أسئلة أدب الخيال العلمي والرعب تتردد على الإيقاع الحزين لرحيل أحمد خالد توفيق

  • 4/4/2018
  • 00:00
  • 23
  • 0
  • 0
news-picture

وسط الشعور بالأسى لرحيل الكاتب الدكتور أحمد خالد توفيق فإن هذا الرحيل المبكر لكاتب مصري عرف بتميزه في أدب الخيال العلمي والرعب يثير تساؤلات حول مدى إسهام المبدعين المصريين في هذا اللون العالمي من الكتابة الذي يحظى بإقبال واضح من الشباب كما يتحول لأفلام سينمائية وخاصة في الغرب. ووري أحمد خالد توفيق ثرى بلدته "طنطا" أمس "الثلاثاء" بعد أن قضى أمس الأول عن عمر يناهز ال55 عاما فيما جمع ما بين الطب والأدب في رحلته بالحياة المصرية ليكون علامة جديدة في ادب الخيال العلمي و"الفانتازيا" والرعب وما يعرف على وجه العموم "بالكتابات الحداثية والجديدة" التي لا تحظى باهتمام أغلب النقاد المصريين والعرب وتلقى تحفظات ومآخذ عديدة في المدارس السائدة للنقد العربي. وإذ عرفت إبداعات أحمد خالد توفيق طريقها لقوائم الكتب الأكثر مبيعا في مصر والعالم العربي وكانت روايته "يوتوبيا" جامعة مابين ملامح أدب الخيال العلمي والفانتازيا فان الآمال كانت معلقة على الدكتور احمد خالد توفيق كأحد أبرز المبدعين على هذا الصعيد في مصر والعالم العربي لتأسيس أدب عربي أصيل في هذا المجال الرحب وهو الذي قدم سلاسل روايات وقصص من بينها :"ماوراء الطبيعة" و"فانتازيا" و"سافاري" و"ايكاروس" و"قهوة باليورانيوم" التي اعتبر البعض أنه تنبأ فيها بموعد رحيله عن الحياة الدنيا حيث وردت عبارة :"سأدفن يوم الثالث من أبريل".وواقع الحال أن أحمد خالد توفيق تطرق مرارا في أعماله للموت ولحظة النهاية ومشاهد الوداع الأخيرغير أن المفارقة حقا أن آخر إبداعاته والتي أعلن ناشرها أنها ستصدر في عيد الفطر المقبل هي رواية تحمل العنوان الدال :"افراح المقبرة".وكانت وزيرة الثقافة ايناس عبد الدايم قد نعت الكاتب احمد خالد توفيق وقالت في بيان ان "الثقافة المصرية والعربية فقدت روائيا عظيما طالما اثرى الحياة الثقافية" منوهة بأن صاحب "نادي القتال" و"موسوعة الظلام" و"عقل بلا جسد" تميز بأسلوبه الممتع والمشوق مما اكسبه قاعدة كبيرة من جمهور القراء. ولئن حملت صفحات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي مشاعر الحزن للرحيل المبكر لهذا الكاتب فقد تضمنت رثاء الكاتب الشاب احمد مراد الذي وصف الدكتور احمد خالد توفيق "بأستاذنا العظيم" فإن محافظة الغربية قررت في لفتة تقدير إطلاق اسم هذا الطبيب النابغ والأديب الموهوب على شارع بمدينته "طنطا".وإذا كانت الثقافة المصرية والعربية قد فقدت صاحب روايات وقصص "الغرفة 207" و"قوس قزح" و"الآن افهم" و"لست وحدك" فان الكاتب احمد مراد يمضي بثقة على طريق كتابة حداثية تخاطب الشباب وتنزع نحو المستقبل مع أجواء حافلة بالاثارة والتشويق.وبدوره عرف احمد مراد الذي ولد عام 1978 بالقاهرة طريقه لقوائم الكتب الأكثر مبيعا في مصر والعالم العربي عبر : "فيرتيجو" وهي أولى رواياته التي ظهرت عام 2007 وتحولت لمسلسل تلفزيوني و"تراب الماس" الذي تستعد الشاشة الكبيرة لعرضه كفيلم سينمائي و"1919" و"الفيل الأزرق" الذي تحول لفيلم سينمائي حظى باقبال كبير.وفيما قال صاحب "الأصليين" أن الكتابة عن المستقبل تتيح مساحة أكبر من الخيال للكاتب وأن معيار النجاح من وجهة نظره لرواية ما ان يقرأها الناس بعد مرور 20 او 30 عاما على صدورها يرى احمد مراد صاحب "موسم صيد الغزلان" أن الرواية التي يستطيع القاريء تخمين نهايتها هي "رواية فاشلة" بينما يمكن للقاريء ملاحظة ان هذا الكاتب المصري الشاب يحرص في أعماله على تقديم "الجديد والمختلف".