بعد أقل من 24 ساعة على إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو توصل بلاده إلى تفاهمات مع مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة على ترحيل آلاف المهاجرين الأفارقة، خضع نتانياهو لضغط اليمين وغضبه على الاتفاق، ليعلن ظهر أمس إلغاءه. غير أن الأمم المتحدة أصرّت على «الحاجة إلى اتفاق يفيد الأطراف جميعاً» وحضّته على «إعادة النظر» في قراره «قريباً». وكانت الدولة العبرية توصلت مع الهيئة الدولية إلى تفاهمات تقضي بترحيل 16 ألف مهاجر أفريقي إلى دول غربية، في مقابل استيعاب حوالى 22 ألفاً آخرين كـ «مهاجري عمل». لكن منذ إعلان الاتفاق أول من أمس، تعرّض نتانياهو لحملة انتقادات شرسة من شركائه في الحكومة في مقدّمهم زعيم «البيت اليهودي» الوزير نفتالي بينيت الذي اعتبر أن الاتفاق يجعل من إسرائيل «جنة عدن للمتسللين»، مطالباً بإحضار الاتفاق إلى الحكومة للتصويت عليه. كما لقي الإعلان انتقادات من وزراء «ليكود» المحسوبين على مقرّبي نتانياهو، إضافة إلى احتجاج من سكان جنوب تل أبيب الرافضين إبقاء المهاجرين الأفارقة في منطقتهم. ونتيجة هذا الضغط، سارع نتانياهو في ساعات الليل إلى نشر تعليق على صفحته في «فايسبوك»، أفاد فيه بأن الاتفاق الجديد «مجمّد»، ليعود ويعلن ظهر أمس «إلغاءه». وحملت وسائل إعلام إسرائيلية بشدة على «تذبذب» نتانياهو و «انبطاحه أمام اليمين» وإلغاء اتفاق موقَّع مع هيئة دولية، متسائلةً عما إذا كانت صفة «التذبذب» ترافقه لدى اتخاذه قرارات تتعلق بمصير دولته. وكان نتانياهو ووزير داخليته أعلنا أول من أمس، أنهما اتفقا مع مفوضية اللاجئين على ترحيل 16 ألف مهاجر أفريقي إلى دول غربية متطورة مثل كندا وألمانيا وإيطاليا، على أن تقوم إسرائيل بترتيب وضع إقامة حوالى عشرين ألفاً آخرين فيها ومنحهم الإقامة الموقتة والعمل المنظم، وذلك بعدما رفضت رواندا استيعاب 38 ألف مهاجر خططت الدولة العبرية لترحيلهم إليها. لكن اتضح لاحقاً أن رئيس الوزراء لم يرتّب هذه المسألة مع كندا وألمانيا وإيطاليا التي سارعت إلى إعلان عدم علمها بالاتفاق. وعزا معلق الشؤون الحزبية في الإذاعة العامة الإسرائيلية حنان كريستال تراجع نتانياهو عن الاتفاق، إلى مخاوفه من انعكاسات موقف الرافضين الاتفاق في معسكر اليمين على موقفهم المؤيد له حتى الآن في قضايا الفساد المنسوبة إليه. وقال إن نتانياهو رأى أن أياً من وزراء حزبه «ليكود» أو «البيت اليهودي» يؤيد الاتفاق، وخشي من تغيير موقفهم في تحقيقات الشرطة معه، «وهو الذي نجح في نيل دعمهم المطلق، خلافاً لما حصل مع سلفه إيهود أولمرت». واعتبر أن نتانياهو «الذي تصرف كرجل دولة لدى إعلانه الاتفاق مع الأمم المتحدة، عاد ليتصرف كسياسي صغير بعد ست ساعات فقط من الانتقادات الشديدة، إذ رأى الانتخابات العامة أمامه وخشي من أنصار اليمين محاسبته».
مشاركة :