سيف غباش لـ «الخليج»: الثقافة الأقدر على احتواء التطرف

  • 4/9/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

حوار: نجاة الفارسأكد سيف سعيد غباش، مدير عام دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، أن القمة الثقافية أبوظبي 2018 تركز هذا العام على عرض تجارب عالمية ساهمت في تحقيق تغيير إيجابي في حياة الناس عبر تعاون وشراكات غير مألوفة. وقال: نتطلع إلى تبادل الخبرات والمعارف في عالم الثقافة المتجدد، فالإبداع الإنساني لا يزال يعطينا فهماً عميقاً عن حقيقة الإنسانية، أما الاتجاه إلى التطرف فهو ينتج عادة عن نقص، أو قلة وعي، لذلك فإن الثقافة هي الأقدر على احتواء التطرف وتشذيبه. وذكر غباش في حوار مع «الخليج»، أن النقاشات التي تدور في أروقة القمة الثقافية تفيد بتكوين رؤية متوقعة لمستقبل الثقافة من منظورها العالمي، موضحاً أن تطوير المنظومة التعليمية لابد أن ينبثق عن الثقافة نفسها وتطلعاتها.ورأى أنه من الملح أن يراجع العالم السياسات التي تضر بالمصادر الطبيعية، ويحافظ عليها، وينميها للأجيال القادمة، وأنه «من خلال التجارب الرائدة في هذا المجال التي تقدم خلال القمة الثقافية نتعرف إلى ما يمكن للشراكات مع قطاعات الثقافة أن تحققه من رخاء لكل سكان كوكب الأرض».وتالياً نص الحوار.. تنظم القمة الثقافية السنوية الثانية تحت عنوان «إمكانات بلا حدود»، ما دوافع اختيار هذا العنوان؟وما الرؤية المستقبلية في هذا المجال؟- كانت انطلاقة القمة العام الماضي موفقة في مناقشة دور الثقافة في مواجهة التحديات العالمية الراهنة، وأثر التقنيات الحديثة في تغيير المشهد الثقافي والتواصل بين الحضارات، ونتائج هذه التحولات على التعليم والاقتصاد والسياسة وجميع جوانب الحياة اليومية. ودارت نقاشات وحوارات مثمرة في الندوات وورش العمل بمشاركة قيادات بارزة في الثقافة والتعليم والفنون والإعلام، وأفضت هذه المباحثات إلى حلول عملية مقترحة لتمكين الثقافة من لعب دور أكثر تأثيراً في المجتمعات المعاصرة، من خلال المزاوجة ما بين الثقافة وقطاعات قد يعتقد أنها لا تخدم الثقافة، لذلك نركز هذا العام على عرض تجارب عالمية ساهمت في تحقيق تغيير إيجابي في حياة الناس عبر تعاون وشراكات غير مألوفة.ما النتائج المرجوة من هذه القمة؟- نتطلع إلى تبادل الخبرات والمعارف في عالم الثقافة المتجدد، فهناك فرص كبرى لتحسين الواقع من خلال دمج القطاع الثقافي مع قطاعات الأعمال مثلاً، لتحقيق استثمارات مادية، وفي الوقت نفسه بناء القدرات ودعم الإبداع. ونسعى إلى عرض مفهوم شامل للثقافة باعتبارها أداة فعالة لخلق تفاهمات، وشراكات تبني الوعي العام، وتسهم في تحقيق مشاريع تؤثر في المجتمعات إيجابياً، وأتوقع أن عرض التجارب العالمية في هذا المجال سينعكس على المشاركين والمجالات التي يأثرون بها بطريقة، أو أخرى.كيف تنظرون إلى المشهد الثقافي الإماراتي في الوقت الذي تحتضن فيه العاصمة هذا الحدث العالمي؟- يتميز المشهد الثقافي في الإمارات بالتنوع والانفتاح، وتتمازج فيه إبداعات المجتمع المعاصر بشكل لافت في تداخل مذهل ما بين الثقافات، وسط أجواء من التسامح والقبول بالآخر. وجاءت القمة استجابة لهذه المميزات في المشهد العام، خاصة أن الاتجاه نحو التعبير الإبداعي يشهد إقبالاً من أطرافه المختلفة، سواء المبدعون أنفسهم أو المتذوقون، وذلك في مختلف أشكال الإبداع المكتوب والفنون البصرية والسمعية.ما أهم المحاور التي تركز عليها القمة الثقافية بدورتها الثانية؟- تلقى القمة الضوء على مشاريع الشراكة التي تتسم بالتفرد والاختلاف، وتجمع بين التقليد والابتكار. ويناقش المجتمعون دور الفن والثقافة في معالجة القضايا الإقليمية والعالمية في القرن الحادي والعشرين. وتبحث ورش العمل كيف يمكن للسياسات، والتكنولوجيا، بما فيها وسائل الإعلام الجديدة، والفنانون، ومؤسسات الفنون، والمجتمعات الخيرية، انتهاج سبل تعاون جديدة وفعالة لمعالجة القضايا العالمية.