واحمد مراد الذي تخرج من قسم التصوير في المعهد العالي للسينما ترجمت بعض رواياته مثل "فيرتيجو" من العربية للغات أخرى كالانجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية ، وتشكل أعماله نوعا من الاستجابة الإبداعية المصرية لمعطيات واشتراطات عصر الحداثة وما بعد الحداثة بمعايير الغرب. وإن جنح بعض النقاد لتجاهل أعمال هذا الجيل الشاب لأسباب مختلفة لا تخلو من نظرة شك في مدى الأصالة الإبداعية واتهامات "بتغليب النزعة التجارية والبحث عن النجومية الفارغة من الابداع الحقيقي" ومآخذ كالاستخدام الواسع لمفردات العامية فإن أحمد مراد كأحد أبرز رموز هذا الجيل الصاعد والمتفاعل مع معطيات المشهد الأدبي العالمي وألوانه المتعددة ومن بينها أدب الرعب والخيال العلمي يبدو حريصا على عدم قطع صلته بالجذور والآباء الثقافيين مثل النوبلي المصري الراحل وهرم الرواية المصرية والعربية نجيب محفوظ.وهكذا قال احمد مراد إنه يحب نجيب محفوظ ويحسده أيضا لقدرته على تقديم أعمال جديدة وأفكار مختلفة حتى بعدما تخطى العقد التاسع من عمره منوها أيضا بأن الكاتب الراحل الدكتور مصطفى محمود "من أهم الشخصيات التي أسهمت في تكوين جزء من فكره".ولا تخلو لهجة أحمد مراد من شعور بالمرارة عندما يذهب إلى ما وصفه "بعدم وجود حركة نقدية حقيقية ترسم للقاريء شكل واتجاهات حركة الأدب وترصد كل المدارس الجديد التي تظهر" فيما يؤكد على أنه لا ينزعج من وصفه بالبحث عن النجاح في الكتابة بالمعنى التجاري ودخول "قوائم البيست سيللر" أي قوائم الكتب الأكثر مبيعا التي يرى نقاد أنها خادعة ولا تعبر غالبا عن قيم ومعاييرالابداع الحق .ومثل الكاتب الراحل الدكتور أحمد خالد توفيق الذي كان يكتب بروح الهواية والبحث عن المتعة ولايخجل او يأنف من كلمة "التسلية" يقول احمد مراد الذي وصلت روايته "الفيل الأزرق" في عام 2014 للقائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية ان الهدف "من كل اعماله الأدبية هو المتعة والتسلية ونقل القارئ الى عوالم جديدة".وقد يزيد الشعور بالأسى للرحيل المبكر للكاتب أحمد خالد توفيق الذي تميز في أدب الرعب وإن تأثر بمؤثرات غربية واضحة كما ترجم بعض روايات الرعب من الانجليزية للعربية لأن هذا النوع من الأدب شحيح في مصر والعالم العربي واغلب المتاح منه ترجمات بالعربية لأصول اجنبية ومن ثم فان صدور رواية جديدة بقلم مصري تنتمي لتلك المنطقة الواقعة او العابرة بين أدب الخيال العلمي وأدب الرعب هو في حد ذاته خبر سار خاصة ان كان المؤلف شابا.ولا ريب أن أحمد خالد توفيق يشكل "علامة هامة في أدب الرعب" بمصر والعالم العربي وقد عرف الجيل الذي ولد في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين هذا اللون من الأدب بالعربية بفضل كتاباته وأعمال مثل "سلسلة ما وراء الطبيعة" والتي صدر عددها الأول في عام 1993و كان بطلها "الدكتور رفعت إسماعيل" طبيبا مريضا لكنه قادر على القيام بمغامرات مثيرة في أجواء من الغموض والتشويق حتى العدد الأخير من هذه السلسلة الذي كان العدد رقم 80 وصدر عام 2014.وفي أدب الرعب يمكن تلمس أسماء مصرية شابة مثل الدكتور تامر إبراهيم وحسن الجندي وشيرين هنائي وبسمة الخولي ومحمد عصمت وعمرو المنوفي تشق طريقها لتأسيس هذا النوع الأدبي الذي يحظى بانتشار عالمي وتكاد تحتكره أسماء غربية فيما تبدو بصمات الراحل احمد خالد توفيق واضحة في بعض كتابات تلك الأسماء المصرية الشابة.