«نسيان الأطفال داخل المركبات».. إهمال آباء يضع الصغار على «حـافةالموت»

  • 4/8/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

حذّر مختصون في الأمن وحماية الطفل والقانون، من تكرار حوادث نسيان الأهالي أطفالهم داخل المركبات، ما يعرضهم للاختناق والوفاة، مطالبين بتطبيق العقوبات التي نص عليها قانون الطفل (وديمة)، بحق كل من يترك طفله بمفرده داخل المركبة، وهي عقوبة الحبس والغرامة. غازات سامة أطلقت وزارة الداخلية وشرطة أبوظبي، في وقت سابق، حملات توعية بخطورة ترك الأطفال بمفردهم داخل المركبات، مؤكدتين أن رعاية الأطفال والاهتمام بهم مسؤولية جماعية، وهي من أولويات الآباء والأمهات، إذ يجب عليهم عدم التهاون في مثل هذا الأمر، لتجنب تعرّض الأبناء للحوادث. ونصحتا بعدم ترك الأطفال بمفردهم داخل المركبات، في جميع الحالات، وإن كان المكيف يعمل، كونه ليس آمناً، كما يمكن أن يحاول الطفل العبث بالمركبة، لذا ينصح بأخذ الأطفال من المركبة أثناء التوقف، ولو كان ذلك لدقائق معدودة. وأوضحتا أن الأطفال عادةً لا يستشعرون بالمخاطر التي تحيط بهم، نتيجة قلّة إدراكهم، وبالتالي يتوجّب على أولياء الأمور حماية أطفالهم من جميع أنواع المخاطر، ويعتبر دور الأسرة حيوياً في هذا الإطار. كما أن ترك الأطفال وحدهم داخل المركبات دون تشغيل، خصوصاً خلال الصيف، يعد أمراً في غاية الخطورة، لأن الحرارة العالية تعمل على زيادة ضغط الأكسجين داخل المقصورة، ما يسهم في تبخر الغازات السامة من المقاعد والمحتويات الداخلية للسيارة المصنوعة من البلاستيك والجلد والإسفنج، وبالتالي اختناق الأطفال. إحصاءات ■أنقذت شرطة أبوظبي في فبراير الماضي، طفلاً تُرك بمفرده داخل مركبة في منطقة البطين بأبوظبي. ■في سبتمبر 2017، توفيت طفلة مواطنة (ست سنوات) اختناقاً في أبوظبي، بعد نسيانها داخل مركبة ذويها ست ساعات متواصلة. ■في سبتمبر 2017، تمكنت «الدفاع المدني» في رأس الخيمة من إخراج طفل يبلغ من العمر سبعة أشهر، بعد أن انحصر داخل مركبة ذويه بالقرب من أحد المحال التجارية. ■في أغسطس 2017، تمكنت «الدفاع المدني» في عجمان من إنقاذ طفل مواطن عمره 20 شهراً، كان محصوراً داخل مركبة ذويه في منطقة الروضة بعجمان، وتم استخدام الأدوات اللازمة لفتح باب المركبة في زمن قياسي، وتم إخراج الطفل وهو بصحة جيدة. ■في يونيو 2016، ترك أبوان عربيان طفلهما البالغ من العمر عامين داخل مركبتهما، وذهبا لقضاء حوائجهما، والبحث عن شقة للسكن في دبي، ما عرّض الطفل للاختناق، ونجحت الفرق المختصة في إنقاذ الطفل بكسر الزجاج الخلفي للمركبة، وانتشال الطفل، وقدمت له الإسعافات الأولية اللازمة. ■في يوليو 2015، توفي طفل مواطن يبلغ من العمر أربع سنوات داخل مركبة والده، التي كانت متوقفة أمام منزله في الشارقة. ■في أكتوبر 2014، توفيت طالبة روضة أولى من الجنسية الآسيوية في إحدى المدارس الخاصة بأبوظبي داخل حافلة مدرسية اختناقاً، حيث تم اكتشاف جثتها داخل الحافلة المدرسية خلال مراجعة الغياب والحضور بالمدرسة. ■في يونيو 2013، ترك رجل آسيوي ابنه (ثلاث سنوات) داخل سيارة في وضعية تشغيل، وذهب للبحث عن شقة للإيجار، وابتعد كثيراً عن السيارة، ولم يستطع الوصول إليها، وبحث عنها