فقدت بصري لأربعٍ وعشرين ساعة (3)

  • 4/9/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

سأدخل بوصف اللحظات والساعات العصيبة الأولى بعد العملية، حيث وضعني الظلام في حالة رعب بفقدان البصر، وعدم القدرة على النظر أو الرؤية، تخيل نفسك أنك غير قادر على أداء عملك، يعني بعبارة أوضح انتهت حياتك العملية والوظيفية، فكل ما حولك أسود بأسود، فلا نور ولا رؤية، وعندما أسأل الحجية ترد وتقول الإضاءة مولعة (شابَّة) وأنا وسط الظلام، والأفكار تأخذني يميناً ويساراً، بل هي لحظات حزن واكتئاب على الحالة التي وصلت إليها، والدموع تذرف مني، بينما الحجية تخفف عني وتكثر من قراءة القرآن، وتقول أنت إنسان مؤمن، والمؤمن واثق من نفسه، لأن اللَّه معه ولن يتركه.. وأنت كنت تطمئن المرضى وتساعد الجميع، فلا تيأس وكن مع اللَّه ولا تبالِ. يأتي الليل لكن لا فرق بينه وبين النهار، فلم أعد أميَّز أو أرى لكي أعرف الفرق، زادت الهواجس والقلق والتفكير يطاردني في كل لحظة. جاءتني لحظات أريد فيها أن أصرخ، أن يطلع صوتي أمام العالم، وأخاطب اللَّه سبحانه وتعالى، وفي تلك الأوقات العصيبة استغللت فرصة خروج الحجية لتحضير العشاء، وجدت نفسي أمد يدي على اللزقة والشاش، اللذين وضعا على عيني اليمنى، لأقوم باختبار شخصي، هل مازلت أرى النور أم لا؟! هل مازلت قادراً على أن أرى الضوء والإشعاع المتسرب خلف «الشاش»؟ فعلاً شعرت بنوع من الأمل، وأعدت كل شيء إلى مكانه الطبيعي، واستلقيت على الفراش لأنام، وفي ساعات الليل كانت الحجية لا تتركني لحظة، بل تواسيني وترفع من معنوياتي، وتمسك بيدي لتأخذني إلى الممر، وأنا أقول مع نفسي «راح أطيح»، لترد على كلامي، ثق باللَّه ونحن معك، حاولت وكررت المحاولة لوحدي، وكانت المشكلة أنني أتخيَّل أماكن الأشياء لكن في غير موقعها، إلا أنني عن طريق اللمس والتحسس وصلت إلى مكان ما وناديتها، وقامت مرعوبة حتى وجدتني في المخرن، وأخذتني بعطف وحنان إلى المكان المطلوب، وانتظرت ذهابها، فأجهشت بالبكاء، لأنني رحت أتصور نفسي كيف أعيش في الظلام، مع فقدان وظيفتي. تلك ساعات من الرعب والخوف، طاردتني في حياتي، فلم أكن أتصور أنني سأصل إلى هذه الحال، أنا مدين إلى القراء، وإلى صحيفة القبس التي أعطتني هذه المساحة لكي أكتب ما دار في مخيلتي، وشعرت أن الرسالة لا بد أن تصل، وإذا كان هناك من كلمة أخيرة فهي تخص الجميع.. أنقذوا حياة الناس قبل أن تقعوا ضحاياها.. ربي اجعل هذا البلد وأهله آمنين. د. إبراهيم بهبهاني ebraheem26.combabhani26@

مشاركة :