ومن هنا قال الكاتب والروائي سعيد الكفراوي ان احمد خالد توفيق "ملهم واستطاع عبر نصه الجميل ان يفتح طريقا جديدا ارتفع برواية الخيال العلمي الى مكانة كبيرة واستطاع أيضا أن يوجد العديد من المريدين الذين يكتبون على شاكلته ويستعيرون اخيلته وفي الوقت الذي كان سينصب فيه ناظرا لمدرسة الخيال العلمي جاءه الموت". ويرى نقاد أن الكاتب الراحل نهاد شريف الذي قضى عن عمر يناهز ال79 عاما في مطلع عام 2011 جدير بلقب "رائد ادب الخيال العلمي في مصر" لأنه أول من اقتحم هذه المنطقة الأدبية منذ سنوات بعيدة عندما قدم رواية "قاهر الزمن" التي نشرت عام 1972 ثم توالت اعماله الروائية التي تنتمي لأدب الخيال العلمي مثل :"رقم 4 يأمركم" و"سكان العالم الثاني" و"الذي تحدى الاعصار" و"تحت المجهر" فضلا عن "الماسات الزيتونية" التي ظهرت في منتصف سبعينيات القرن العشرين وتحولت لسهرة تلفزيونية.ومنذ نحو عامين احتضنت القاهرة المؤتمر الأول لأدب الخيال العلمي والذي حمل اسم "نهاد شريف" عرفانا بدوره كرائد لهذا اللون من الابداع في الأدب العربي. ونهاد شريف الذي ولد في الأسكندرية عام 1932 فازت روايته الأولى في الخيال العلمي "قاهر الزمن" بالجائزة الأولى لنادي القصة وتحولت الى فيلم سينمائي قام ببطولته نور الشريف وآثار الحكيم وجميل راتب وحسين الشربيني واخرجه كمال الشيخ. وفي كتاب صدر بعنوان "السينما والأدب في مصر 1927-2000" يقول المؤلف محمود قاسم انه على الرغم من تعدد اعمال نهاد شريف تبقى روايته "قاهر الزمن" درة اعماله حيث جاءت حافلة بالجاذبية واجواء الاثارة والغموض وهي الأجواء الضرورية لروايات الخيال العلمي الناجحة.ولعل هذه السمات-كما يضيف محمود قاسم-في كتابه-هي التي حمست المخرج كمال الشيخ لتقديم هذه الرواية للسينما فيما أشار الى ان فيلم "قاهر الزمن" هو اول فيلم مصري وعربي مأخوذ عن رواية مصرية تنتمي لنوعية الخيال العلمي.ولئن احتل "الموت" حيزا واضحا في اعمال الراحل الدكتور احمد خالد توفيق فقد طرح نهاد شريف في رواية "قاهر الزمن" أفكاره حول "الموت والوجود والعدم وعلاقة الانسان بالغد في قالب روائي علمي مبتكر".وإن كان فيلم "قاهر الزمن" أول فيلم مصري مأخوذ عن رواية مصرية للخيال العلمي فمن الطريف أن يذهب الكاتب محمود قاسم إلى فيلم "إسماعيل ياسين في القمر" الذي ظهر عام 1961 وأخرجه حمادة عبد الوهاب كان باكورة أفلام الخيال العلمي في مصر والعالم العربي.ونهاد شريف الذي درس التاريخ كان يرى ان الأدب العربي في الخيال العلمي لاينبغي ان يقتبس من الأدب الغربي "لأنه فن عربي اصيل" معيدا للأذهان اسم عباس بن فرناس الذي كان اول من حاول الطيران فضلا عما احتوته حكايات الف ليلة وليلة من قصص حول البساط السحري والحصان الطائر وبلورة الرؤية السحرية وطاقية الاخفاء ناهيك عن "مصباح علاء الدين".ومع ذلك فإنه لم يخف تأثره بالكاتبين الفرنسي جول فيرن والانجليزي هربرت ويلز وهما من رواد أدب الخيال العلمي في الغرب كما اعتبر نهاد شريف الذي عرفته الصحافة المصرية لبعض الوقت كمحرر علمي ان كاتب الخيال العلمي العربي بحاجة للبحث على غرار مايحدث في الغرب.وبحكم الزمن وتطوراته والعصر ومتغيراته فان الدكتور احمد خالد توفيق يشكل نقلة نوعية جديدة في أدب الرعب والخيال العلمي بعد الكاتب نهاد شريف الذي دشن هذا اللون من الكتابة في الأدب المصري والعربي فيما تفيد ارقام معلنة بأن بعض اعمال الراحل احمد خالد توفيق تجاوز توزيعها المليون نسخة .