طويلاً، وتصور أنها تعرضت للسرقة، فأبلغ الشرطة بسرقة المركبة وبداخلها طفله، ونجحت شرطة الشارقة في العثور على السيارة بعد ثلاث ساعات، بساحة رملية في منطقة القاسمية، وتبين أن الرجل تركها في ذلك المكان، ونسي مكانها. ■في يونيو 2013، توفي طفل يمني يبلغ من العمر ثلاث سنوات، في إمارة رأس الخيمة، بعد أن نسيه أهله في السيارة، لثلاث ساعات تقريباً، ما أدى إلى اختناقه، وبيّنت التفاصيل أن «والد الطفل تذكر أثناء البحث عنه، أنه نسي ابنه في المركبة، وأسرع باتجاه المركبة لإخراجه منها، إلا أنه وجده متوفى اختناقاً نتيجة انعدام الأكسجين، وتعرض الطفل لحرارة الشمس القوية. ■في أغسطس 2012، عثرت شرطة الشارقة على سيارة تمت سرقتها وبداخلها رضيعة من جنسية دولة عربية، لم يتجاوز عمرها الشهر، بمساعدة أحد المواطنين، الذي عرف بالقضية من خلال موقع التواصل «تويتر». وحذرت طبيبة أطفال من أن اختناق طفل محبوس داخل مركبة مغلقة قد لا يستغرق 10 دقائق. فيما أكدت وزارة الداخلية، أن مثل هذه الحوادث، تعد دليلاً واضحاً على إهمال بعض الأسر، وقلة وعيهم بالمخاطر المحتملة، وتراخيهم في متطلبات السلامة العامة وحماية الأبناء. وتفصيلاً، رصدت «الإمارات اليوم» 10 حوادث جسيمة وقعت خلال السنوات الخمس الماضية، ترك فيها الأهالي أطفالهم بمفردهم داخل مركبات مغلقة، لغاية التسوق أو سهواً، وبعضهم نسي موقع المركبة التي ترك بداخلها طفله، فضلاً عن نسيان طلبة في مراحل دراسية صغرى داخل الحافلات المدرسية، ما تسبب في وفاة بعضهم نتيجة الاختناق وارتفاع درجات الحرارة. وأظهرت الحوادث، أن أعمار الضحايا لا يزيد على أربع سنوات، وفي بعض الحالات ترك الأهالي أطفالهم عمداً بمفردهم داخل المركبات، لقضاء بعض الحاجات الخارجية، ما عرض أطفالهم لخطر الاختناق، وفي حوادث أخرى، كان نسيان الطفل داخل المركبة، وعدم تأمينها جيداً، سبباً في احتجاز الأطفال بمفردهم داخلها. وأكد مركز وزارة الداخلية لحماية الطفل لـ«الإمارات اليوم»، أن حوادث اختناق الأطفال داخل السيارة، دليل على إهمال بعض الأسر، وقلة وعيها بالمخاطر المحتملة، مشيراً إلى أن الطفل لا يعي المخاطر التي تحيط به، لذا فهذه مسؤولية أولياء الأمور في حماية الطفل من نفسه والآخرين. ودعا الأسر إلى أخذ الحيطة والحذر من نسيان الأطفال داخل المركبات، واتخاذ احتياطات السلامة الكفيلة بالحد من مثل هذه الحوادث، لافتاً إلى أن كثيراً من هذه الحوادث يحدث بسبب تراخي بعض أولياء الأمور في متطلبات السلامة العامة وحماية الأبناء. وأفاد المركز، بأنه يعمل بشكل مستمر مع الجهات المعنية بحماية الطفل كافة، لنشر الوعي بالطرق المختلفة لحماية الأطفال في جميع الأوقات والأماكن التي يرتادونها، وأن عملية حماية الطفل هي عملية مستمرة، ويشارك فيها جميع مكونات المجتمع من مؤسسات وأفراد. إلى ذلك، حذّر مدير الإدارة العامة للدفاع المدني في أبوظبي، العميد محمد معيوف الكتبي، من عواقب ترك الأطفال بمفردهم داخل المركبات، ما يؤدي إلى تعريض حياتهم لمخاطر الاختناق، حاثّاً أولياء الأمور على الالتزام باشتراطات السلامة العامة في هذا الشأن لحماية الأبناء. وأوضح أن معظم الحوادث التي تقع تكون نتيجة سوء تقدير من الوالدين أو مصطحبي