يجري مهندسون سعوديون محاكاة هبوب عاصفة رملية لاختبار متانة ألواح شمسية في مختبر للأبحاث، في مسعى جديد من المملكة لتنويع مصادر الطاقة لديها، بدلا من الاعتماد الحصري على النفط، والتحول إلى إنتاج الطاقة المتجددة، وحتى تصديرها. وقد يبدو مسعى أكبر مصدر للنفط الخام في العالم لأن يصبح مُصدرا للطاقة النظيفة صعب التصديق، ولكن في قرية العيينة الشمسية قرب الرياض، يتواصل العمل لتحقيق هذه الرؤية. تعود هذه الجهود إلى الواجهة بعد توقيع المملكة الأسبوع الماضي عقداً ضخماً مع مصرف سوفتبنك الياباني لتطوير مشروع لاستغلال الطاقة الشمسية في المملكة بهدف إنتاج 200 جيغاواط من الكهرباء بحلول 2030. وتم توقيع العقد على هامش زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة في إطار الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي بدأها منذ أشهر. وتشير تقديرات لبلومبيرج نيوز انه في حال بناء هذا الحقل للطاقة الشمسية في موقع واحد، فإنه سيغطي ضعف مساحة هونج كونج. وبينما أثارت ضخامة هذه الخطة تشكيك البعض، لقيت ترحيبا يرافقه إصرار على التنفيذ في المختبر السعودي. ويؤكد مدير مختبر الطاقة الشمسية في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية عادل شهيوين قائلا “نستطيع أن نفعل ذلك”. ويضيف لوكالة فرانس برس خلال جولة في “القرية الشمسية” في العيينة “قد يستغرق الأمر بعض الوقت، ولكن لدينا كل المواد الخام: أشعة الشمس، والأرض، والأهم من ذلك، الإرادة”. وينكب المهندسون على اختبار الألواح الشمسية في ظروف قاسية، ويضم الموقع أصلا حقلا للطاقة الشمسية أقيم قبل ثلاثين عاما تقريبا ويزود القرى المجاورة بالتيار الكهربائي. كهرباء للتصدير وبدأت فكرة الطاقة المتجددة تكتسب زخما مؤخرا، مع توجه السعودية ودول خليجية أخرى لدراسة سبل خفض فاتورة الكهرباء وتنويع مصادر الطاقة بعيدا عن النفط. ووضعت الرياض هدفا انتاج 9,5 جيجاواط من الطاقة المتجددة بحلول 2023. وتعتمد السعودية حاليا على النفط والغاز الطبيعي لإنتاج الكهرباء. وتستهلك الرياض يوميا نحو 3,4 مليون برميل نفط يوميا. ومن المتوقع أن يرتفع الاستهلاك الى 8,3 ملايين برميل نفط في عشر سنوات، بحسب أرقام صادرة عن مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة. وتقول الباحثة في معهد الجزيرة العربية في واشنطن إلين والد “لطالما تطلعت المملكة العربية السعودية لأن تصبح… مصدرا للنفط وكميات هائلة من الطاقة”. وتضيف لفرانس برس أن هذه الرؤية “بحاجة إلى منشآت للطاقة الشمسية على نطاق ضخم. وما فهمته هو ان المشروع سيتم تنفيذه على أجزاء وليس كمحطة ضخمة واحدة”. ولكن ضخامة المشروع الذي تم الإعلان عنه وأهدافه التي تتطلع الى تحقيق إنتاج أعلى بكثير من احتياجات المملكة المقدرة ب120 جيجاواط من الطاقة بحلول عام 2032، تثير شكوكا. ويقول المدير في قسم الطاقة في شركة “إيه دابليو أر لويد” الاستشارية بارت لوكاريلي “مع إنه يوجد في السعودية الكثير من الأراضي الصحراوية غير الصالحة للزراعة (…) لكنها في الواقع لا تحتاج إلى هذا القدر من الطاقة الشمسية”. ويرى لوكاريلي أن هناك “تكهنات حول إمكانية بناء هذا القدر من الطاقة الشمسية الجديدة ضمن وقت قصير في دولة واحدة. وجهة النظر المتفق عليها هي ان 200 جيجاواط كمية هائلة”. ولكنه يؤكد أن الرياض “بحاجة إلى تحقيق التوازن” بين مصادر الطاقة المتجددة والوقود. وتحتاج السعودية إلى استثمارات ضخمة تؤهلها التعامل مع الكميات الهائلة من الطاقة في إطار مشروع بهذا الحجم، لا سيما لتحديث شبكة الكهرباء وامتلاك منشآت تخزين هائلة بالبطاريات.