ما البعد الثقافي والإنساني الذي يضيفه افتتاح متحف اللوفر أبوظبي على القمة الثقافية بدورتها الثانية؟- عزز افتتاح المتحف مكانة العاصمة كمركز لثقافات العالم وفنونه، فمقتنياته وسرده المتحفي يكشفان عن التقاطعات العميقة بين حضارات العالم والثقافات التي نمت وتطورت في مختلف الأصقاع. وهذا أمر يعزز من النقاشات التي تدور أثناء القمة الثقافية لإلغاء الفروق التي تسبب الصراعات والصدامات بين الحضارات، بالعودة إلى جوهر الوجود الإنساني والتأمل في الفنون التي أنتجها الإنسان منذ عصور مبكرة، فالإبداع الإنساني لا يزال يعطينا فهماً عميقاً عن حقيقة الإنسانية. إلى أي مدى تجدون أن الثقافة ممكن أن تساهم بمكافحة التطرف؟- التطرف حالة فكرية، ولا يمكن التصدي للفكر إلا بالفكر، ومن خلال إتاحة النقاشات والحوار والإبداع يمكننا أن نقلل من حدة التطرف بكل أشكاله، ونخلق وعياً جديداً مواجهاً من خلال فهم المشتركات الإنسانية بيننا، فالاتجاه إلى التطرف ينتج عادة من نقص، أو قلة وعي، لذلك فإن الثقافة هي الأقدر على احتواء التطرف وتشذيبه. شارك في القمة الأولى أكثر من 300 شخصية من القيادات الثقافية والإبداعية من أكثر من 80 دولة حول العالم، كيف كانت ردود أفعال المشاركين بعدها؟- كشفت القمة عند تنظيمها لأول مرة العام الماضي عن تفاهمات مذهلة يمكن تحقيقها بين المشاركين بتعدد جنسياتهم وخلفياتهم الثقافية. وكان من نتائج القمة الأولى تحديد نقاط النقاش هذا العام بحيث يستفاد من مشاريع مستقبلية تحقق تفاهمات دولية وإقليمية، وتنقل خبرات خاصة إلى قطاع أوسع من البشر.إلى أي مدى تساهم الشخصيات المشاركة في وضع رؤية استراتيجية ثقافية مستقبلية؟- تفيد النقاشات التي تدور في أروقة القمة في تكوين رؤية متوقعة لمستقبل الثقافة من منظورها العالمي، ونعتقد أن التجارب التي تقدم خلال القمة للشراكة بين الثقافة والقطاعات الأخرى ستعطي مؤشرات واضحة لصورة الغد.كيف تنظرون إلى أهمية تعاون المثقفين والفنانين؟- هناك العديد من الشراكات الابداعية الجميلة التي تمكن العديد من المجموعات الفنية والثقافية من تقديمها للإنسانية، سواء تطور ذلك لمدرسة فنية، أو بقي تجربة متفردة، ولها خصوصية في مجتمعها. المهم في التجارب المشتركة الأثر الذي تتركه على الملتقى بما في ذلك الاستمتاع والتفاعل والرقي بالذات، والتأمل في التناقضات حولنا. كيف تنظرون إلى دور الثقافة في المجتمع؟- الثقافة بمعناها الواسع تشمل أسلوب الحياة، بما فيه سلوك الأفراد العام وخياراتهم الشخصية، وعند تمكين الفرد من تحسين سلوكه العام، والمساهمة في نمو المجتمع وتحقيق الإنجازات الشخصية، فإن النمط الثقافي يكون نجح في تكوين مجتمع مترابط. وأعتقد أن اللاعب الأساسي في أية ثقافة هو الوعي، وامتلاك الأدوات التي ترتقي به. رخاء البشرية حول العناصر التي تركز عليها القمة في مجال تغير المناخ في ظل الجهود التي تبذلها الإمارات في الحفاظ على البيئة وحمايتها، قال سيف غباش: يعد الحفاظ على البيئة من القضايا الملحة على المستوى العالمي، وهي من الموضوعات التي تطرح غالباً في اللقاءات الدولية لما لها من تأثيرات على البشرية. وإحدى وسائل حل المشكلات المتعلقة بالبيئة والتغير المناخي ترتبط بتغير السلوك البشري تجاه الطبيعة، إذ بات من الملح أن يراجع العالم السياسات التي تضر بالمصادر الطبيعية ويحافظ عليها وينميها للأجيال القادمة، ومن خلال التجارب الرائدة في هذا المجال التي تقدم خلال القمة نتعرف على ما يمكن للشراكات مع قطاعات الثقافة أن تحققه من رخاء لكل سكان كوكب الأرض.

مشاركة :