القاهرة:«الخليج» بعد صراع طويل مع المرض، غيب الموت أمس، الإذاعية المصرية آمال فهمي، التي رحلت عن عمر يناهز 92 عاماً، قضت أغلبها خلف ميكروفون الإذاعة، منذ أن التحقت بالإذاعة المصرية في العام 1951، وحتى أيامها الأخيرة، وكانت تستعد للعودة مجدداً لميكروفون الإذاعة بعد فترة توقف طويلة، منذ أن كسرت ساقها إثر سقوطها على سلم ماسبيرو، ومنذ مطلع يناير/كانون الثاني الماضي راحت تحضر للعودة إلى ميكروفون الإذاعة، الذي لم تستطع الابتعاد عنه، قبل أن تداهمها أزمة صحية، نقلت على إثرها إلى مستشفى تابع للقوات المسلحة، وتم إدخالها الرعاية المركزة، إلى أن فارقت الحياة.ولدت آمال فهمي في 4 نوفمبر/تشرين الثاني من العام 1926، تلقت تعليمها إلى أن حصلت على ليسانس آداب قسم اللغة العربية من جامعة القاهرة عام 1951، وشاركت في العمل السياسي بمقتبل حياتها من خلال الحزب النسائي الوطني مع درية شفيق عام 1947، حيث كانت سكرتيرة الحزب، وما إن تخرجت حتى التحقت بالإذاعة المصرية، وكانت أول من أدخلت التحقيقات الصحفية للبرامج الإذاعية، ثم عملت بعد ذلك مذيعة.قدمت آمال العديد من البرامج الإذاعية الناجحة، من بينها برامج عديدة للمرأة، وبرنامج «في خدمتك، حول العالم، عقبال عندكم» وغيرها، إلى أن أسند إليها الإذاعي الراحل أحمد طاهر برنامج «على الناصية»، في العام 1957، ليحقق شهرة واسعة منذ حلقته الأولى، كونه جديداً على المستمع المصري والعربي، حيث لم يسبق لإذاعي أن خرج إلى الجمهور في الشارع ليعرف رأيه في مختلف القضايا والمشاكل الاجتماعية، ليس هذا فحسب، بل كان منبراً لاكتشاف العديد من المواهب في الموسيقى والغناء والشعر والقصة القصيرة، ليصبح البرنامج نقطة تحول كبيرة في حياتها المهنية، لتكون بعد ذلك أول سيدة ترأس إذاعة الشرق الأوسط عام 1964، ثم وكيلاً لوزارة الإعلام، فمستشارًا لوزير الإعلام.ظلت الراحل علامة كبيرة ومهمة من علامات شهر رمضان في الإذاعة المصرية، وقدمت العديد من البرامج الإذاعية الخفيفة، فضلاً عن «فوازير رمضان»، التي قدمتها للإذاعة منذ مطلع الخمسينيات، وارتبط بها المستمع لأكثر من 60 عاما.تولت آمال منصب مستشار الإذاعة في فترة الثمانينيات، إلا أنها طوال هذه السنوات وعلى الرغم من مسؤولياتها العديدة، فإنها لم تتخل عن تقديم برنامج «على الناصية»، الذي يعد أطول البرامج عمراً في الإذاعة المصرية، وربما العربية، حيث إنه تجاوز عمره 60 عاماً متصلة، أجرت من خلاله لقاءات حقيقية مع المستمعين ليس لها ترتيب مسبق، وحرصت على عرض مشاكل وهموم الناس.كانت الراحلة الوحيدة داخل مبنى الإذاعة والتلفزيون، التي حصلت على جائزة مصطفى أمين وعلي أمين للصحافة، لتميزها في إجراء التحقيقات الإذاعية، وجاء لقب «ملكة الكلام» في العالم العربي، الذي حصلت عليه من لبنان بعد استفتاء موسع على مستوى الوطن العربي.ونعى حسين زين، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام الإعلامية الراحلة، مؤكدا في كلمته أن عطاءها المتميز للإعلام المصري لم ينقطع أبداً، حيث كانت نموذجاً يُحتذى به في المهنية والاحترام، وخلال رئاستها لإذاعة الشرق الأوسط عملت على تقديم إعلام هادف، وتتلمذ على يديها أجيال عديدة، مشيراً إلى أنه من المقرر أن تشيع جنازة الفقيدة عقب صلاة عصر اليوم، من مسجد عمر مكرم بميدان التحرير.
مشاركة :