باريس - يتوجه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأحد الى فرنسا، في محطة جديدة من جولته الدولية المندرجة في إطار سياسة الانفتاح والإصلاح التي ينتهجها رجل السعودية القوي. وتأتي هذه الزيارة الرسمية التي تستمر لمدة يومين، بعد جولة استمرت أسبوعين في الولايات المتحدة وسبقتها زيارتان الى مصر وبريطانيا. و في واشنطن، التقى بن سلمان مسؤولين سياسيين كبار ومن عالم الاعمال ووقع اتفاقيات بمئات ملايين الدولارات. وتعبتر الزيارة بالنسبة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حساسة لأنها ستركز على الروابط الثقافية والاستثمارات. ولكن ستكون لإيران ولبنان والنزاع في اليمن حيث تقود الرياض تحالفا عسكريا مشاركا في النزاع الدامي، ايضا حصة في المحادثات، بحسب خبراء. وقال مصدر مقرب من وفد الأمير محمد "هذه ليست زيارة دولة تقليدية"، مشيرا الى انها تتعلق "باقامة شراكة جديدة مع فرنسا، وليس فقط البحث عن صفقات". ومن المتوقع توقيع أكثر من عشر مذكرات تفاهم في مجالات السياحة والطاقة والنقل بين مؤسسات سعودية وفرنسية، بحسب مصدر آخر مقرب من الوفد السعودي. وتأتي زيارة ولي العهد الاولى إلى فرنسا بعد فترة متقلبة شهدت اضطرابات كبيرة وحملة اعتقالات طالت اكثر من 200 شخص (أمراء ووزراء ووزراء سابقون ورجال اعمال) في حملة غير مسبوقة في المملكة. وحصلت خلال فترة الاعتقالات "تسويات" دفع بموجبها عدد كبير من الشخصيات المعتقلة مبالغ باهظة من المال لقاء الافراج عنهم. والتزم الامير محمد بمهمة "اصلاح" المملكة المحافظة التي تعتمد مداخيلها حصرا على النفط، على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. وترافقت هذه الاصلاحات مع استعراض قوة ساهم في تعزيز نفوذه السياسي. ويرى الأستاذ بجامعة برنستون الأميركية برنارد هايكل ان الجولة الدولية التي يقوم بها بن سلمان تهدف الى "حصد الاعترافات والقبول بانه القائد الفعلي والملك المستقبلي في السعودية". ويقول "هذه إشارة إلى كل من المراقبين المحليين والدوليين إلى أنه المسؤول وبإمكانه مغادرة البلاد لأسابيع عدة دون اي تحد لسلطته". وأطلق ولي العهد السعودي في الأشهر الأخيرة العديد من مشاريع الإصلاح التي تُمثّل أكبر تغيير اقتصادي وثقافي في تاريخ المملكة الحديث، واعدا بجعل بلاده أكثر "عصرية" وتدين بإسلام "متسامح ومنفتح". وقد بدأت هذه الرؤية تتحقق. ففي ايلول/سبتمبر 2017، حصلت النساء السعوديات على الحق في قيادة السيارات، في قرار "تاريخي" كان الامير محمّد ملهما له. وسيتم فتح دور للسينما قريبا، في وقت احتفلت النساء السعوديات هذا العام باليوم الوطني جنبا الى جنب مع الرجال، الامر الذي شكل سابقة في البلاد. وتقول كريستين ديوان من معهد دول الخليج العربي في واشنطن لوكالة فرانس برس "ليس هناك الكثير من المودة الصادقة تجاه السعودية في الغرب"، مضيفة "تم الترحيب بخروج أم بي أس (محمد بن سلمان) عن المحرمات السعودية حول النساء والتسامح الديني، ولكن مع قدر لا بأس به من التشكيك المستمر". دفع لعلاقات أمتن بين البلدين ويتوقع مسؤولون سعوديون تشكيل روابط قوية بين الأمير محمد والرئيس الفرنسي ماكرون، نظرا لان الرجلين شابان وأخذا على عاتقهما مهمة اصلاح بلادهما. فقد تدخل ماكرون في أزمة اقليمية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، إثر تقديم رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته على شاشة التلفزيون من الرياض، على ما يبدو بضغط من ولي العهد السعودي. وتراجع الحريري عن الاستقالة بعد هذا التدخل. ويواجه ماكرون تحديا متمثلا في مسعاه لتعزيز العلاقات مع الرياض التي تعد اكبر مصدر للنفط الخام في العالم، مع إدارة علاقات اقليمية اخرى في الشرق الأوسط. وشدد الأمير محمد على توثيق العلاقات مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب، بينما سعى ماكرون الى تحسين العلاقات مع ايران، العدو اللدود للسعودية. وهدد ترامب بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 12 ايار/مايو المقبل، وبإعادة فرض العقوبات ذات الصلة على ايران، ما لم يتم تشديد هذا الاتفاق الموقع في عام 2015.
مشاركة :