قضت محكمة الجنايات بمعاقبة متهم (باكستاني الجنسية) تعزيراً، عن جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار، بالسجن لمدة 10 سنوات وإبعاده عن الدولة، وإلزامه بأن يؤدي الدية الشرعية بقيمة 200 ألف درهم إلى ورثة المجني عليه. عقوبات تعزيرية أفادت محكمة الجنايات بأن أوراق القضية خلت مما يشكل لوثاً يمكن معه للمحكمة ولوج طريق القسامة، كما انتفت الشروط الشرعية التي تقتضيها إدانة المتهم بجريمة القتل العمد، العدوان شرعاً، بما يسقطه عن المتهم، ويتعين أن يصار على هذا المنحى إلى العقوبات التعزيرية المنصوص عليها في قانون العقوبات الاتحادي، وأن تقضي المحكمة بمقتضاها إعمالاً للمادة 266 من قانون العقوبات الاتحادي، التي نصت على أنه يجب على المحكمة أن تقضي بالعقوبات التعزيرية المنصوص عليها في هذا القانون، إذا لم تتوافر الشروط الشرعية للحكم بعقوبات الحدود والقصاص والدية، وإعمالا كذلك للمادة 331 منه، التي جرى نصها على أنه «مع عدم الإخلال بالحق في الدية المستحقة شرعاً، يعاقب من ارتكب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا الفصل بالعقوبات المبينة، وذلك في الحالات التي يمتنع فيها توقيع عقوبة القصاص». وحسب سيناريو الواقعة التي سردتها المحكمة، وقع خلاف بين المتهم والمجني عليه، حيث قام المجني عليه بكسر إصبع المتهم، ثم تدخل زملاء الطرفين وتصالحا، إلا أن زميل المتهم أطلعه على تسجيل لرسالة صوتية من المجني عليه يسبه فيها بألفاظ مشينة ويسخر منه، الأمر الذي أثار حفيظته وأوغر صدره. وزاد غلَّ المتهم تحريض زميل آخر بضرورة تأديب المجني عليه، فانتوى قتله انتقاماً من سخريته منه وسبه وبيت النية لذلك، واشترى سكيناً، واستدرج المجني عليه بزعم معاودة إتمام التصالح في ما بينهما بحضور بعض من زملائهما، وبالفعل التقوا جميعاً في المكان المحدد، وتظاهر بالموافقة على الصلح، واحتفل معهم ابتهاجاً بالصلح. وحال سيرهم جميعاً بالطريق العام، تركهم المتهم يتقدمونه، وتعمد التأخر مع المجني عليه وهو يحادثه، ثم عاجله على حين غفلة، بطعنة سريعة في أسفل الصدر، ثم ألقى السكين أعلى المسجد ولاذ بالفرار وسقط المجني عليه صريعاً مدرجاً في دمائه، وتم القبض على المتهم لاحقاً. وأحالت النيابة العامة المتهم إلى المحاكمة، بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وأنكر المتهم تهمة قتل المجني عليه، وتمسك ببراءته من هذا الاتهام. وطالب والد المجني عليه بالعفو عن المتهم مقابل أن يؤدي له ووالدته الدية الشرعية، وترك أمر تقديرها للمحكمة، فيما تمسكت النيابة العامة بطلباتها الواردة في أمر الإحالة. وطالب المحامي المنتدب للدفاع عن المتهم، علي العبادي، ببراءة موكله، على سند بطلان الاعتراف المنسوب للمتهم في محضر جمع الاستدلالات، وخلو المحضر من مترجم للغة التي يجيدها المتهم، وبطلان شهادة الشهود كونها أتت مرسلة لا دليل عليها. وأشارت المحكمة، في حيثيات حكمها، إلى أن الواقعة وفق التصوير المتقدم، توافرت فيها الأدلة على صحتها وثبوتها قطعياً في حق المتهم تحصيلاً ما شهد به الشهود، وما أقر به المتهم في محضر جمع الاستدلالات، وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية وتقرير البحث والتحري، ومن تسجيل مشاهد شراء المتهم للسكين، أداة الجريمة المستخرجة من كاميرات المراقبة. وأيدت المحكمة دفاع المتهم بخلو الأوراق من الأدلة الشرعية الواجب توافرها لتطبيق عقوبة القصاص عليه، موضحة أن جرائم القتل العمد لا تثبت إلا بالإقرار أو بشهادة شاهدين عدلين أو بالقسامة، إذا توافرت شروطها، وكان الإقرار الذي يؤاخذ به المقر وحده كدليل مستقل هو الإقرار الذي يصدر في مجلس القضاء. وكان الثابت من الأوراق أن المتهم أنكر التهمة المسندة إليه بتحقيقات النيابة العام وأمام المحكمة، وخلت من شهادة شاهدين عدلين على واقعة طعن المجني عليه، والتي أودت بحياته، ولم تتضمن سوى شهادة شخص، وهي لا تكفي لإثبات القتل العمد، العدوان شرعاً، الموجب للقصاص.
مشاركة :