الأبناء، ينجم عنها إهمال غير مقصود، قد يؤدي إلى حالة اختناق الأبناء داخل السيارة، بسبب حرارة الجو التي تنتج غاز ثاني أكسيد الكربون داخل السيارة، إضافة إلى تسرب بعض الغازات السامة من المقاعد. وقال إن هناك بعض الحوادث تقع نتيجة إهمال الأهل، والسماح للأطفال بالعبث بمفتاح المركبة، ما ينتج عنه إغلاقها من الداخل بوساطة «الريموت كونترول»، خصوصاً الحديث منها. بدوره، أكد العضو المؤسس في جمعية الإمارات لحقوق الطفل، فيصل محمد الشمري، أهمية تطبيق القانون على الأسر التي تتسبب في تعرض أطفالها للخطر والإهمال، مثل حالات نسيان الأطفال داخل المركبات من قبل ذويهم، أو تعرضهم لحوادث مرورية على خلفية عدم ربطهم أحزمة الأمان داخل المركبات، مشدداً على أن الحفاظ على سلامة الأطفال داخل المركبة هي مسؤولية الوالدين أو القائمين عليهم. ولفت إلى أن «القانون يعاقب من يهمل بحق الأطفال، ويجب على الأسر ‏أن تأخذ الاحتياطات اللازمة بكل السبل والأوجه، ‏لتلافي وقوع حوادث مؤسفة، تجعل الأطفال مجرد أرقام في إحصاءات الوفيات الناجمة عن نسيان الأطفال في المركبات». وشدّد على «أهمية أن تعي الأسرة أو ولي الأمر الذي ينقل الطفل، سواء من المنزل إلى المدرسة أو بالعكس، ‏أو يقوم بإيصال الطفل إلى أي جهة كانت، بحجم المسؤولية، خصوصاً مع بدء ارتفاع درجات الحرارة، ‏وقرب دخول موسم الصيف، وأخذ الحيطة والحذر، ومعرفة أن وجود الأطفال هبة من الله يتوجب معها الحرص على سلامتهم، واتخاذ الاحتياطات اللازمة، كإبقاء جزء من النافذة مفتوحاً، أو وضع علامات إرشادية، أو حتى استخدام التقنيات الحديثة للتنبيه إلى وجود أطفال في المركبة، أسوةً بما نقوم به من برمجة التنبيهات على التقويم اليومي، لتذكيرنا بأنشطة معينة يستوجب أن نقوم بها». من جانبه، قال المحامي علي خضر العبادي، إن قوانين الدولة كفلت للأطفال حق الحماية والرعاية من قبل القائمين عليهم، وشدّدت العقوبة على كل من عرّض طفله للإهمال والخطر، ومن ذلك، ترك الطفل بمفرده داخل المركبة، وفقاً للمادة رقم (350 ) من قانون العقوبات الاتحادي، التي نصت على أن «يعاقب بالحبس أو بالغرامة التي لا تزيد على 10 آلاف درهم، من عرض للخطر طفلاً لم يتم السبع سنوات، وكان ذلك في مكان معمور بالناس، سواء أكان ذلك بنفسه أم بوساطة غيره»، بالإضافة إلى قانون حماية الطفل المعروف باسم «وديمة»، الذي شدّد عقوبة الإهمال والضرر بسلامة الطفل، بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 5000 درهم. وشدّد العبادي، على أن ترك الأطفال بمفردهم داخل المركبة يعرضهم لخطر الاختناق والوفاة، خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة، وهو صورة من صور الإهمال التي يعاقب عليها قانون الطفل، الذي كفل الحماية للأطفال وسلامتهم الجسدية والنفسية من قبل الوالدين. من جهتها، حذّرت طبيبة الأطفال، الدكتورة ليلي البحري، من المخاطر الصحية التي تواجه الأطفال، في حال تركوا بمفردهم داخل المركبات، إذ سرعان ما يصيبهم ارتفاع في درجات الحرارة، يؤدي إلى إصابتهم بصدمة حرارية، قد تؤذي الدماغ وبقية أجهزة الجسم، ومن ثم تؤدي إلى الموت، وقد يحدث هذا الأمر سريعاً، خلال 10 دقائق، خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة. وبينت