دقائق معدودة، كانت الفارق بين مواصلة المشوار الآسيوي، والتأهل المستحق من جديد إلى دور الـ 16، وبين الوداع الغرفاوي الحزين قبل نهاية الدور الأول. دقائق افتقد فيها الوسط والهجوم ثم الهجوم التركيز للحظات كانت كفيلة بتحول الانتصار إلى خسارة رغم أن الجزيرة سجل هدف التعادل في الدقيقة 70 ولم يسجل هدف الفوز. هذه الدقائق المهمة توقفت فيها مسيرة الفهود، والتي كادت أن تصل إلى قمة المشوار في الدقيقة 67 لو أن أحمد علاء استغل الفرصة الذهبية بانفراده بالحارس وسجل الهدف الثالث وقضى على طموحات الفريق الإماراتي، لكنه أضاع الفرصة السهلة، فارتدت فكانت الهدف الثاني للجزيرة، وهو هدف كان يساوي الكثير، خاصة في ظل معايير المواجهات المباشرة، حيث جعل هذا الهدف كفة الجزيرة أفضل حتى لو لم يفز، وجعله الأقرب معنوياً إلى التأهل وهو ما حدث في نهاية المباراة بهدف ثالث. الغرافة ودع دوري أبطال آسيا في الدور الأول، لكنه ودع بشرف، وخسر بعد أن كافح وقاتل، وبعد أن حاول مواجهة الإصابات والإيقافات التي ضربت خطوطه الثلاثة بغياب كيخادا ومن قبله المهدي علي وسعيد الحاج وفهيد الشمري وثامر جمال في الدفاع، ثم إصابة شنايدر ومهدي طارمي وعدم قدرتهما على إكمال اللقاء في الشوط الثاني بعد أن لعبا في الأساس وهما مصابان. هذا الكم من الغيابات لو تعرض لها فريق آخر لانهار، ولتلقى الخسائر الثقيلة، لكن الغرافة بروحه القتالية، ظهر مقاتلاً عنيداً، تحدى الإصابات والغيابات المبكرة، وتحدى تفوق منافسه بالهدف الأول المبكر، ونجح في العودة، وتعادل وتقدم بالهدف الثاني وكل ذلك في الشوط الأول، وكان الأقرب في الشوط الثاني إلى الهدف الثالث الذي ضاع كثيراً، وضاعت معه أحلام التأهل إلى دور الـ 16 يستحق الغرافة الإشادة لأنه حاول وقاوم، ولم يستسلم، أمام فريق كان مكتمل الصفوف من جميع النواحي للمرة الأولى كما قال مدربه. ويستحق الغرافة ولاعبوه الإشادة لأنهم حاولوا بعد خروج النجمين الكبيرين شنايدر وطارمي، وكانوا الأفضل والأكثر سيطرة، والأقرب إلى المرمى، بدليل أن هدف الجزيرة الثالث جاء من هجمة مرتدة وليس من هجمة منظمة، ومن خطأ متكرر كالعادة من قاسم برهان الذي خرج من مرماه ومن منطقة الجزاء بلا مبرر ليعطي الفرصة لعلي مبخوت مهاجم الجزيرة لتسجيل الهدف الثالث وهدف وداع الغرافة لدوري الأبطال. بشكل عام الغرافة قدم في الشوط الأول أداءً جيداً، صحيح أن الجزيرة تفوق في الدقائق الأولى، وتقدم بالهدف الأول، لكن الغرافة استعاد زمام الأمور، وسيطر على مجريات المباراة، ونجح في إدراك التعادل، وأهدر العديد من الفرص التي كانت كفيلة بتقدمه بأكثر من هدف، وعدم إنهاء الشوط الأول بالتقدم بهدفين لهدف فقط. خروج طارمي وشنايدر الغرافة لم يخسر في الوقت القاتل من عمر المباراة بالهدف الثالث، لكنه خسر اعتباراً من الدقيقة 63 بأول تغيير اضطراري وباستبدال مهدي طارمي لعدم قدرته على إكمال اللقاء بسبب الإصابة، حيث كان هذا الخروج إيذاناً بحصول الدفاع الإماراتي على الراحة التي لم يهنأ بها منذ بداية المباراة لوجود الخطير طارمي، فكان خروجه فرصة رائعة جاءته من السماء وتلقاها تين كات مدرب الجزيرة