فجمهور قراء كتابات الدكتور احمد خالد توفيق ناهيك عن الكاتب احمد مراد ينتمي للعصر الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية الشهيرة "بالانترنت" وهو جمهور جدير بدراسات جادة تدخل في تخصصات مثل علم الاجتماع الثقافي او علم اجتماع الأدب وتحليل اتجاهات "الكتابة الجديدة والقراءة الجديدة". واذا كان من الطبيعي لكاتب الخيال العلمي ان يتناول عالم الروبوت و"يؤنسن الريبوت" او يخلع عليه صفات انسانية كما فعل مصري يعيش في السويد ويتألق في عالم السينما وهو المخرج طارق صالح الذي "يؤنسن كائناته الآلية ورسومه المتحركة" ليصنع فنا يبهر الغرب بقوة الحلم الإنساني فانه من الطبيعي أيضا ان يكون المكان بطلا رئيسا في أفلام الخيال العلمي التي تتميز في الغرب بالحركة والابهار كما انه حاضر بقوة لافتة في اعمال احمد خالد توفيق مثل روايته "يوتوبيا".فالمكان هو الإطار الذي تدور فيه التجارب العلمية أو ينتقل إليه البشر بينما ينبغي أن تكون الأفكار في أفلام الخيال العلمي جديدة وجذابة وذات إيقاع سريع مثلما يفعل المخرج طارق صالح صاحب أفلام "الانيميشن" مثل :"ميتروبيا" و"تومي" وبات يوصف في الصحافة السويدية والغربية على وجه العموم بأنه "من الوجوه التي تثري المشهد الثقافي في السويد".وإذ يرى الكاتب محمود قاسم انه ليس من المجدي في تلك النوعية من أفلام الخيال العلمي ان نتساءل عن تطور الشخصية الدرامية أو عن "مفهوم الخير والشر بمنظور تقليدي" يصنع المصري طارق صالح "سينما الدهشة" في السويد وشمال أوروبا ويعد فيلمه "ميتروبيا" الذي فاز بجائزة مهرجان فينيسيا السينمائي عام 2009 مثالا للمزج بين فن التحريك والخيال العلمي. و يمكن للعين اللاقطة ان تلاحظ في كتابات وابداعات طارق صالح الذي ولد في مطلع عام 1972 ذلك الحلم المستمر بتحقق المستحيل والتمرد على العيش في كهوف من قيود ليحيا تحت سماء الحلم.وبالقدر ذاته يمكن وصف الدكتور احمد خالد توفيق الذي لم يستجب"لنداهة القاهرة او الحياة في العاصمة" واستمر يعمل ويبدع في مدينته "طنطا" بأنه "عبوة أحلام متفجرة" شكلت نقلة جديدة في ادب الخيال العلمي العربي.واللافت ان الدكتور احمد خالد توفيق الذي انخرط في العمل ضمن السلك الأكاديمي بكلية الطب في طنطا كان الكثير من ابطال اعماله في الخيال العلمي من الأطباء واشهرهم "الدكتور رفعت إسماعيل" وكذلك "الدكتور علاء عبد العظيم الذي يعرفه جيدا قراء سلسلة روايات سفاري".كما لا يمكن تجاهل اسهامات طبيب آخر ، الكاتب المصري نبيل فاروق في ادب الخيال العلمي وخاصة سلسلة رواياته الشهيرة "ملف المستقبل" والذي رأى ان هذا النوع من الأدب نادر في مصر والعالم العربي لأنه يتطلب معرفة علمية جيدة وخبرات في مسارات تطور العلم المعاصر.وقد يعيد ذلك للأذهان أن أحد أعظم العلماء في التاريخ الإنساني و"أسطورة الفيزياء التي فقدتها الإنسانية مؤخرا" أي العبقري ستيفن هوكينج الذي تحدى قسى أنواع الإعاقة له اسهامات في أدب الخيال العلمي مثل قصة "المفتاح السري لجورج تجاه الكون".وبمرح وبساطة قال هذا العالم البريطاني الكبير حقا والذي ولد يوم الثامن من يناير عام 1942 في أكسفورد وقضى في الرابع عشر من شهر مارس الماضي :"ما أكسبني شهرة أنني تطابقت مع ما يتخيله الناس في قصص الخيال العلمي عن العبقري المعوق".