في اهتمامه بتعميق الحضور الثّقافيّ وغزل توليفاتٍ متنوّعة، استدعى معرض البحرين الدّوليّ الثّامن عشر للكتاب مساء اليوم (الخميس، الموافق 5 أبريل) العديد من المشاهد الفكريّة متناوبةً ما بين الأدب، الموسيقى، الشّعر، التّاريخ وغيرها، بحضورٍ من المهتميّن بالإصدارات الكتابيّة ومختلف اللّغات والوسائط الثّقافيّة. أولى الفعاليّات المسائيّة انطلقت عبر فعاليّة توقيع الكتب التي يشهدها جناح هيئة البحرين للثّقافة والآثار يوميًّا، إذ وبحضورِ الشّيخة هلا بنت محمّد آل خليفة مدير عامّ الثّقافة والفنون، دشّنت الباحثة البحرينيّة نورة أحمد الشّيراويّ إصدارها الجديد (شيءٌ من التّراث)، الذي تتعمّق من خلاله الشّيراويّ في ملامسة الذّاكرة الجمعيّة والثّقافة الشّعبيّة البحرينيّة، وتحديدًا تلك المتّصلة بالإرث الغنائيّ والشّعريّ، حيث تتنقّل في كتابها من أغاني ليلة الفرح، إلى أغاني الزّفاف، مرورًا بأغاني الطّفولة، أغاني المراداة، وتلكَ التي تنتمي إلى ذاكرة رجالِ المنطقة، تُقابلها الأغنيات الخاصّة بالنّساء والأطفال، بالإضافة إلى أغاني البحر والغوص، والموت والحياة. وعبر هذا التّوثيق لكلّ تلكَ الموروثات الشّعبيّة الغنائيّة والشّعريّة، فإنّ الشّيراوي لا توثّقها فحسب، بل تعيد تجسيد تلكَ اللّحظات بمشاعرها الإنسانيّة وارتباطاتها الحسّبيّة، مبينةً الأبعاد الأنثروبولوجيّة والفلكلوريّة، إلى جانب السّلوكيّات، وأساليب التّعاطي مع المشكلات والأحداث في تلك الأزمنة التي ارتبط فيها الكتاب شرحًا وتفصيلاً وتوثيقًا. كذلك شهد المعرض اليوم الإعلان عن مسابقة (قصص المدارس المصغّرة) التي تُنظّمها مؤسّسة «بحرين ترست»، بالتّعاون مع هيئة البحرين للثّقافة والآثار، وذلك بمشاركة كلٍّ من الدّكتورة فاتن المؤيّد عضو مجلس إدارة المؤسّسة، والسّيّد محمّد مالك منسّق مشاريع المؤسّسة والأخصّائيّة الإعلاميّة نورة الصّوفيّ، إذ وجّهت المؤسّسة دعوتها لكلّ المؤلّفين والرّسامين على المستويين المحلّيّ والعربيّ للمشاركة بتأليف وابتكارِ قصصٍ إبداعيّة مصوّرة، يتمّ توظيفها كطرقٍ مبتكرةٍ للتّعليم، وذلك بالتّنسيق مع مجموعة من المدارس المصغّرة. وقد اشترطت المؤسّسة أن تكون القصّة مكتوبة باللّغة العربيّة الفصحى المُيسّرة، وأن يتعاون الكاتب مع أحد الفنّانين لتصوير أحداث الحكاية، على أن تكون تلك القصص موجّهة للفئة العمريّة من 6 سنوات إلى 17 سنة. وقد أكّدت المؤسّسة بأنّ المشاركة يجب أن تدور أحداثها حول أحد الموضوعات: (من أنا، أفتح دكاني، رحلة حول العالم، أصمّم مدينتي، إعادة التّدوير، أنا طبّاخ ماهر)، كما يجب ألّا يتعدى حجم القصة عن ثلاثين صفحة بما في ذلك الرّسومات، وألّا يكون