شاب سعودي يبدد وحشة «الخط العربي» وإعادة حضوره في واقع الناس

  • 4/2/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كما أن التقنية ساعدت في انتشار وإحياء الكثير من النشاطات الإنسانية التقليدية، ومكنتها بفضل قدرتها على ابتكار الحلول وتطوير الأدوات من إنعاشها وإعادة العمل بها بطريقة أسهل وأفضل وأسرع، فإنها عملت في المقابل على اندثار نشاطات أخرى وحجمت من حضورها في الواقع. من ذلك فن «الخط»، والخط العربي تحديداً، الذي أصبح مجرد شاهد تاريخي ونافذة إلى فنون أخرى وحبيس لوحات «مؤطرة» وأركان مغمورة في المحافل والمناسبات، فضلاً عن غياب تعليم الخط العربي من بعض المدارس العربية، ما زاد من غربته وضاعف من حدة غيابه، ليبقى الخط العربي شيئاً أقرب إلى هواية يتبادلها فضاء ضيق من الموهوبين والمتذوقين. لخمس ساعات متواصلة، ينكبّ الخطاط السعودي الشاب «راجا بلهادر» على طاولة في إحدى زوايا معرض ثقافي في مدينة جدة، ليس لقراءة كتاب ولا منادمة هاتف جوال، بل لممارسة هوايته وحرفته التي شغف بها ولا يجد تثريباً في قضاء مثل هذا الوقت كل يوم خلال أيام العمر والعام. بترحاب كبير يستقبل الخطاط المعروف المهندس سراج علاف وفريق عمله من الخطاطين راجا بلهادر وأحمد الجعير وسارة كتبي وبيان باربود، الراغبين في الحصول على فواصل للكتب مخطوطة باليد في ركن الخطاطين بالمعرض، إذ يستقبل فريق العمل نحو ٥٠٠ زائر يومياً، يقدمون لهم الخدمة بسعادة بالغة وبلا توقف، يقول علاف: «إن متعتنا في الكتابة تحتم علينا قضاء كل هذا الوقت واستقبال كل هذا العدد بلا ملل، إذ يشعر الزوار بالغبطة لكتابة أسمائهم بطريقة جميلة، الجمال يعلق بالنفس ولا يمحى». في حين يشكو المهندس والخطاط سراج من الظروف التي تعصف بالخط العربي وغيابه عن الناس، وانصراف الكثير من المهرة الموهوبين فيه لتركه والتخلي عنه، فقط لقلة الناصر والمعين في هذا المجال، واحتكاره على قلة يسيرة ممن بقي مؤمناً وشغوفاً بتعلمه والاستمرار فيه، وقال: «التعامل مع «الخط العربي» مجرد جزء من الماضي البعيد «ألم» قاس يمس هويتنا وتماسك صورتنا الذهنية عن أنفسنا، والواجب النظر إليه بتقدير عالٍ كونه تعبير حقيقي عن سلسلة طويلة من تكون الشخصية العربية وتبلورها». لم يقف المهندس سراج هو والبقية القليلة من الشغوفين بالخط العربي عند مرحلة الأسف على حال الخط العربي وتواضع اهتمام المؤسسات الرسمية المعنية بالثقافة والعلوم العربية، بل جمع همه وهمة زملائه في إحياء هذا الفن عبر جماعات تطوعية تهتم به، وورش عمل تستقطب الهواة فيه، والتذكير به عبر كل فرصة وسانحة تلوح وتومض في سماء الممكن. يستعد المهندس سراج لعمل ورشة تعليمية في الخط العربي بالتعاون مع الخطاط المعروف ومعلم الخط في الحرم المكي الشريف ابراهيم العرافي، لزوار المعرض خلال الأيام القادمة، إذ يجد مع فريق عمله في المعرض فرصة لإعادة الوهج إلى الخط العربي الذي عانى لفترات طويلة تهميشاً كبيراً، ولكن الفرص الإعلامية التي وفرتها شبكات التواصل الاجتماعي أعادت إليه الوهج. كما أن الملتقيات التي يبادر الخطاط علاف إلى استثمارها تعيد الاتصال بين الخط العربي وعامة الناس، وتموضعه مرة أخرى في المكان اللائق الذي يستحقه، وهذا ما يحدث الآن في معرض جدة، إذ يقف الناس طوابير بلا نهاية للحصول على نسخة من فواصل الكتب ممهورة باسم كل واحد منهم بأجمل خط وأحسن حلة.

مشاركة :