ومقابل ندرة اعمال الخيال العلمي في الأدب العربي فضلا عن التحفظات العديدة والعميقة للعديد من النقاد المصريين والعرب عموما حيال ما يعرف "بالكتابة الجديدة بما في ذلك كتابات الشباب في ادب الخيال العلمي وروايات الرعب" ووصفها بأنها "أعمال تجارية" يعرف الغرب أسماء ادبية بلغت ذروة النجومية في سماء الكتابة بفضل ادب الخيال العلمي وروايات الرعب.فالمشهد في الغرب يختلف الى حد كبير وروايات كاتب مثل الأمريكي ستيفن كينج والمنتمية لأدب الرعب والخيال العلمي تحظى باهتمام النقاد تماما كما تحتل مكانة متقدمة في قوائم "البيست سيللر" مثل قائمة نيويورك تايمز لأعلى مبيعات الكتب.وروايات ستيفن كينج الذي ولد عام 1947 تشكل ذروة في سماء عالم روايات الرعب وتحمل مؤثرات وخصائص قوية لأدب الخيال العلمي كما ان بعض رواياته مثل رواية "دكتور سليب" تعبر عن منطقة جامعة مابين ادب الرعب وادب الخيال العلمي.فهذه الرواية تعرض لطفل يمتلك قدرات خارقة ويشب عن الطوق مزودا بتلك القدرات ويختار لنفسه اسم "دكتور سليب" فيما يستخدم بعض قدراته لمساعدة العجائز وكبار السن ومعالجة مدمني الكحوليات دون ان تخلو روايته بالطبع من الأشباح الاثيرة في عالمه. وأدب الخيال العلمي الحق في الغرب موضع حسد لقدرته التلقائية على جذب القاريء وفيه يتجلى سلطان الخيال مع "العلم المرح" او التصورات المرحة للعلم كمحاولة لتجاوز المنجز في الشرط الانساني والبحث عن نمط حياة جديد يتجاوز او يقع فوق مألوف الحياة كما عرفها النوع البشري المحبوس بشروطه وفي شروطه!.وتلك رؤية حاضرة في أعمال الأديب الأمريكي وأحد أشهر كتاب الرعب في العالم ستيفن كينج والذي تجاوزت مبيعات رواياته ال350 مليون نسخة فيما لا يجادل وهو صاحب الإنتاج الغزير والعديد من الروايات ومن بينها "كاري" و"الصمود" و"منطقة الموت" و"البريق" و"برج الظلام" في أن بعض الكتاب الذين هم أبعد ما يكونوا عن غزارة الإنتاج قد تركوا بدورهم بصمات خالدة في الكتابة مثل الروائية الأمريكية دونا تارت التي لم تنشر سوى ثلاث روايات ومواطنها جوناثان فرانزن الذي لم ينشر سوى خمس روايات ومع ذلك فانهما يصنفان ضمن افضل الروائيين في الأدب الأمريكي.غير أن "الفجوات المديدة" بين الكتب لمثل هؤلاء الكتاب الموهوبين تكاد تصيب اديب الرعب الأشهر والكاتب الغزير الانتاج ستيفن كينج بالجنون وهو الذي نشر اكثر من 55 رواية وكتب روايته "الرجل الذي يركض" في أسبوع واحد!.هذا مبدع يدرك أن "الحياة قصيرة" كما انه مهموم بفكرة امكانية انطفاء الالق الابداعي ومن ثم فعلي المبدع في نظره ان يترك اكبر قدر ممكن من ابداعاته لهذا العالم قبل الرحيل وهو أيضا كاتب مهموم بحلم الخلود ويحلم بأن يركض إبداعه للأبد في ذاكرة العالم لينتصر المبدع على الغياب وينمو حضوره حتى وهو راقد في صمت قبره .وفي كل الأحوال فإن من ندب نفسه لأدب الخيال العلمي وهو "أدب تجاوز الحاضر" انما انضم ضمنا لتلك الفئة من البشر التي يحق وصفها "بالناطقين باسم المستقبل" وأصحاب الاستسلام اللذيذ للهيام بأحلام تبدو مستحيلة اليوم لكنها قد تتحقق غدا!.فأدب الخيال العلمي في سياق التصورات الفلسفية-الإبداعية للأدب محاولة انسانية لتجاوز ماهو كائن الى ماينبغي ان يكون ومن يكتب هذا اللون من الأدب يدخل في "السلالة المنذورة للغد" التي انتمى لها الكاتب المصري احمد خالد توفيق..وسينتصر هذا المبدع المصري على الغياب وينمو حضوره حتى وهو راقد في صمت قبره..سلام عليه وهو الذي ابدع للمستقبل وكان من الناطقين باسم المستقبل تحت رايات مصر الخالدة.

مشاركة :