تسجل الاقتصادات العربية نمواً نسبته 2.2 في المئة هذه السنة، وفق توقعات صندوق النقد العربي، و2.9 عام 2019 ، مشيراً إلى أنها «نمت بنسبة 1.4 في المئة عام 2017». وأشار الصندوق في تقرير «آفاق الاقتصاد العربي» لهذا الشهر، إلى أن الاقتصاد العالمي «تعافى في شكل ملحوظ العام الماضي، إذ ازداد مستوى النشاط الاقتصادي في ثلثي دول العالم، مدفوعاً بتحسن نشاطات الاستثمار والتجارة وحزم السياسات التيسيرية، وتعزيز مستويات الثقة، فضلاً عن الأوضاع المواتية للأسواق المالية، وانحسار دورة تراجع أسعار السلع الأساسية». ونقل التقرير تقديرات المنظمات الدولية للنمو العالمي المحقق عام 2017، التي «تراوحت بين 3 و3.7 في المئة، ما يُعتبر أعلى معدل نمو للاقتصاد العالمي بعد أزمة المال العالمية». ولفت صندوق النقد العربي، إلى أن غالبية مكاسب النمو «نتجت من ارتفاع معدل النمو في عدد من الاقتصادات المتقدمة ودول شرق آسيا وجنوبها، إضافة إلى خروج بعض دول العالم من الركود الذي شهدته عام 2016». وتوقع التقرير «استمرار هذا التعافي هذه السنة والعام المقبل، خصوصاً في ضوء الأثر الإيجابي المتوقع للخفوضات الضريبية التي أقرتها الولايات المتحدة الأميركية على نشاطات التجارة والاستثمار في البلدان المتقدمة». وعلى رغم تحسن آفاق النمو في الأجل القصير، رأى أن النمو الطويل الأجل «لا يزال يواجه أخطاراً نظراً إلى تباطؤ معدلات نمو الإنفاق الرأسمالي والإنتاجية، وتراكم مواطن الهشاشة المالية واستمرار التحديات التي تعترض الدول المصدرة للسلع الأساسية». ورصد التقرير «ارتفاع أسعار خامات «أوبك» بنسبة 28.6 في المئة عام 2017 لتصل إلى 52.43 دولار للبرميل»، بدعم «من تعافي النشاط الاقتصادي العالمي في شكل رفع مستويات الطلب على النفط»، من دون إغفال «تأثير الاتفاق لتعديل كميات الإنتاج بواقع 1.8 مليون برميل بدءاً من كانون الثاني (يناير) عام 2017، لاستعادة التوازن في سوق النفط العالمية، ذلك الاتفاق الذي مُدّد العمل به حتى نهاية هذه السنة». وأشار إلى «استمرار ارتفاع الأسعار في الربع الأول من السنة، لتصل إلى 66.5 دولار للبرميل أي بنسبة 27 في المئة، مقارنة بالمستويات المُسجلة نهاية عام 2017، بما يشكل أعلى مستوى للأسعار منذ العام 2015». لذا وفي ضوء تحسن الطلب على النفط، بات توازن سوق النفط العالمية هذه السنة «يتوقف في شكل أكبر على العرض»، وفقاً للصندوق، متوقعاً أن تحفز الأسعار المرتفعة «الزيادة في إنتاج النفط خصوصاً في الولايات المتحدة»، إذ رجح أن «يرتفع إلى 10.6 مليون برميل يومياً بما يمثل أعلى مستوى للإنتاج منذ العام 1970، مقارنة بنحو 9.3 مليون برميل للإنتاج العام الماضي». ومن شأن هذه الزيادة أن «تُبقي احتمالات استقرار فائض المخزون النفطي فوق متوسطه المُسجل خلال خمس سنوات»، ما يرجح أن «يُقيد إلى حد ما من الاتجاه الصعودي لمستويات الأسعار العالمية للنفط خلال هذه السنة وفي 2019». وعن اتجاهات النمو الاقتصادي للبلدان العربية، أفاد التقرير بأن تقديرات نمو البلدان العربية «بلغت نحو 1.4 في المئة عام 2017 في مقابل 2 في المئة عام 2016». وعزا هذا