال قيامهم بإعداد خوادم مستقلة يتم دفع تكاليف تطويرها من خلال التبرعات التي تسدد عن طريق الإنترنت، وليس من خلال تسويق المعلومات الشخصية للمستخدمين. ويعتبر روشكو جزءا من موجة من الابتكار التكنولوجي التي تهدف إلى استرجاع بعض القوة التي كانت النخب قد أمضت العقد الماضي في احتكارها مثل الرئيس التنفيذي لفيسبوك مارك زوكيربرغ، الذي كان من أهم ابتكاراته، على الأقل من منظور الأعمال التجارية، الجمع النشط لبيانات العملاء واستخدامها لأغراض الدعاية. ويرى رواد الأعمال الجدد أن المستهلكين لا يستفيدون من الاعتماد على منصات تجارية مركزية تمكنهم من جمع المعلومات الشخصية للمستخدمين، لذلك يعتقدون أنهم يستطيعون استعادة جزء من سحر أيام الإنترنت السابقة، حيث كان كل شيء مفتوحا وقابلا للتشغيل المتبادل وليس مخزنا أو متاجرا به. ولا يقتصر ما يقوم به موقع فيسبوك على جمع المعلومات التي يتطوع المستخدمون بتقديمها عن أنفسهم، مثل عناوين البريد الإلكتروني وتاريخ الميلاد، ولكن أيضا البيانات التي يتم استنباطها ببساطة عند استخدام النظام الأساسي، مثل إبداء الإعجاب، وصلات الأصدقاء وأكثر من ذلك. إن هذه المعلومات، كما اتضح في سياق البلاغات ضد كامبردج أناليتيكا، يمكن أن تكون معلومة خاصة للغاية في الأيدي الخطأ أو من يمكن أن يستغلوها بشكل غير قانوني. ويكشف تعهد موقع فيسبوك باتخاذ إجراءات صارمة ضد التطبيقات على منصته التي قد تسرّب بيانات المستخدم إلى أطراف ثالثة، أن هذا الوعد في حد ذاته يسلط الضوء ببساطة على مدى ما يملكه فيسبوك من سيطرة على مجريات الأمور الرقمية في بعض الحالات، وأنه يمكن أن يسمح بنشر معلومات تخص المستخدمين إلى أطراف غير معلومة الهوية أو الموقع، دون أن يعلم المستخدم ذلك بوضوح. وقام ثلاث باحثين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في مختبر الوسائط، وهم تشيلسي باراباس ونيها نارولا وإيثان زوكرمان، بكتابة مقال حديث في موقع “وايرد”، أوضحوا فيه أن الاهتمام المتزايد بالشبكات الاجتماعية اللا مركزية مثل ماستودون، يظهر أن هناك شهية متزايدة بين مستخدمي الإنترنت لشيء جديد إلى جانب النموذج الذي وضعته أكبر شركات وادي السيليكون. وما لم يسترد فيسبوك هؤلاء المستخدمين، فإنه ربما يتلاشى إلى الأبد.
مشاركة :