يعد هوس إزالة الشعر باليد أحد الاضطرابات النفسية التي يعانيها الكثيرون، وفيه يفقد المصاب السيطرة على نفسه عند اقتلاع ونزع شعره من مختلف أنحاء جسمه مثل شعر الرأس والشارب واللحية والحواجب، ما يؤدي إلى ترك بقع فارغة من الشعر في الرأس أو الحاجبينويحدث بسبب الشد المتكرر في الحالات الشديدة تشوهات واضحة، تؤثر في شكل المريض وهو ما يسبب آلاماً نفسية له ومضاعفات جسدية ومشاكل اجتماعية، ويعتبر بعض الباحثين اضطراب هوس نتف الشعر نوعاً من الإدمان على عادة معينةفي حين أن البعض الآخر يعتبره عادة يتعلق بها الفرد كوسيلة تخفف من الضغوط النفسية الواقعة عليه، وهناك من يقومون بنتف الشعر عمداً، أي أنهم يدركون ما يفعلونه.وهناك من يقومون بالأمر لا شعورياً، كما أن هناك من يقومون بنتف الشعر عمداً في حالات ولا شعورياً في حالات أخرى، ويرتبط الأمر بالوضع والحالة المزاجية، ويمكن أن تكون هناك أوضاع أو نشاطات تثير الرغبة في نتف الشعر لدى المصابين بهذا الاضطراب، مثل إرخاء الرأس على راحة اليد أو تسريح الشعر.وفي هذا الموضوع سوف نتناول الأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة المرضية، ونقدم طرق الوقاية والعلاج للتخلص منها. الأنواع والمسببات يمكن تقسيم اضطراب هوس إزالة الشعر إلى 3 أنواع، النوع الأول «التلقائي» وفيه يقوم المصاب بنتف الشعر دون وعي أو انتباه لهذا الأمر، بل هو يفعله خلال القيام بأعمال أخرى مثل القراءة أو تصفح الإنترنت ولا يشعر المصاب بالضيق أو المتعة في القيام بهذا الأمر. وفي النوع الثاني يقوم المصاب بالنتف القهري من أجل التخلص من شعور بالضيق تجاه أمر ما، وهو لا يقصد بهذا الفعل الحصول على المتعة.وينتج النوع الثالث وهو النتف الاندفاعي عن رغبة داخلية عند الشخص من أجل أن يشعر بالمتعة، إلا أنه يشعر بالندم والضيق بعد قيامه بالأمر، تعتبر أسباب اضطراب هوس نتف الشعر مجهولة حتى وقتنا هذا. العوامل المساعدة ويعزو بعض الباحثين مثل هذه الاضطرابات المعقدة إلى مزيج من العوامل الوراثية والبيئية، كما يمكن أن تلعب تشوهات المواد الكيميائية الموجودة بصورة طبيعية في الدماغ، مثل الدوبامين والسيروتونين دوراً في الإصابة بهذا الاضطراب، وهناك أبحاث أشارت إلى اضطرابات واضحة في مستويات النواقل العصبية وبالذات في السيروتونين لدى المصابين بهذا الاضطراب.وهناك عدد من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بهوس نتف الشعر منها، الوراثة حيث يمكن أن يصيب هذا الاضطراب من لديهم أقارب مصابون به، ويمكن أن تحدث الإصابة بهذا الهوس في فترة المراهقة المبكرة، في الفترة التي تتراوح أعمار المصابين ما بين 11 إلى 13 سنة.وفي الغالب تستمر المشكلة معهم مدى الحياة، ويكون نزع الشعر في بعض الحالات وسيلة للتعامل مع المشاعر السلبية، مثل القلق والتوتر والضغط النفسي والإحباط، ويجد المصابون بهذا الاضطراب نوعاً من الرضا عن أنفسهم بنزع الشعر، كما أنه يوفر قدراً من الراحة النفسية لهم، ولذلك يستمرون في نزع الشعر حتى يحافظوا على هذه المشاعر الإيجابيةوتدفع بعض الاضطرابات الأخرى مثل الاكتئاب أو القلق أو اضطراب الوسواس القهري للإصابة بهوس نتف الشعر، وكذلك يمكن أن تكون هناك أسباب عضوية تتعلق بالجزء المسؤول في المخ عن أحاسيس الخطر والخوف. رغبة عارمة تتضمن أعراض هوس نتف الشعر الرغبة العارمة في نزع الشعر وذلك بصورة متكررة، وفي العادة تكون المناطق الأكثر تعرضاً للنتف هي: الرأس والحاجبان والرموش.ويشعر المريض بالتوتر قبل نزع الشعر أو عند محاولة مقاومة نزع الشعر، في حين أنه يشعر بالراحة عقب القيام بهذا الأمر، وفي بعض الحالات يلعب المريض بالشعر المنتوف، ويمكن أن يمضغه أو يأكلهوبسبب تكرار عملية النتف يكون الشعر في أماكن قصيراً للغاية، كما تظهر بقع خالية من الشعر على الرأس، أو في مناطق أخرى مثل الحاجبين والرموش، وهي التي قام المريض بنتفها.