ليمنح مدافعيه الحرية للانطلاق وراء زملائهم في الهجوم بعد خروج طارمي أملاً في التعادل الذي كان هدفه الأول، وهو ما تحقق بعد 7 دقائق فقط من خروج طارمي، وجاء خروج شنايدر في الدقيقة 75 ليتأكد الجميع أن الغرافة سيخسر المباراة بلا جدال. الخسارة المتوقعة للغرافة بخروج هذين النجمين، لم تكن بسبب افتقاد الفريق لجهودهما، ولكن لافتقاده وجودهما حتى لو كانا يلعبان كما يقال (على الواقف)، ومجرد وجود شنايدر في الوسط حتى لو لم يلعب، ومجرد وجود طارمي في الهجومي حتى لو لم يلعب يصيب الدفاع بالرعب كونه واحداً من أخطر المهاجمين في القارة خروج طارمي ثم شنايدر أثر معنوياً على الغرافة وعلى اللاعبين قبل أن يؤثر فنياً، بعد أن افتقد اللاعبون خاصة شنايدر القائد، والعقل المفكر، وصاحب الخبرة. دروس مستفادة رغم الخسارة ورغم الخروج والوداع من الدور الأول الآسيوي إلا أن الغرافة حقق العديد من المكاسب، أهمها أن الجميع تأكد أنه قادر على العودة إلى مكانه الطبيعي، بعد أن عرف كيف يختار المحترفين المميزين، وكيف يقوم بتغيير (جلده) وإعادة بناء الفريق بلاعبين شباب كان الفريق في أمس الحاجة إليهم في المواسم الماضية بعد أن أصابه الكبر، وأثر عليه كبر سن عدد كبير من لاعبيه. وأثبت مشوار الغرافة أنه قادر الموسم القادم على التواجد بشكل أفضل بعد أن بدأ مرحلة البناء، ووضع لبنة فريق جديد وقوي، يحتاج إلى بعض الدعم في المرحلة القادمة ليعود إلى المقدمة وإلى منصات التتويج، كما كان الخروج من الدور الآسيوي ليس فشلا، بقدر ما هو وقفة جيدة تستحق التقييم من جميع النواحي، ودراسة المشاكل والسلبيات البسيطة التي ظهرت حتى يكون في أفضل حال الموسم القادم. بولنت فرّط في أوراقه مبكراً وقع بولنت مدرب الغرافة في أخطاء استراتيجية خلال المباراة تجعله المسؤول الأول عن الخسارة وعن الوداع.لعل الخطأ الاستراتيجي القاتل الذي وقع فيه أنه دفع بالمصابين مبكراً في التشكيل الأساسي واستنزف قوتهم ولياقتهم مبكراً، وكان الأجدر به أن يبدأ بالشباب واللاعبين الأكثر جاهزية، ويحتفظ بنجميه خاصة طارمي في الشوط الثاني وهو الشوط الذي يتم فيه عادة حسم الأمور. ونعتقد أن بولنت لو اعتمد على شنايدر فقط في الشوط الأول، واحتفظ بمهدي للشوط الثاني لساعده ذلك على حسم الأمور لصالحه، خاصة وأن وجود نجم كبير مثل طارمي أو شنايدر في الدقائق الهامة والحاسمة والصعبة في الشوط الثاني أفضل بكثير وكان يمكنهما أو أي لاعب منهما مساعدة الفريق في تحقيق الفوز. أخطاء برهان تتكرر توقعنا أن يعتمد بولنت مدرب الغرافة على الحارس الشاب يوسف حسن في مباراة الجزيرة وعدم إسناد المهمة إلى قاسم برهان لأسباب كثيرة، أهمها أسباب معنوية حيث يتحمل قاسم مسؤولية الخسارة في المباراة الأولى بأخطائه الفادحة التي أهدت الجزيرة فوزاً غير مستحق. وفي مباراة أول أمس تكررت أخطاء برهان سواء بالهدف الثاني أو هدف التعادل الذي تعامل معه بطريقة غير إيجابية وغير فنية وحاول صد الكرة بطريقة غريبة فمرت منه وسكنت شباكه. وحتى في الهدف الثالث خرج بدون مبرر من مرماه لملاقاة علي مبخوت وكان الأفضل أن يبقى في مرماه ويحاول التصدي للكرة.
مشاركة :