أيٌّ منها قد نُشِرَ سابقًا. ولفتت المؤسّسة بأن آخر موعد للتّسجيل هو (31 مايو) القادم، وآخر يوم لاستلام المشاركات، هو (1 يوليو 2017)، إذ من المقرّر أن يتمّ الإعلان عن الفائزين في الأوّل من سبتمبر المقبل. ومن التّاريخ والحكايا إلى الشّعر، أحيا الشّاعر الشّيخ خالد بن عيسى آل خليفة أمسيةً شعريّةً شعبيّةً، تقاسم فيها مع جمهوره لغته وقصائده الجميلة، مستدرجًا المحبّة، الحنين، الوطن، القِيَم الإنسانيّة والجمال. يُذكَر أنّ شاعر الأمسية ذو مسيرةٍ شعريّةٍ مليئة بالمشاركات في العديد من المناسبات، وقد دعا مرارًا لتطوير مفردات الشّعر الشّعبيّ وأدواته. وهو نائبٌ لرئيس جمعيّة الشّعر الشّعبيّ، وقد سبق له الحصول على وسام الكفاءة من الدّرجة الثّانية من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدّى. أمّا مبادرة هارموني من مهرجان تاء الشّباب فقد كانت حاضرة بموسيقاها وما غزلته من أغنياتٍ من وإلى المحرّق، إذ استوحت ذلك من فكرة الاحتفاء بالمحرّق عاصمة الثّقافة الإسلاميّة 2018م. وقد قدّمت هارموني في تلك الأمسية العديد من الأغنيات من الأشعار التي كتبها وتغنّى بها أهل المحرّق، كما شاركوا الجمهور بأشعارٍ مغنّاة أيضًا كُتِبَت في هذه حُبّ هذه المدينة التّاريخيّة. وكما رافقَ ركنُ الأطفال العائلات وصغارهم اليوم بمعيّة مركز سلمان الثّقافيّ، فيوم غد (الجمعة، 6 أبريل) موعدٌ آخر يتجدّد خلال الفترة المسائيّة، بدءًا من السّاعة الرّابعة مساءً مع ورشة في فنّ الحياة، تحمل عنوان (خير صديق)، يليها عرض مسرح الدّمى (حزاوي) الذي تتوازى مع ورشة عمل (تصميم مفكّرة التّخطيط)، بالإضافة إلى ورشة (قصّتي بفنّ الأحجار) التي تجيء في وقتٍ لاحقٍ من اليوم، وأخيرًا مسرح الدّمى مع عرض (مسعود والكتاب) وورشة (هيّا بنا نكمل رسم القصّة). وفي يومه ما قبل الأخير (الجمعة، 6 أبريل) يُواصل معرض الكتاب فعاليّاته، إذ تجيء رشا الأمير من لبنان كي تُدلي بشهادتها كناشرة عربيّة مستقلّة تُحبّ الورق والإلكترونيّات، وذلك في السّاعة السّادسة مساءً بقاعة الفعاليّات. وستناقش الأمير في ندوتها العديد من الأسئلة المتّصلة بمواضيع النّشر: ما معنى أن تكون ناشرًا بالعربيّة؟ هل النّاشر موزّع للكتب؟ هل للنّاشر سلطة في فرض كتاب ما على السوق؟ في هذه المطالعة تحاول الأديبة والنّاشرة شرح كواليس المهنة لمن لا يعرفها إلّا عبر واجهاتها، أيّ معارض الكتب، وعبر المنتج المطروح في الأسواق جوار الهواتف والحواسيب. هل يصمدُ الكتاب الورقيّ المستضعف أمام هذه المنافسة الشرسَة؟ هل من قارئ /قارئة عربيّ/ عربيّة اليوم؟ ما هو بروفايله / بروفايلها؟ ماذا ينتظر الكاتب من النّاشر / النّاشرة؟
مشاركة :