نظم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الأربعاء الماضي، محاضرة بعنوان «زايد والتسامح»، ألقاها مستشار في ديوان صاحب السمو ولي عهد أبوظبي، ومدير جامعة محمد الخامس في أبوظبي الدكتور فاروق حمادة، بحضور مدير عام المركز الدكتور جمال سند السويدي، ونخبة من المفكرين والمثقفين، ولفيف من الكتاب والصحافيين، وعدد من الدبلوماسيين المعتمدين لدى الدولة. فاروق حمادة: «ثلاثة عوامل كان لها عظيم الأثر في ترسيخ قيمة التسامح في شخصية الشيخ زايد: الفطرة، والتربية، والثقافة». «لم يكن غريباً أن يلقَّب زايد بـ(منارة التسامح) لأنه استطاع أن يجعل من الوئام منهجاً في التعامل مع الآخرين». «تجلت حكمة زايد في التعامل مع قضايا الحدود، خصوصاً مع السعودية، فأسس لعلاقة راسخة تتطور يوماً بعد آخر». وقد أكد حمادة في مستهل محاضرته أن المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، أسس مدرسة فريدة في الحُكم والسياسة، يتعلم منها القادة في جميع دول العالم، كما تتوجه إليها الشعوب والأقوام؛ لأنها تنطلق من القيم التي تضمَن لشعوب العالم العيش في أمن وسلام. وأشار حمادة إلى أن الشيخ زايد، رحمه الله، استطاع أن يؤسّس نموذجاً ملهماً للتسامح، يمثل مصدر إلهام للعالم أجمع، وهو النموذج الذي تسير عليه القيادة في الإمارات وترسخه؛ لأنها تدرك أهمية ترسيخ قيم التسامح والتعايش المشترك في مواجهة نزعات التشدد والكراهية التي تنتشر في أرجاء المنطقة والعالم. وتابع المحاضر أن هناك ثلاثة عوامل كان لها عظيم الأثر في ترسيخ قيمة التسامح في شخصية الشيخ زايد، رحمه الله، هي الفطرة، والتربية، والثقافة، فقد فُطِر على التسامح والأصالة منذ نعومة أظفاره، وشبّ عليهما في صغره، حينما كانت شخصيته في طور التبلور، فشاب عليهما في كبره وترجمهما لاحقاً في سلوكه الشخصي وفي عمله خلال حكمه لمدينة العين؛ وعُرف عنه أنه كان يجوب مضارب القبائل، القريب منها والبعيد، ليصلح ما بينها سالكاً مسلك التسامح، حاملاً معه الإخاء، ومخلّفاً وراءه الأمن والأمان للجميع، ولهذا لم يكن غريباً أن يلقَّب الشيخ زايد بمنارة التسامح؛ لأنه استطاع أن يجعل من التسامح والوئام منهجاً في التعامل مع الآخرين، سواء مع الأفراد أو القبائل أو دول الجوار، فاستطاع بحكمته أن يحلّ النزاعات الناشبة بين القبائل، ويزيل ما بينها من أحقاد وصراعات، وبات الحَكَم العدل الذي يلجأ إليه الجميع لحلّ خلافاتهم. وبفضل جهوده أصبحت القبائل المتنافرة متوحدة في وطن آمن ومزدهر. كما تجلت سماحة وحكمة الشيخ زايد، رحمه الله، في التعامل مع قضايا الحدود، خصوصاً مع المملكة العربية السعودية، مؤسساً بذلك لعلاقة قوية وراسخة معها، تزداد تطوراً يوماً بعد الآخر. وكان، رحمه الله، يرى أن الخلافات الحدودية بين الأشقاء العرب لا معنى لها، ويجب العمل على حلّها في إطار من التفاهم والتوافق. وأوضح المحاضر أن دور الشيخ زايد، رحمه الله، في ترسيخ قيم التسامح لم يقتصر فقط على محيطه الخليجي والعربي، وإنما امتد إلى العالم أجمع، فقد كان حريصاً على أن تكون قيم التسامح والتعايش والسلام هي الأساس والمنهج الذي ترتكز عليه جميع معاملاته الدولية، فتواصل مع جميع الدول، من دون استثناء، بروح الاحترام والتعاون، حتى إنه خلال فترة الحرب الباردة التي قسمت العالم إلى قسمين، كان غير منحازٍ لطرف دون آخر، واستمر في السير في طريقه النبيل من دون أن يتأثر بالأحداث، فكان سلوكه الرفيع هذا محل تقدير جميع دول العالم وقادتها. كما تجلت سماحة الشيخ زايد، رحمه الله، في التعامل مع الأديان كافة، حيث كان لا يميّز بين دين وآخر، فالناس سواء، ولهذا شملت مساعداته إنشاء وترميم دور العبادة المختلفة ما بين مساجد وكنائس ومعابد؛ لأن جميع البشر يتوجهون في عبادتهم إلى الخالق الأوحد. نهج زايد أكد الدكتور فاروق حمادة، أن نموذج التسامح الذي أسّسه الشيخ زايد، رحمه الله، انعكس إيجابياً في أمرين: الأول أن دولة الإمارات العربية المتحدة تحولت إلى أيقونة للتعايش باحتضانها عشرات الجنسيات من مختلف دول العالم، الذين يعيشون في أمن وسلام بغضّ النظر عن دياناتهم وثقافتهم وعرقياتهم. والثاني التقدير الدولي الكبير الذي تحظى به دولة الإمارات العربية المتحدة، خصوصاً أنها في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تسير على نهج زايد، وتعمل على استدامة قيم التسامح والتعايش المشترك والتآخي بين البشر، باعتبارها الأساس نحو عالم آمن ومستقر ومزدهر.
مشاركة :