تركت وظيفة «ملحق دبلوماسي» بالخارجية من أجل الإخراج!

  • 4/6/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

2018/04/05 تشكل أعماله علامات بارزة في سجل الدراما المصرية والعربية، فقد استطاع أن يقتحم قلوب المشاهدين بأعمال خالدة لا تُنسى، فمجرد وجود اسمه على أي عمل فني، تعتبر شهادة نجاح لهذا العمل، ولد في الثاني والعشرين من مايو عام 1960، وبدأ حياته العملية في مهنة الإخراج في فترة السبعينيات، حيث ظهر في بداية عمله كمساعد مخرج في أحد أهم الأعمال الفنية العربية بمسلسل «محمد رسول الله»، والذي حصل على جائزة الدولة التقديرية للفنون، ويصفه البعض بمخرج المهمشين ومخرج الناس الطيبين، إنه المخرج القدير «مجدي أبوعميرة»، الذي التقته «اليمامة»، وفتحنا خزائن أسراره، في حوار ممتع لا يخلو من الفن والحياة. * طفولتك لم تكن بعيدة عن الشاشة، إذ ظهرت فى برامج الأطفال، وبعض الأفلام، فهل لنا أن نعود قليلاً للوراء..وتخبرنا عن بداياتك قبل الدخول إلى المجال الفني؟ - بدايتي في مجال الإخراج جاءت لأنني منذ طفولتي وأنا موجود في مبنى التلفزيون المصري، فمنذ صغري وأنا أظهر مع «ماما سميحة» في برنامجها للأطفال، وكذلك في عدة أفلام منها فيلم «العقل والمال» مع الراحل الكبير «إسماعيل يس» وأيضاً بعض المسلسلات، كان لهذا عظيم الأثر في تكويني الفني، وقد انبهرت كثيراً بوظيفة المخرج والدور الذي يقوم به، ولاحقاً تركت وظيفة يحلم بها أي شاب في سني من أجل الإخراج، وهى وظيفة ملحق دبلوماسي في وزارة الخارجية. وعندما تعرفت على المخرج الكبير «أحمد طنطاوي»، الذي سمع بمحاولاتي الإخراجية التي قمت بها، فقرر أن يستثمر موهبتي هذه في أعمال أكثر أهمية وأعلى شهرة، حيث اختارني لأكون مساعدًا له في إخراج مسلسل «محمد رسول الله» واستمر التعاون بيننا حتى انتهت كل أجزاء هذا المسلسل، ثم بدأت العمل كمخرج أول في مسلسل «لحظة اختيار»، والذي قام ببطولته الفنان «عمر الحريري» وشاركته البطولة الفنانة القديرة «سميحة أيوب» والفنان «عبدالرحمن أبوزهرة»، وكانت بداية موفقة، حيث لاقى هذا المسلسل قبولًا جماهيريًا عاليًا وقت عرضه لأول مرة لما به من العديد من الأحداث الاجتماعية التي يرى فيها الفرد نفسه وعائلته، وعرض هذا المسلسل لأول مرة في عام 1978م. * لم تدرس الإخراج يوماً، لكنك أصبحت واحد من عمالقة الإخراج فيما بعد، حدثنا قليلاً عن قدومك إلى ميدان الإخراج؟ - الكثير من المخرجين، خاصة مخرجي الدراما، لم يدرسوا في معهد السينما أو معهد الفنون المسرحية، فقديماً كانت هذه المعاهد يلتحق بها من حصلوا على مجموع قليل في الثانوية العامة، نحو 50 % أو شيء من هذا القبيل، أما أنا فقد حصلت على أكثر من 80 % لذا التحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وعموماً.. لدينا نماذج كثيرة لمخرجين كبار لم يدرسوا الإخراج قبل الولوج إلى ميدانه، منهم المخرج الراحل الكبير «نور الدمرداش» فهو خريج كلية التجارة، والمخرج الكبير «محمد فاضل» خريج كلية الزراعة، والمخرجة «أنعام محمد علي» خريجة كلية الأداب، وهؤلاء من كبار مخرجي الدراما في التلفزيون. وعموماً فإنه إذا كان لكل سفينة ربان، فإن المخرج هو ربان العمل الدرامي، دون أن يعني ذلك انتقاصاً من طبيعته الجماعية، وأنا أقيم الكثير من النقاشات والحوارات العميقة مع كتاب النصوص التي يتم ترشيحي لإخراجها. * يعتبرك البعض «ملك الدراما التلفزيونية»، لكن مؤخراً أصبحنا نرى مخرجين ينتقلون من السينما للدراما والعكس، فلماذا بقيت وفياً للدراما؟، ألا تستهويك السينما؟، وما قصة لقب «ملك الدراما التلفزيونية»؟ - في الواقع؛ أنا لا أحب السينما، التلفزيون هو مجالي الذي برعت فيه، حال السينما الآن أصبح مؤسف جداً، فالمنتج يختار النجم «البطل»، وكلاهما يختار المخرج، بعد اختيارهما للنص!