حذر الاتحاد العام التونسي للشغل من استغلال المحطات الانتخابية للمزايدات والتجاوزات والإضرار بمصالح الشعب مشددا على أنه سيبقى منظمة وطنية مستقلة تدافع عن القضايا الوطنية في تصعيد يؤشر على أنه بات يعتبر نفسه معنيا مباشرا بالشأن السياسي ولا يكتفي دوره بالمطلبية النقابية. ودعا في بيان صدر الأربعاء جميع الأطراف السياسية والمسؤولين السياسيين إلى تغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية والفئوية والحزبية وعدم استخدام المحطات الانتخابية القادمة مبررا للمزايدات والتجاوزات والإضرار بمصالح عموم الشعب التونسي. وهذه هي المرة الأولى التي يحذر فيها الاتحاد الأحزاب السياسية من استغلال الاستحقاقات الانتخابية وفي مقدمتها الانتخابات البلدية بصفة مباشرة من تصفية حساباتها ومساوماتها وتعنيق التجاذبات على حساب القضايا الحقيقية للتونسيين. وترى المركزية النقابية أن الأحزاب السياسية ما انفكت تركز نشاطها على المزايدات السياسية والمساومات للفوز بنتائج الانتخابات غير عابئة بعمق وخطورة الأزمة السياسية واللازمة الهيكلية التي تشهدها البلاد. ولا يتردد الاتحاد في التأكيد على أن الأزمة ما كان لها لتتعمق لولا حالة الاستخفاف السياسي التي حالت دون مراجعة جذرية للسياسات الاقتصادية والاجتماعية من قبل الأحزاب السياسية وفي مقدمتها الائتلاف الحاكم الذي فشل في إيجاد الحلول. وتزامن بيان الاتحاد مع موجة من الإضرابات شملت عدة قطاعات حيوية منها النقل والصحة وأيضا موجة احتجاجات شملت بالخصوص مدينة ساقية سيدي يوسف المحاذية للحدود الشمالية الغربية مع الجزائر وعدة بلدات أخرى. إضافة إلى ذلك مازالت الأزمة بين نقابة التعليم الثانوي المتمسكة بحجب أعداد التلاميذ وبين وزارة التربية التي تطالب بعدم استخدام التلاميذ كرهائن. وجدد الاتحاد في بيانه تأكيده على ضرورة ضخ دماء جديدة في مفاصل الدولة، وبالخصوص في مستوى التشكيل الحكومي، على قاعدة صياغة البرامج القادرة على حل المسألة الاجتماعية ومعالجة الأزمة الاقتصادية بكفاءات تتحلى بالخبرة ونظافة اليد والقدرة على المبادرة والولاء لتونس. ويرى مراقبون أن هذا التأكيد يعكس تمسك المركزية النقابية برحيل حكومة الشاهد وتركيز تركيبة جديدة بناء على توافقات استراتيجية تكون منفتحة أكثر ما يكون على القوى السياسية والمدنية والقطع مع استئثار كل من النداء والنهضة بالقرار الحكومي. ويشدد المراقبون على أن خطاب الاتحاد ما كان له أن يتخذ نسقا تصاعديا إلى درجة أنه تدخل مباشرة في العملية السياسية لولا الدعم الذي يحظى به من قبل الرئيس الباجي قائد السبسي. وكان السبسي قد شدد في أكثر من مناسبة على أنه لا يمكن الحديث عن وحدة وطنية وحكومة وحدة وطنية معمقة وموسعة في ظل غياب الاتحاد. وأعتبر الاتحاد في بيانه سياسة التفرّد بالرأي والقرار التي تنتهجها الحكومة في الملفّات الكبرى هي سياسة الهروب إلى الأمام نحو مزيد إنهاك التونسيات والتونسيين بالإجراءات اللاشعبية التي لن تفرز إلاّ مزيدا من التوترات الاجتماعية". ولافت على أن مثل تلك السياسات ستعمق الأزمة الاقتصادية وترسخ الارتهان الخارجي، مؤكدا تمسكه بـ"مبدأ التشاركية في معالجة هذه الملفّات وفق رؤية وطنية واجتماعية واقتصادية تحافظ على مكاسب البلاد وتطوّرها وتحمي المؤسّسات العمومية وتدعّمها لتلعب دورها الوطني." وأعرب عن استنكاره لـ"صمت الحكومة إزاء التهاب الأسعار التي مست كل المواد تقريبا وآخرها قرارها الزيادة في المحروقات، ونعتبر الأجراء وعموم الشعب من أكثر المتضرّرين سواء بعلاقة بقدرتهم الشرائية المتدهورة وبتداعياتها على معيشتهم وعلى مزيد تأزم وضعهم الاجتماعي". وتقول منظمة الدفاع عن المستهلك إن سياسة الرفع من الأسعار التي تنتهجها الحكومة قادت إلى تدهور المقدرة الشرائية للتونسيين بنحو 50 بالمئة وأن عددا من المواد ارتفعت أسعارها بنسبة 200 بالمئة حتى أنها تدهور المقدرة الشرائية طالت الميسورين. غير أن الحكومة تقول إنه لا يمكن تنفيذ برنامجها الإصلاحي دون الرفع من الأسعار وفرض الضرائب لتغذية موازنة الدولة التي تشهد عجزا يصل إلى 6 بالمئة. ويخشى التونسيون أن تقود الأزمة بين الاتحاد والحكومة إلى مواجهة مباشرة وعنيفة خاصة وأن الطبوبي شدد في أكثر من مرة على أن المركزية النقابية دخلت في حرب مع حكومة الشاهد خاصة بشأن تمسكها بعدم التفويت في المؤسسات العمومية. ويرى مراقبون أنه لا حل أمام تونس للخروج من المأزق بين الاتحاد والحكومة إلا برحيل الشاهد وتركيز حكومة وحدة وطنية تحظى بالإسناد السياسي والشرعية.
مشاركة :