تكشف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا الأسبوع، النقاب عن قائمة بالواردات الصينية التي ستفرض عليها الولايات المتحدة تعرفات جمركية لمعاقبة بكين على سياسات نقل التكنولوجيا، في خطوة من المتوقع أن تزيد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. وقال مسؤولون في الإدارة إن من المتوقع أن تستهدف القائمة التي تشمل واردات سنوية تتراوح قيمتها بين 50 و60 بليون دولار، منتجات التكنولوجيا المتطورة، وربما يكون هناك أكثر من شهرين على بدء سريان هذه التعريفات. ويجب أن يكشف مكتب الممثل التجاري الأميركي النقاب عن قائمة المنتجات بحلول الجمعة بموجب إعلان التعرفات الجمركية على الصين الذي وقعه ترامب في 22 آذار (مارس). وتهدف هذه التعرفات إلى فرض تغييرات في سياسات الحكومة الصينية التي يقول الممثل التجاري الأميركي إنها تؤدي إلى نقل «غير اقتصادي» للملكية الفكرية الأميركية إلى الشركات الصينية. ويرى تحقيق مكتب الممثل التجاري بموجب (البند 301) الذي يجيز فرض هذه التعرفات، إن الصين سعت بشكل ممنهج إلى التعدي على الملكية الفكرية الأميركية من خلال شروط إقامة المشاريع المشتركة وقواعد غير عادلة للترخيص التكنولوجي وشراء شركات تكنولوجيا أميركية بتمويل من الدولة وسرقة صريحة. ونفت الصين أن تكون قوانينها تشترط نقل التكنولوجيا، وهددت بالرد على أي تعرفات جمركية تفرضها الولايات المتحدة من خلال فرض عقوبات تجارية من جانبها، مع احتمال استهدافها منتجات أميركية مثل فول الصويا أو الطائرات أو المعدات الثقيلة. ورداً على ذلك، فرضت الصين أمس رسوماً جمركية على 128 صنفاً من المنتجات التي تستوردها من الولايات المتحدة وتصل قيمتها إلى ثلاثة بلايين دولار سنوياً، رداً على الرسوم التي فرضتها واشنطن على الفولاذ والألومنيوم واعتبرت بكين أنها «تلحق ضرراً خطيراً» بمصالحها. وجاءت الإجراءات الصينية التي أعلنت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية أن لجنة الرسوم الجمركية في مجلس الدولة فرضتها، بعد أسابيع من تبادل تصريحات أثارت مخاوف من حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلنت أن الرسوم التي فرضتها على واردات الفولاذ والألومنيوم تهدف إلى حماية الأمن القومي للولايات المتحدة، لكن وزارة التجارة الصينية رأت فيها «مخالفة» لقواعد منظمة التجارة العالمية. واعتبرت وزارة التجارة الصينية في بيان على موقعها الإلكتروني، أن الإجراءات الأميركية «موجهة ضد عدد قليل من الدول فقط في انتهاك خطير لمبدأ عدم التمييز الذي يشكل أساس نظام التجارة التعددي، ما يلحق ضرراً خطيراً بمصالح الجانب الصيني». وكان ترامب هاجم الصين مرات بسبب العجز التجاري الهائل للولايات المتحدة، ووعد خلال حملته الانتخابية باتخاذ إجراءات لخفضه. وحذرت بكين في آذار (مارس) الماضي، من أنها تدرس فرض رسوم جمركية تتراوح بين 15 و25 في المئة على عدد من المنتجات الأميركية، بينها النبيذ والمكسرات وخردة الألومنيوم. ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة عن بيان الحكومة أن هذه الرسوم دخلت حيز التنفيذ أمس. وجاءت هذه الإجراءات رداً على رسوم فرضتها الولايات المتحدة على استيراد الفولاذ (25 في المئة) والألومنيوم (10 في المئة). وأملت وزارة التجارة الصينية في «أن تتمكن الولايات المتحدة من سحب الإجراءات التي تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية في أسرع وقت ممكن لإعادة تبادل السلع بين الصين والولايات المتحدة إلى المسار الطبيعي». وأضافت أن «التعاون بين الصين والولايات المتحدة، أكبر اقتصادين في العالم، هو الخيار الصحيح الوحيد». وعلق ترامب موقتاً الرسوم المفروضة على الاتحاد الأوروبي والأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والمكسيك وكوريا الجنوبية. لكن البيت الأبيض كشف انه ينوي فرض رسوم على سلع بقيمة ستين بليون دولار بسبب «سرقتها» للملكية الفكرية. وقال نائب رئيس الوزراء الصيني لو هي لوزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين في مكالمة هاتفية الشهر الماضي، إن التحقيقات الخاصة بالملكية الفكرية انتهكت قواعد التجارة الدولية، وان بكين «جاهزة للدفاع عن مصالحها الوطنية». ودعت الصين الولايات المتحدة إلى وقف «ترهيبها الاقتصادي» وأكدت أنها مستعدة للرد. لكن بكين لم تدرج في إجراءاتها واردات أميركية كبيرة مثل فول الصويا وطائرات «بوينغ»، التي رأت صحيفة «غلوبال تايمز» الحكومية أنه يجب استهدافها. وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها الأسبوع الماضي أن الصين «أوشكت على استكمال لائحة الرسوم الانتقامية على المنتجات الأميركية وستنشرها قريباً»، موضحة أن «اللائحة تضم واردات صينية كبيرة من المنتجات الأميركية». وتابعت أن «ذلك سيشكل ضربة قاسية لواشنطن التي تسير بعدوانية باتجاه حرب تجارية، وسيجعل الولايات المتحدة تدفع ثمن سياستها التجارية المتطرفة حيال الصين». وبلغت قيمة الواردات الصينية من هذه المنتجات الأميركية ثلاثة بلايين دولار العام الماضي، أي ما يشكل بالكاد 2 في المئة من إجمالي الصادرات الأميركية إلى الصين (بلغت 154 بليوناً في 2017)، بحسب الجمارك الصينية. وتسعى إدارة ترامب الى مواجهة العجز التجاري الأميركي مع بقية العالم، معتبرة أن السلع المستوردة كثيراً ما تكون مدعومة بشكل غير قانوني. وفي حالة الصين طالب ترامب العملاق الآسيوي بتقليص فائضه التجاري مع واشنطن بما لا يقل عن مئة بليون دولار. وتعاني الولايات المتحدة عجزاً تجارياً هائلاً مع الصين بلغ في 2017، 375,2 بليون دولار.
مشاركة :