يعتبر الخوف من الفشل أمراً طبيعياً يتعرض له الكثير من البشر، وذلك عند الذهاب لمقابلة من أجل عمل جديد، أو اختبار مهم أو أي عمل يؤثر في الحياة ويترتب عليه تغيرات كبيرة في حياة الشخص. وبغض النظر عن مصدر الخوف إلا أن هذا الشعور لا يمنع صاحبه من الإقدام على أي عمل، غير أن هناك من يعاني الخوف من الإخفاق والفشل بشكل مرضي وهو ما يعرف بالأتيكيفوبيا.وفي العادة فإن المصاب بهذا النوع من الرهاب يدرك أن خوفه هذا ليس عقلانياً، وأنه يضخم من حجم المشكلة في عقله الباطن، ما يجعل علاج الخوف المرضي من الفشل أو الإخفاق أمراً صعباً.وينعكس هذا الوهم على المصاب في العيش بنمط حياة يتميز بالحدود الضيقة، ويظهر في إحجامه عن ممارسة معظم الأنشطة الطبيعية، بسبب أنه يرجح احتمال الفشل الدائم، وبالتالي فهو يفضل عدم المجازفة.على سبيل المثال فإن المصاب برهاب الإخفاق يفضل عدم الذهاب إلى الامتحان أو مقابلة العمل الجديد، وذلك لرعبه الشديد من احتمال أن يفشل.وفي هذا الموضوع سوف نوضح مرض الخوف من الفشل بصورة مفصلة، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بهذه الحالة المرضية، ونقدم طرق الوقاية الممكنة وأساليب العلاج المتاحة والحديثة للتخلص من هذه المشكلة. تجارب سلبية تعود الإصابة بالخوف المرضي من الإخفاق إلى عدة أسباب، منها العوامل الوراثية وأخرى تحدث في كيمياء الدماغ، وكذلك ما يعيشه المصاب من تجارب حياتية سلبية.والبداية تحدث نتيجة تصرفات الوالدين والأحداث التي تنشأ نتيجة الفشل البسيط الذي يمكن أن يتعرض له الطفل أو المراهق، وهذه التصرفات لها دور كبير في الإصابة بحالة من الخوف غير العقلاني من الفشل، وتلازم الطفل أو المراهق في المراحل العمرية المتقدمة.وكذلك عندما يواجه الإنسان فشلا ذريعا وهو غير مستعد للتعامل مع المشاعر التي تنتج عنه، وبالتالي يصاب بخوف من الفشل على المدى البعيد، ويشير الباحثون إلى أن بعض المصابين بهذا النوع من الخوف المرضي يكون لديهم استعداد وراثي للقلق، ما يضاعف من حجم المشكلة.وبسبب خطأ التربية الذي يربط بين منح الحب من الآباء وتحقيق الأداء الجيد، فإن الطفل يعيش تحت ضغط مستمر وخوف لا ينتهي من الفشل، والذي يترتب عليه حرمانه من حب والديه.والمجتمعات التي تتسم بالمنافسة الكبيرة يزداد فيها هذا الخوف المرضي، حيث يربط المصابون بهذا الاضطراب بين احتمال الفشل وزيادة المنافسة، وهو ما يجعلهم يحجمون عن أي موضوع تنافسي مع الآخرين، أصبح المجتمع المعاصر يعرف الشخص الجيد على أنه من ينجح في جميع مناحي الحياة، وهو لا يعترف بأن الفشل جزء من تجربة النجاح، وهذا الأمر يجعل المصاب بالأتيكيفوبيا يبتعد عن المحاولة، لأنه يشعر بصعوبة الوصول للكمال المطلوب منه. نفسي وفسيولوجي يوضح المحللون النفسيون أن هناك عدداً من أعراض رهاب الإخفاق تعد هي الأكثر انتشاراً، ويمكن أن يعبر المصاب عن الأعراض بشكل نفسي وفسيولوجي في ذات الوقت يشعر المصاب بالخوف المرضي من الإحباط، بالتردد الكبير أثناء القيام بأي نشاط جديد أو مشروع صعب.وتعد المماطلة والقلق الدائم من أبرز العوامل التي تؤدي إلى التدمير الذاتي، وتصل في بعض الأحيان إلى أن يتوقع الفشل أثناء السعي لتحقيق أهدافه في الحياة.كما أن السعي إلى تحقيق الكمال يدفعه إلى الاكتفاء بالأعمال التي يستطيع إنجازها بشكل ناجح ولا يحاول في أي أعمال جديدة، ويعاني المصاب برهاب الإخفاق من بعض الأعراض الفسيولوجية.وعلى سبيل المثال اضطرابات في المعدة وغثيان وإسهال، وضيق وسرعة في التنفس وعدم انتظام ضربات القلب، كما يصاب باحمرار في الوجه وإفراز زائد للعرق وجفاف الفم، ويعاني من الصداع دون سبب واضح، ويمكن أن يصاب بشد عضلي وارتعاش وارتباك، وشعور عام بالفزع وحالة عامة من الإعياء، تظهر عليه هذه الأعراض عندما يواجه المريض إمكانية الفشل.وهذا إذا طلب منه تنفيذ مهمة يعتقد أن نسبة نجاحها لا يمكن أن تكون 100%، وفي هذه الحالة يمكن أن يعاني من حالة انهيار تامة.