لاهاي – اتهمت موسكو الأربعاء الاستخبارات الأميركية والبريطانية بتسميم سكريبال ودعت الدول الغربية إلى الحوار بدلا من أسلوب العقاب، لتجنب أزمة تشبه أزمة الصواريخ الكوبية بينما طالب الكرملين بـ"الاعتذار"، فيما أعلنت روسيا أنها فشلت في الحصول على تأييد غالبية الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الأربعاء لتنضم إلى التحقيق في تسميم سكريبال. كما دعت لاجتماع لمجلس الأمن الدولي الخميس. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن "نظريتهم لن تتأكد بأي حال لأنه من المستحيل أن تتأكد". وأضاف أن "وزير الخارجية البريطاني الذي اتهم الرئيس (فلاديمير) بوتين ورئيسة الوزراء عليهما بشكل أو بآخر مواجهة زملائهما في الاتحاد الأوروبي وعليهما بشكل أو بآخر تقديم اعتذاراهما إلى روسيا". كما طلبت المتحدثة باسم الخارجية الروسية الأربعاء من لندن كشف الوضع الصحي للحيوانات الاليفة لأسرة سكريبال الجاسوس الروسي السابق الذي تعرض للتسميم مع ابنته يوليا قبل شهر. وقالت ماريا زاخاروفا "نملك معلومات ذات مصداقية مفادها أنه كان لسكريبال حيوانات أليفة. أين هي الآن؟ وما حالتها؟ لماذا لم يتحدث الجانب البريطاني عن هذا الأمر؟ إنها كائنات حية وإن كان هناك مواد سامة في المنزل من المؤكد أن تكون هذه الكائنات الحية تعذبت". وبعد أيام من تسميم سكريبال وابنته يوليا في الرابع من مارس/اذار في سالزبري (جنوب غرب انكلترا)، وجهت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أصابع الاتهام إلى موسكو التي نفت أي علاقة لها بالحادثة. وتعليقا على طلب موسكو اجتماع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، قالت وزارة الخارجية البريطانية إن "هذه المبادرة الروسية تكتيك جديد لإبعاد الأنظار وتهدف إلى تقويض عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية". وكانت لندن طلبت من المنظمة "التحقق من تحليل الحكومة" البريطانية. وزار خبراء المنظمة المملكة المتحدة للحصول على عينات من المادة التي استخدمت في تسميم سكريبال لتحليلها في مختبرات دولية مستقلة. وأعلنت روسيا في وقت لاحق أنها فشلت في الحصول على تأييد غالبية الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الأربعاء لتنضم إلى التحقيق في تسميم سكريبال. وقال سفير روسيا لدى المنظمة الكسندر شولغين للصحافيين "للأسف لم نتمكن من الحصول على ثلثي الأصوات لدعم ذلك القرار. كان من الضروري الحصول على الغالبية الموصوفة". وعقد اجتماع المنظمة الأربعاء في مقرها في لاهاي لبحث قضية تسميم سكريبال الذي حملت بريطانيا مسؤوليته لروسيا، غداة اعلان مختبر بريطاني أنه لا يملك دليلا على أن روسيا هي مصدر المادة التي استخدمت في تسميم الجاسوس السابق في انكلترا. كما طلبت موسكو من مجلس الأمن الدولي عقد اجتماع الخميس لبحث القضية، بحسب ما أعلن سفير موسكو لدى الامم المتحدة الأربعاء. وقال فاسيلي نيبنزيا إن روسيا طلبت عقد الاجتماع الخميس عند الساعة 19:00 بتوقيت غرينيتش لبحث اتهام الحكومة البريطانية لموسكو بشن هجوم بغاز للأعصاب على العميل المزدوج السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا، وهو ما تنفيه موسكو. وفي وقت سابق الأربعاء، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أمله في أن "تسود الحكمة" في قضية سكريبال التي تسببت بأزمة دبلوماسية خطيرة بين روسيا والدول الغربية. وقال بوتين في مؤتمر صحافي في أنقرة "نأمل بأن تسود الحكمة وأن يتم الكف عن الحاق هذا الضرر الهائل بالعلاقات الدولية". لا دليل واجتمعت المنظمة بعدما أقر المختبر البريطاني الذي قام بتحليل المادة المستخدمة في تسميم الجاسوس السابق الثلاثاء بأنه لا يملك دليلا على أن هذه المادة مصدرها روسيا. وقال غاري آيتكنهيد رئيس المختبر العسكري البريطاني في بورتون داون "تأكدنا من أن الغاز هو نوفيتشوك وتأكدنا أنه غاز للأعصاب من النوع العسكري"، لكن "لم نتمكن من تحديد مصدره". وأضاف أن تصنيع هذا الغاز يتطلب "أساليب متطورة للغاية وقدرات جهة تابعة لدولة". وسارعت الحكومة البريطانية إلى الرد وقالت متحدث باسمها في بيان "نعلم بأن روسيا سعت خلال العقد الأخير إلى وسائل لإنتاج عناصر سامة بهدف تنفيذ اغتيالات وانتجت وخزنت كميات محدودة من نوفيتشوك". لكن رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي سيرغي ناريشكين قال الأربعاء إن تسميم سكريبال يشكل "استفزازا فاضحا" من قبل الأجهزة الخاصة البريطانية والأميركية. وأكد أن على موسكو ودول الغرب أن تتجنب خطر تصعيد الأزمة الحالية بينها إلى مستوى يشبه أزمة الصواريخ الكوبية. وقال "من المهم وقف المزايدات غير المسؤولة ووقف استخدام القوة في العلاقات بين الدول لتجنب وصول الأمور إلى أزمة صواريخ كوبية ثانية" في إشارة إلى أزمة عام 1962 بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة التي كادت أن تتسبب بنشوب حرب نووية. وكان مصدر دبلوماسي أعلن أن أجواء الاجتماع في لاهاي كانت "مشحونة"، مضيفا أن النقاشات ستستكمل بعد استراحة الغداء. وكانت المملكة المتحدة وحلفاؤها وخصوصا في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي طرد أكثر من 150 دبلوماسيا روسيا من أراضيها. وقد ردت روسيا بإجراءات مماثلة بحق عدد مماثل من دبلوماسيي هذه الدول. ولا يزال سكريبال وابنته في المستشفى في سالزبري. وأعلن المستشفى أن الوضع الصحي للابنة "يتحسن سريعا" و"لم تعد في وضع حرج" بخلاف والدها. وكان المحققون البريطانيون أعلنوا أن الجاسوس السابق وابنته أصيبا للمرة الأولى بغاز الأعصاب في منزل سكريبال.
مشاركة :