ويصاحب نزع الشعر تفضيل المريض لنوع معين من الشعر، كما أن معظم المصابين بهذا الهوس يقومون أيضاً بقطف الجلد أو قضم الأظافر أو مضغ الشفاه، وكذلك يمكن أن ينزع المريض الشعر من الحيوانات الأليفة أو الدمى أو الأغراض الأخرى مثل الملابس أو الأغطية ومن أبرز أعراض هذا الاضطراب أن المصابين ينزعون الشعر سراً ويحاولون إخفاء إصابتهم عن الآخرين. الاكتئاب والقلق يمثل اضطراب هوس نتف الشعر عبئاً على كاهل المريض، وهو ما يصيبه بحالة من الضيق النفسي، حيث يشعر بالخزي والإحراج نتيجة لهذا الأمر، ويؤدي ذلك إلى انخفاض قيمته الذاتيةويمكن أن يصاب بالاكتئاب والقلق، ويمنع الخجل الذي ينشأ نتيجة البقع الصلعاء في رأس المصاب من أن يشارك في النشاطات الاجتماعية المختلفة، لأنه يؤثر في مظهره وشكله العامكما تتأثر البشرة بالنتف المتكرر للشعر، حيث يؤدي إلى إصابة البشرة بالكشط ومشاكل أخرى على رأسها الالتهابات، وفي حالة المصاب الذي يأكل الشعر، فإن كرات الشعر تسبب اضطرابات هضمية مع الوقت، من أبرز أعراضها التقيؤ وفقدان الوزن والانسداد المعوي، ويمكن أن يصل الأمر إلى الوفاةويشير الباحثون إلى أن هوس نتف الشعر اضطراب طويل الأجل، وتختلف شدة الأعراض في حالة تركه دون علاج، فعلى سبيل المثال تزداد حدة الأعراض عند النساء خلال فترة الحيض بسبب التغيرات الهرمونية، ويستبعد الطبيب المعالج في بداية علاجه لمريض هوس نتف الشعر الأسباب الأخرى المحتملة لفقدان الشعرويمكن للطبيب إدراك أن المصاب يعاني هذا الاضطراب عن طريق فحص البقع الخالية من الشعر، وعلى المريض أن يتفق مع الصفات اللازمة للتشخيص، ومنها أن يقوم بتكرار نتف الشعر ما ينتج عنه فراغات في الجلد.ولا تزال الأبحاث محدودة في علاجات اضطراب الهوس، غير أن خيارات العلاج ساعدت كثيراً من المصابين في تقليل نزع الشعر أو التوقف تماماً عنه. خلط عدة عناصر يعتبر التدريب على استبدال هذه العادة بالعلاج النفسي أساساً للنجاح، وهذا النوع من العلاج يساعد على التعامل مع المواقف التي من المحتمل أن تدفع المريض إلى نزع الشعر عند مواجهتها، واستبدالها بسلوكيات أخرىوعلى سبيل المثال أن يقبض يده لفترة حتى تزول الحالة التي يعانيها، أو أن يغير اتجاه يده من شعره إلى أذنه، ويمكن في أحيان أخرى خلط عناصر من علاجات أخرى مع التدريب على قلب العادة وتشمل العلاج المعرفي ويساعد على مواجهة ودراسة المعتقدات المشوهة، التي يمكن أن تراود المصاب والمتعلقة بنتف الشعر.كما يساعد علاج القبول والالتزام في تعلم قبول الرغبات في نزع الشعر دون التأثر بها، ولا توجد أدوية خاصة بعلاج هذا النوع من الهوس، ومع ذلك تساعد الأدوية المضادة للاكتئاب في السيطرة على الأعراض،وعامة يجب أن تكون المزايا المحتملة للأدوية متوازنة مع الآثار الجانبية، ومن الأمور التي تساعد على التخلص من هذا الاضطراب الانضمام إلى إحدى مجموعات الدعم، حيث يقابل المصاب آخرين يعانون من تجارب مماثلة وبالتالي يتعاطفون معه. سن مبكرة كان أول ظهور لمصطلح هوس نتف الشعر على يد طبيب فرنسي يسمى هنري هالوب قرب نهاية القرن الثامن عشر، وفي البداية كان النظر إليه أنه عادة سيئة، ومع نهاية القرن العشرين ترسخ مفهوم أنه صورة مرضية تحمل جوانب نفسية.وتشير الأبحاث والدراسات إلى أن هذا الاضطراب يبدأ في سن مبكرة للغاية تصب في بعض الحالات إلى السنة الأولى، لكنه في الغالب يبدأ بين سن 8 إلى 14 سنة، وبحسب الدراسات فإن نسب الإصابة بهوس نتف الشعر في مرحلة الطفولة متساوية بين الذكور والإناث، غير أن الشائع انتشاره لدى الإناث في مرحلة المراهقة والبلوغ، وتصل النسبة ما بين 3% إلى 5% في الإناث، في حين لا تتجاوز 2% في الرجال.وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة الإصابة بالمرض في المجتمع حوالي 1%، وكانت دراسة حديثة أظهرت أن نتف الشعر يمكن أن يمنع في بعض الحالات من تطور الإصابة بالصلع، ويعود ذلك إلى تحفز بصيلات الشعر المجاورة.وبحسب الباحثين الذين أجروا الدراسة على الفئران بهدف تحديد أسباب الصلع وكيفية مكافحته، فإن البصيلات المتضررة من النتف ترسل إشارات إلى بصيلات الشعر المجاورة، من خلال إفراز بروتينات خاصة تحفز هذه البصيلات، وبالتالي تظهر خلايا مقاومة لتساقطه في هذه المنطقة وتحفز نموه.
مشاركة :