، وبالتالي أصبح دور المخرج ليس هو رقم واحد كما هو مفترض وطبيعي، وهذا على عكس المسار السليم للعمل الفني، ففي البدء كانت الكلمة، بمعنى أن النص أولاً، ثم يتم اختيار المخرج، ثم المخرج يختار أبطال العمل. أرى أن السينما في هبوط والمشاهد يخرج من دار العرض لا يتذكر ما شاهده، ولهذا ستجد أن النجوم الكبار هربوا منها، وفي ظل هذا الوضع المؤسف الذي وصلت إليه السينما أجد أنه من الصعب جداً أن أخرج عملاً ليس من صنع يدي، وإنما من صنع المنتج والبطل الذي اختاره! أما قصة لقب «ملك الدراما»، فهذا اللقب يناديني به الكثيرون منذ أن أطلق عليَّ وأنا مساعد للمصور الكبير «سمير فرج»، ثم غاب ل 15 عاماً، وظهر مرة أخرى أثناء إخراجي لمسلسل «الضوء الشارد»، حيث كنت أقوم بتجهيز العمل في المنزل ليتم التصوير في البلاتوه، لكني اضطررت لتقطيع مشهد من المسلسل أثناء التصوير وجاء جميلاً، ومن يومها رافقني اللقب حتى الآن. وكان يطلق من قبل لقب «ملك الفيديو» أو على الراحل الكبير «نور الدمرداش». * أين الدراما التاريخية من خريطة الأعمال الدرامية هذه الأيام؟ - للأسف الشديد؛ منذ عام 2011م، وبعد أن رفعت مؤسسات الدولة يدها عن الإنتاج الدرامي بشكل شبه كامل، اختفت الدراما التاريخية لصالح الدراما التي تبحث عن الربح المادي فقط، بغض النظر عن المحتوى الدرامي أو الطرح الذي يتم تقديمه. * وكيف تنظر إلى الدراما الدينية، خاصة أننا في أشد الحاجة لتصحيح المفاهيم المغلوطة التي باتت منتشرة في معظم المجتمعات الغربية، وحتى العربية، حول الدين الإسلامي؟ - ما ينطبق على الدراما التاريخية ينطبق ذاته على الدراما الدينية، على الرغم من أننا في أشد الحاجة إلى الدراما الدينية، على سبيل المثال؛ في شهر رمضان الذي هو شهر المغفرة والرحمة والإيمان، بات من النادر أن نجد مسلسلاً دينياً، على الرغم من أنه قديماً كان المسلسل الديني يحظى بنصيب الأسد من العرض، لكن سرعان ما خفت وهجه ثم اختفى، ربما لأن المنتج الخاص يجد أن إنتاج مسلسل ديني أمر مكلف جداً، لما يتطلبه من ديكورات خاصة تتطلب ميزانية ضخمة، وفي كثير من الأحيان لا يكون الطلب على شراء المسلسل كبير، وهو ما يشكل خسارة للمنتج في النهاية، وبالتالي يبتعد المنتجون عن إنتاج الدراما الدينية. لذا فإننا نأمل أن تساهم المؤسسات الرسمية في إنتاج مسلسلات دينية تنشر الفكر السديد وتصحح المفاهيم المغلوطة حول الدين الإسلامي. * هل نحن مقبلون على دراما المقاولات مثلما حدث في السينما، حين ظهرت أفلام المقاولات، أم أن الدراما مازالت بخير؟ - لا أظن ذلك، صحيح أن دراما اليوم ليست مثل الدراما قديماً، فالماضي زمن الفن الجميل، حيث كان النص هو الأساس، وكانت الغيرة بين الفنانين والفنانات كانت مقتصرة على التتر فقط وكتابة وترتيب الأسماء والظهور عليه، وأذكر أن الفنان «شريف منير» قد انسحب من الجزء الثاني من مسلسل «المال والبنون» بسبب مكان اسمه في التتر، مما أضر بالمسلسل. * قدمت عديداً من الأعمال الخالدة، التي عشقها الجمهور، لكن لماذا لم يتم استغلال هذا النجاح لتقديم جزء ثان لها؟ - لا أتحدث هنا عن سلسلة ليالي الحلمية، وإنما عن مسلسلات مثل: «الضوء الشارد» و«الحقيقة والسراب» أو تقديم جزء ثالث ل «المال والبنون» وغيرها. صحيح، قدمت مسلسل «المال والبنون» في جزءين، والجزء الثالث لم يكتمل، وقدمت «السيرة الهلالية»، لكن مسلسل «الضوء الشارد» لم يكن من الممكن تقديم جزء ثان، لأن الأحداث كانت قد انتهت، ومسلسل «ذئاب الجبل» كان عبارة عن قصة حقيقية عاشها الكاتب «محمد صفاء عامر» حينما كان وكيلًا للنيابة، لكن وفاة الفنان «عبد الله غيث» أربكت نهاية المسلسل، وبالنسبة ل «الحقيقة والسراب» فكانت هناك مساعٍ لتقديم جزء ثاني منه، لكنني رفضت، لأنه في الحقيقية يبقى الجزء الأول هو الأساس وهو الناجح، واحتمالية نجاح الأجزاء اللاحقة ليست محسومة. * قلت سابقاً إن «الدراما المخابراتية تعتبر أمتع أنواع الدراما»، ولك مسلسل يندرج تحت هذا النمط الدرامي وهو مسلسل «الصفعة»، فهل من الممكن أن تعيد التجربة مرة أخرى مع هذه النوع من المسلسلات؟ - صراحةً، تجربتي في تقديم مسلسل «الصفعة» كانت من أمتع التجارب، خاصة عند تعاملي مع جهاز المخابرات العامة المصرية، التي كانت من أجمل التجارب، فهو جهاز ذاخر بالملفات المهمة التي تحتوي على قصص عظيمة، ومعظمها يصلح درامياً، وأتمنى حقاً تكرار التجربة في تقديم مسلسل مخابراتي، خاصة أن تلك المسلسلات تنمي روح الانتماء داخل الشباب المصري والعربي، والدليل على ذلك مسلسل «رأفت الهجان» الذي مازال يحظى بنفس نسب المتابعة والمشاهدة العالية مهما تمت إعادة عرض حلقاته، وكان له تأثير كبير في روح المشاهد العربي. * هل تصادمت مع الرقابة من قبل؟، أم إنك تضع لنفسك خطوطاً حمراء لا تتجاوزها كي يخرج العمل بسلام من تحت مقص الرقيب؟ - نعم تصادمت مع الرقابة كثيراً، في عديد من المسلسلات مثل: «المال والبنون» و«السيرة الهلالية» و«جحا المصري»، وكانت لي صولات وجولات مع الرقابة، أنا والمؤلف القدير «محمد جلال عبدالقوي» والكاتب الأستاذ «يسري الجندي»، وكذلك كاتبنا الكبير «أسامة أنور عكاشة»، وكنا نناقش كثيراً ونكافح من أجل إيصال وجهة نظرنا، وكنا ننتصر في معظم الأحيان، في الواقع أنا ضد الرقابة، فأنا أجد أن المبدع رقيباً على نفسه، كما أن التلفزيون على عكس السينما، فالسينما يذهب إليها المشاهد بمحض إرادته، أما التلفزيون فهو يخترق البيوت دون استئذان، لذا لا بد أن أكون رقيباً على أعمالي ومدققاً جيداً لما أقدمه للمشاهدين في بيوتهم. وفي رأيي فإن هناك خلطاً لدى البعض بين جرأة الموضوع والمعالجة والفكرة، أو حتى جرأة كسر المألوف فنياً، وأيضاً جرأة الخروج على النسق القيمي الذي يقبله المجتمع، والزج بمشاهد مثيرة، فقط من أجل الوصول إلى الإثارة في حد ذاتها. فأنا أرفض التعليل بأن السياق الدرامي يفرض مشهداً بعينه، يمكن أن يكون صادماً للمجتمع، لأن هناك حلولاً كثيرة فنية على المخرج أن يلجأ إلى أحدها بحنكة دون أن يخرج عن المقبول في هذا الإطار. * برأيك.. هل تراجعت الدراما العربية أمام الدراما الهندية والتركية؟ - الدراما الهندية والتركية للأسف أصبحت منتشرة بشكل لافت للنظر أمام الدراما العربية، وصار لها جمهور غفير يتابعها في مختلف الدول العربية، لا أحب أن أقول إن الدراما العربية قد تراجعت في المقابل، لكن جزءاً كبيراً من نصيبها في المشاهدة قد ضاع منها لصالح نظيرتها التركية والهندية. لكنني أرى أن الدراما الخليجية مؤهلة لتحقيق مزيد من المكاسب في المرحلة المقبلة، بفضل عوامل كثيرة، أبرزها اهتمام مؤسسات إعلامية وإنتاجية عدة بالإنتاج التلفزيوني فيها، فضلاً عن نضوج قاعدة كبيرة من الممثلين والممثلات. * هل لديك أي ذكريات أو علاقة تربطك بالفن السعودي، أو الخليجي عموماً؟ - علاقتي بالفن السعودي علاقة غير مباشرة، ففي عام 1994م أخرجت أول مسلسل درامي للتلفزيون البحريني، حينها لم أقدم نجوم الفن البحريني فقط، وإنما جئت بأبطال للعمل من مختلف دول مجلس التعاون الخليجي، المسلسل كان من تأليف «محمد جلال عبد القوي»، وأعدّ النص خليجياً المخرج «بسام الذوادي»، وكانت قصة المسلسل تدور حول أولاد أبو جاسم، ودور المال وتأثيره على الناس، ودوره في تغيير نفوسهم خاصة أصحاب النفوس الضعيفة، حتى أن المال قد يستطيع التفرقة بين الأولاد وبعضهم. وقد شارك فيه من المملكة العربية السعودية الفنان «إبراهيم الحربي»، و«عبدالمحسن النمر»، و«سمير الناصر» وغيرهم.

مشاركة :