النمو المحدود إلى «تباطؤ النشاط الاقتصادي في البلدان المُصدّرة للنفط، التي انخفض نموها إلى 0.6 في المئة». في المقابل، لا يزال النمو «المعتدل الوتيرة في البلدان العربية المستوردة للنفط، يمثل عاملاً رئيسياً في التخفيف من أثر تباطؤ النمو في الاقتصادات النفطية على معدل نمو الدول العربية كمجموعة». ولم يستبعد «تسجيل تعافٍ جزئي في وتيرة النشاط الاقتصادي في الدول العربية ونموه 2.2 في المئة، بفعل عدد من العوامل الدافعة له». إذ يتوقع في الدول المصدّرة للنفط «ارتفاع النمو إلى 1.7 في المئة في ضوء تواصل الإنفاق الاستثماري المعزز للنشاط في بعض القطاعات غير النفطية، في إطار مضي عدد من هذه البلدان في تنفيذ استراتيجيات للتنويع الاقتصادي، فضلاً عن توقع حدوث تحسن نسبي في الأوضاع الداخلية في بعض بلدان المجموعة، بما يساعد على استعادة جانب من النمو». وقدّر صندوق النقد العربي في تقريره، «استمرار وتيرة النمو المعتدلة في البلدان العربية المستوردة للنفط هذه السنة عند مستوى 3.7 في المئة»، مدعومةً بـ «الزيادة المتوقعة للطلب الخارجي، نظراً إلى تحسن النشاط الاقتصادي العالمي، ما سيعزز الصادرات والاستثمار، فيما ستواصل النتائج الإيجابية المحققة على صعيد سياسات الإصلاح الاقتصادي تأثيرها الداعم للنمو». لذا، توقع «ارتفاع معدل النمو في البلدان العربية عام 2019، إلى 2.9 في المئة بفعل عوامل إيجابية، في مقدمها التوقعات بتعافي النشاط في القطاع النفطي». وعن توقعات الصندوق للأوضاع النقدية في البلدان العربية هذه السنة والعام المقبل، لم يستبعد «تأثرها بتشديد أوضاع السياسة النقدية في الولايات المتحدة، التي سيواكبها عدد أكبر من المصارف المركزية، خصوصاً في ظل انخفاض الهامش المسجل بين أسعار فائدة عدد من العملات العربية والدولار في الفترة الأخيرة». ورأى أن تركيز الموازنات العربية في البلدان العربية المُصدرة للنفط، «سيتمحور حول دعم النمو الاقتصادي من خلال توفير الاعتمادات المالية اللازمة للإنفاق على المشاريع التي ترتفع فيها القيمة المُضافة والتشغيل، وتلك المتصلة ببرامج التنويع الاقتصادي المندرجة في الرؤى والاستراتيجيات المستقبلية لهذه البلدان، خصوصاً في دول مجلس التعاون الخليجي». ولم يستبعد أن تصل الموازنات العامة لبعض الدول إلى «التوازن بين عامي 2020 و2023». أما في البلدان العربية الأخرى المُصدرة للنفط، فتوقع «استمرار العجز في الموازنات العامة إلى مدى زمني أبعد، في ضوء الحاجة إلى زيادة الإنفاق العام لتلبية متطلبات إعادة الإعمار». وخلُص التقرير متطرقاً إلى موازين المدفوعات في الدول العربية كمجموعة، إذ أشار إلى أن عوامل تتمثل في ارتفاع أسعار النفط العالمية والزيادة في صادرات السلع التامة الصنع والمعادن ومشتقاتها، وتحسن الإيرادات من السياحة وتحويلات العاملين في الخارج، «ستؤثر إيجاباً في هذه الموازين». وأعلن أن العجز المسجل في الميزان التجاري للدول العربية كمجموعة «سيتحوّل إلى فائض قيمته 16.5 بليون دولار خلال هذه السنة، ما يمثل نحو 0.6 من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية».
مشاركة :