جسور تصلكم بهم... لا جدران تفصلكم عنهم

  • 4/8/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

صرخ الأب في ابنه المراهق: أنت لاتُحسن صُنع شيء، ولن تكون ناجحًا في حياتك أبدًا، هيا اغرب عن وجهي!هذه العبارات مَثَلٌ لعبارات سلبية كثيرة يُطلقها آباء يحسبون أنهم بها يُربُّون أبناءهم؛ بينما هم يفعلون العكس من ذلك.وقد يرى بعض هؤلاء الآباء أن هذا حَزْم لابد منه لتربية الأبناء، والحق أن هذا ليس حزمًا؛ بل هو تعميم فيه ظلم كبير لأبنائهم.فـ «لاتحسن صنع شيء» و«لن تكون ناجحًا أبدًا»، ثم طَرْد قاس بعدهما: «اغرب عن وجهي»، ليس من التربية الصحيحة في شيء.تبيَّن، في دراسة بحثية تربوية، أن المراهقين الذين عوملوا بصرامة قاسية جنحوا إلى رفاقهم أكثر من آبائهم.وعرَّفت هذه الدراسة «التربية الصارمة» بالتربية القائمة على الزجر والضرب والتهديد بعقوبات لفظية أو بدنية.وذَكَرت الدراسة التي نشرتها دورية «تشايلد ديفيلوبمنت» أن المراهقين الذين يتلقون تربية قاسية يُفضِّلون قضاء أوقاتهم مع أصدقائهم بدل أداء واجباتهم المدرسية، وأنهم لايتحرّجون من انتهاك القوانين للاحتفاظ بأصدقائهم.وحلَّل الباحثون من جامعة بيتسبرغ الأميركية بيانات أكثر من ألف طالب في الدراسة طويلة المدى حيث بحثوا تأثير الظروف الاجتماعية في التطور الأكاديمي والاجتماعي والنفسي للمراهقين خلال المرحلة العمرية بين 12 و21 سنة.واهتمت الدراسة برصد مدى تعرّض المراهقين لاعتداءات لفظية أو جسدية من آبائهم، وتطرّقت إلى قضايا تتعلق بالتفاعل مع نظرائهم وسلوكهم الإجرامي وحياتهم الجنسية، كما تضمنت بيانات عن أعلى شهادة تعليمية حصلوا عليها.تبين للباحثين أن الأبناء الذي تلّقوا تربية صارمة للغاية أو عنيفة صاروا يرون رفاقهم أهم من اتباع القواعد الأبوية، وهو ما أدّى إلى ارتكابهم تصرفات محفوفة بالمخاطر عند بلوغهم السادسة عشرة.وأوضح الباحثون أن هذا أدّى أيضًا إلى تأخّر دراسي لدى هؤلاء المراهقين.وخلُصت الدراسة إلى أن أسلوب التربية العنيف يؤدي إلى التركيز على الحاضر على حساب التركيز على المستقبل، أي أن المراهق لايفكر في مستقبله ولايهتم به من أجل استمتاعه بيومه الذي يعيش فيه، ومن ثَمّ تزيد الميول العدوانية لدى هؤلاء وجنوحهم إلى الجريمة والممارسات الجنسية على حساب أهداف طويلة المدى مثل الحصول على شهادة جامعية.ولابد، بعد هذه الدراسة، من تذكير الآباء والأمهات بأهمية تقديم الرفق على العنف في تربية أبنائهم وبناتهم، والحرص على تقريبهم منهم بدلًا من إبعادهم عنهم، والعمل على إقامة جسور حوار معهم بدلًا من بناء جدران عالية تفصل بينهم.

مشاركة :