أن تدهور حالة الطفل المحبوس داخل المركبة بمفرده، تحدث بسرعة كبيرة لا تتخيلها، وذلك لأسباب عدة، في مقدمتها ارتفاع درجة الحرارة داخل المركبة، التي تزداد بسرعة كبيرة، بمقدار 20 درجة خلال 10 دقائق، و40 درجة خلال ساعة، وهذا ليس له علاقة بدرجة الحرارة في المحيط خارج المركبة، الذي قد يبدو غير حار، وكذا الأمر يحدث حتى لو تركت نافذة المركبة مفتوحة قليلاً. وتابعت «الأمر الأخطر هو أن حرارة جسم الطفل ترتفع من ثلاث إلى خمس مرات، مقارنة بالكبار، بسبب نقص النضج في المركز المنظم لحرارة الجسم، إضافة إلى ارتفاع مساحة جسم الطفل مقارنة بالكبير، وكلما كان الطفل أصغر تقل قدرته على احتمال الحرارة، موصية بعدم السماح للطفل باللعب في المركبة، وإغلاق الأبواب بعد خروج جميع الأفراد من المركبة، وتفقّد جميع المقاعد، وإبقاء المفاتيح بعيدة عن متناول الأطفال، وإذا حدث ونسي الأهل طفلاً يجب تفقد بركة السباحة أولاً ثم تفقد المركبة». التوعية والوقاية فيما طالبت عضو مجلس إدارة جمعية توعية ورعاية الأحداث، مريم الأحمدي، بتطبيق العقوبات التي نص عليها القانون، بشأن تعرض الأطفال للإهمال، إذ أكدت أنه من الضروري أن يدرك الوالدان أن ترك الأطفال ونسيانهم داخل المركبات جريمة تستوجب العقاب بنص القانون، وبالتالي حتى مع تدخل الشرطة لإنقاذ الطفل من التعرض للخطر، فهذا لا يعني انتهاء الأمر، بل على العكس، كل منهما مدان في جريمة، حرص المجتمع الإماراتي على التخلص منها نهائياً، ولذا جاء نص القانون بأن مجرد تعريض حياة الطفل للخطر يمثل جريمة وجبت معاقبة من تسببوا فيها. وأكدت أن هناك دوراً مجتمعياً مهماً، من الضروري أن تقوم به كل المؤسسات المعنية بحقوق الطفل ورعايته، من خلال إطلاق المبادرات والحملات التوعوية حول ضرورة الاهتمام بالأطفال، وعدم تركهم في المركبات لأي سبب كان، حرصاً على سلامتهم وحياتهم، لاسيما أن الأطفال الذين يتم إنقاذهم من تبعات إهمال الوالدين أو القائمين على رعايتهم، يتعرضون لأذى نفسي بالغ الخطورة، يجعلهم يعانون الاضطراب النفسي، وهو الأمر الذي قد يستمر طوال حياتهم، ومن ثم هناك ضرورة للعمل على توعية الأسرة بضرورة حماية أطفالها، وعدم ترك مسؤوليتهم للآخرين، إلا في حالة الثقة التامة واليقين في الحفاظ عليهم بشكل كامل، فلا شيء في الحياة يساوي تعريض الطفل لخطر فقدان الحياة، أو إيذائه بدنياً ونفسياً. ودعت شركات بيع السيارات إلى وضع ملصقات أو بطاقات توعوية داخل السيارات، حول كيفية الحفاظ على الأطفال، بالإضافة إلى ضرورة توزيع مطبوعات على قائدي المركبات خلال احتفالية الدولة السنوية بيوم الطفل، على أن تكون بلغات عدة، حتى يدرك الجميع أهمية الحفاظ على الأطفال، والحرص على حياتهم. واقترحت أن يتم تنظيم حملة توعوية في وسائل الإعلام المختلفة، حول هذه القضية، ومن الممكن أن يكون شعارها «احذر.. لا تعرض حياة طفلك للخطر»، أو «أنت المسؤول عن حياة طفلك، فلا تفقده في لحظة بسبب الإهمال»، ولابد أن تقترن الحملات التوعوية المختلفة بتوعية قانونية، وبلغات عدة، تتم الإشارة فيها إلى القوانين المطبقة في الدولة، التي تُجرم مجرد تعريض الطفل للخطر، حيث تعتبر جريمة متكاملة الأركان.

مشاركة :