نحو عصر جديد في قطاع توليد الطاقة

  • 4/5/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

غسان برغوت * في ضوء حاجة دول الخليج إلى إنتاج 100 جيجاواط إضافية من الطاقة بكفاءة اقتصادية عالية خلال العقد المقبل، تبرز ضرورة اعتماد منهج للتميز يقوم على ثلاثة مرتكزات رئيسية: الهندسة القوية، الابتكار الرقمي، والإبداع التجاري. ويمثل كل مرتكز من هذه المقومات في الوقت ذاته عنصراً جوهرياً في عمليات الأبحاث والتطوير والابتكار، التي تساهم في توفير تدفق مستمر من التقنيات القادرة على إحداث نقلات نوعية تمكّن المنطقة من مواكبة معدلات نمو الطلب على الطاقة، التي تبلغ حالياً 8 في المئة سنوياً.ومن هنا، فإن الفهم الواضح والدقيق للعلاقة بين القدرة على تحمل التكاليف، وتعزيز الكفاءة، وتحسين الأداء سيصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى. وبحلول عام 2050، يمكن للتعداد السكاني في المملكة العربية السعودية أن يرتفع بنسبة 37 في المئة إلى 45 مليون نسمة، وبنسبة 39 في المئة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ليصل إلى 13.1 مليون نسمة، وفقاً للتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة. وبالمقابل، فقد كان عدد السكان عام 1950 في البلدين 3.1 مليون و70 ألفاً، على التوالي، ويمكن ملاحظة هذا التوجه في النمو السكاني على مستوى منطقة الخليج عموماً. ومن جهة أخرى، يتطلب اكتشاف تقنيات جديدة قابلة للتشغيل في القطاع التجاري الكثير من الوقت والجهد والموارد المالية، في الوقت الذي نعيش في عالم يزداد إيقاعه تسارعاً يوماً تلو الآخر. لهذا، إن من يبدأ البحث اليوم، سيحظى قريباً بمزايا تنافسية أكبر في المستقبل. منذ ما يقارب ال 300 سنة، وفي عام 1729 تحديداً، اكتشف الكيميائي البريطاني ستيفن جراي مبدأ توصيل الكهرباء، ليكتشف الكيميائي الفرنسي تشارلز فرانسوا دوفاي في 1733 أن الكهرباء تأتي في شكلين: موجب وسالب. وبعد نحو 150 عاماً من جهود الأبحاث والتطوير، تمكن توماس أديسون في 1879 من اختراع أول مصباح كهربائي في العالم.واليوم، يأتي إطلاق «جنرال إلكتريك» للتوربين الغازي (9HA) تتويجاً ل 150 عاماً أخرى من جهود البحث والتطوير في قطاع توليد الطاقة. وتقدم هذه التقنية للقطاع الصناعي مرونة أكبر، وتتيح للعملاء الحفاظ على استقرار عمليات إنتاج الطاقة والتحكم بصورة أفضل بالتقلبات التي يمكن أن تحدث في الشبكات عبر مزايا تتضمن سرعة التشغيل والتكيف. وساهم توربين «9HA» الغازي مؤخراً في تحقيق محطة «بوشان» لتوليد الطاقة في فرنسا لرقم قياسي عالمي جديد تفوقت فيه على أكثر محطات توليد الطاقة بالدورة المركبة كفاءة في العالم؛ حيث نجحت «شركة كهرباء فرنسا» بالوصول إلى معدل كفاءة بلغ 62.22 في المئة في يونيو/حزيران 2016. ومن جهتها، تواصل «جنرال إلكتريك» استثماراتها في تقنيات التوربينات الغازية؛ بهدف الوصول إلى معدل كفاءة يبلغ 65 في المئة بالدورة المركبة خلال السنوات الخمس المقبلة. وتجدر الإشارة هنا إلى مدى أهمية تعزيز معدلات الكفاءة، فكلما ارتفعت الكفاءة بنسبة 0.1 في المئة فقط فإن ذلك يساعد في خفض تكاليف الوقود بأكثر من 13 مليون دولار على امتداد دورة حياة المحطة. ولا أعتقد بأن رواداً عظماء؛ مثل: جراي أو أديسون ربما اعتقدوا يوماً بالوصول إلى مستوى التطبيقات التشغيلية والتجارية لإنجاز هندسي استثنائي مثل توربين «9HA» من «جنرال إلكتريك». والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الأفكار التي نتخيلها اليوم، التي يمكن للخبراء الهندسيين والتجاريين تحويلها إلى واقع ملموس وأدوات تستخدم على نطاق واسع وترسم ملامح جديدة لمفهوم أمن الطاقة على المستويات المحلية والعالمية؟ لا شك بأن الإجابة عن مثل هذا السؤال سيكون نتيجة بذل المزيد من الجهد والوقت في الأبحاث وعمليات التطوير المبتكرة. ويتضمن مزيج الطاقة المستخدم في المرحلة الراهنة تقنيات الغاز والطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية والفحم والطاقة النووية؛ لكن، هنالك الكثير من الإمكانات والاكتشافات الممكن تحقيقها في هذه المجالات، علاوة على عناصر أخرى يأتي في مقدمتها ضرورة الحد من الانبعاثات الضارة بالبيئة. ويمكن الاعتماد على منهج استباقي يقوم على الحد من النفايات في التمهيد لمرحلة جديدة تزداد فيها صرامة القوانين البيئية في العالم، بما في ذلك منطقة الخليج. وفي السياق ذاته، فإن بناء منظومة تعليمية محلية قوية يشكل منطلقاً مهماً لتسليط الضوء على الخيارات المتنوعة والمتوافرة فعلياً في قطاع توليد الطاقة. والجهود المبذولة على مستوى الأبحاث والتطوير في القطاع تبشر ببداية واعدة. ومن الأهمية بمكان تسليط الضوء أيضاً على النجاحات التجارية المحققة كنتيجة لهذه الأبحاث، ما يعزز من اهتمام المعنيين بالقطاع في منطقة الخليج بدعم مثل هذه المشاريع الجديدة. ولا شك بأن تشجيع المستثمرين على الابتكار سيؤدي إلى تسجيل عدد أكبر من براءات الاختراع المحلية، والارتقاء بمستوى المعرفة الرقمية على نطاق أوسع، ونمو الملكية الفكرية الأصلية. وبدورها، فإن جميع هذه العوامل مرتبطة بنمو الاقتصادات القائمة على المعرفة، وهي من المقومات الرئيسية للرؤى الوطنية للعديد من دول الخليج. ومن جهتها، تواصل «جنرال إلكتريك» العمل على تطوير الإمكانات المحلية في مجال الأبحاث والتطوير عبر مراكز متخصصة؛ مثل: «مركز جنرال إلكتريك للصناعة والتكنولوجيا» في المملكة العربية السعودية، و«مركز جنرال إلكتريك الكويت للتكنولوجيا» في الكويت. وتعمل هذه المراكز على تطوير التقنيات والحلول التي تواكب احتياجات منطقة الشرق الأوسط، وعلى سبيل المثال، تم تطوير عدد من الحلول في المنطقة تشمل إضافات الوقود على توربينات «7E» و«9E» لتكون أكثر كفاءة عند تشغيلها بالنفط الخام أو الزيوت الثقيلة المستخدمة على نطاق واسع في الشرق الأوسط. ومن الممكن لإحدى هذه الإضافات أن تساهم في تحقيق وفورات صافية بقيمة ثلاثة ملايين دولار سنوياً عن كل توربين.وختاماً، وفي ظل المتغيرات المستمرة في السوق، فإن التركيز على الأبحاث والتطوير في قطاع الطاقة يزود السوق بالأدوات الفكرية والتقنية التي تحتاج إليها لجني الأرباح المنشودة، وتحقيق أمن الطاقة في آن واحد. ودون هذه الأدوات، لن يكون من الممكن الاستفادة المثلى من الإمكانات الكبيرة المتوافرة في هذه المرحلة، دون أن نغفل يوماً عن أننا بحاجة مستمرة لتوسعة آفاقنا، وتعلّم المزيد. * الرئيس والمدير التنفيذي الإقليمي لأنظمة طاقة الغاز لدى «جنرال إلكتريك»

مشاركة :