وتكرار هذا الأمر معه يفقده الثقة في نفسه، وبالتالي يمكن أن يصاب بحالة من الاكتئاب، وكذلك فإن المصاب برهاب الإخفاق يتجنب الحالات التي يمكن أن يتعرض فيها للمواجهة، والتجنب والتوخي يعيق حركة المصاب ويضيع عليه الفرص في جوانب حياته المختلفة، مثل أن يفضل البقاء في عمله الذي لا يأخذ منه حقه المشروع أو ألا يطالب بالترقية، كما أن عدم التغلب على هذا القلق في حد ذاته شكل من أشكال الفشل. التنويم المغناطيسي ويفيد الإرشاد في التعامل مع فوبيا الإخفاق، ويمكن أن يساعد المصاب مستشار يثق فيه على أن يتصالح مع خوفه، ويطور أساليب مواجهة جديدة للتعامل مع المواقف العصيبة.ويتم تعليم المرضى تطوير أساليب أكثر صحية لمعتقداتهم الشخصية عن الفشل، حتى يكونوا قادرين على إدارة القلق والتحكم به بطريقة فعالة، ويمكن أن يحتاج المصاب في بعض الحالات لعلاج القلق بشكل أقوى مثل التنويم المغناطيسي، والعلاج النفسي والبرمجة اللغوية العصبية،وكذلك تفيد برامج المساعدة الذاتية في التغلب على هذا النوع من الخوف المرضي، ومن هذه الطرق الحساسية المنهجية وتتضمن مواجهة تدريجية للحالات والظروف التي يمكن أن يخشاها المريض، وكذلك العلاج بالتعرض، حيث يتعرض المريض للحالات التي يشعر فيها بالخوف حتى يتلاشى بصورة تدريجية.ويمكن للتغلب على فوبيا الإخفاق أن يقوم المصاب بتقسيم المهام الكبيرة إلى أخرى أصغر وذلك حتى يتمكن المريض من التحكم فيها، وعامة فإن فهم وتقدير تجربة الفشل أمر حيوي للمصاب، وهو يجعله قادرا على التغلب على خوفه من الفشل. الانعزال والاكتئاب والنصائح يؤدي الخوف المرضي من الإخفاق والفشل إلى أن يعتزل الشخص المصاب به الآخرين، ويشمل هذا الاعتزال المناسبات الاجتماعية والعمل والدراسة ومعظم اللقاءات المجمعة، فلا يذهب لأي مكان.وبسبب هذه العزلة التي يفرضها على نفسه فإنه يتعرض للإصابة بالاكتئاب، كأحد الآثار الجانبية لحالة الخوف التي تلازمه، ويتحول كثيرون من المصابين برهاب الإخفاق إلى تعاطي المخدرات والكحول، كنوع من الهروب ونتيجة التعامل بصورة خاطئة مع هذا الخوف.ويمكن أن يقدم بعض المصابين بهذا الاضطراب على الانتحار، الذي يمثل لهم الطريق الوحيد للخروج من أزماتهم وبسبب معاناتهم من الأعراض والمضاعفات المختلفة، توجد بعض النصائح الإرشادات العملية التي تخفف من أعراض رهاب الفشل.ومن هذه الإجراءات تحليل جميع العواقب المحتملة، حيث إن كثيرا من المصابين يخشون الأشياء والمهام المجهولة بالنسبة إليهم، ولذلك فإن النظر في جميع النتائج المحتملة يقضي على هذا الاضطراب.ويعد التفكير الإيجابي وسيلة قوية للغاية في بناء الثقة بالنفس، وتجنب الآثار المدمرة للتفكير السلبي، ويساعد النظر إلى السيناريو الأسوأ على عدم الخوف منه، على الرغم من أن الأمر يمكن أن يكون كارثياً.وفي أحيان أخرى لا يكون سيئا لهذه الدرجة التي يعتقدها المصاب، وكذلك يفيد وضع خطة بديلة في كسب المزيد من الثقة، في حال ظهور عراقيل أو صعوبات يمكن أن يتم تجاوزها بسهولة، والحياة مجموعة معقدة من التجارب المختلفة والمتنوعة، والفشل جزء لا يتجزأ منها، وهو ينعكس على الإنسان في أنه يتعلم شيئاً جديداً، وفوائد التعلم تفوق الخسارة بكثير حتى لو كانت مادية. معدلات الإصابة تشير الدراسات والإحصاءات الحديثة إلى أن اضطراب «الأتيكيفوبيا» يبلغ متوسط الإصابة به عالمياً 25% من عدد سكان العالم، ويختلف من حيث شدته من بلد إلى آخر.وعلى سبيل المثال، فإن معدلات الإصابة بهذا الاضطراب في اليابان أعلى من نظيرتها في الولايات المتحدة الأمريكية، وبحسب عدد من الدراسات فإن هناك نحو 20% من البشر يمكن أن يؤجلوا أموراً مهمة في حياتهم، بسبب حالة الخوف المرضي من الإخفاق.وأوضحت الدراسات أن الإنسان عندما يتعرض لحالة من مواقف الفشل، ترتفع لديه نسبة بعض الهرمونات مثل الإدرينالين، والدوبامين، وهذان الهرمونان مهمان للغاية في تنظيم ضغط الدم والنبض، ويؤدي ارتفاع هذين الهرمونين إلى أعراض تشبه الذبحة الصدرية، ولذلك يعزو بعض الباحثين أعراضاً من التي تصيب مريض فوبيا الفشل إلى زيادة نسبة هذه الهرمونات التي يمكن أن تؤثر في صحة الشخص في المدى البعيد، حيث تتضرر أنسجة القلب، والجهاز المناعي، وغيرها، من الأعراض المزعجة، ما يتطلب اتخاذ هذه الحالة على أنها مرض حقيقي، ويجب علاجه والتخلص من أعراضة التي تنعكس على حالة الشخص العامة، وتسبب له أضراراً مرضية حقيقية فيما بعد.
مشاركة :