ألمانيا في مرمى الحرب التجارية بين أمريكا والصين

  • 4/9/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

عززت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من خطواتها الرامية إلى تجنب اندلاع حرب تجارية عالمية، وسط مخاوف عميقة من إمكانية أن تخرج ألمانيا كخاسر أكبر من التوترات التجارية الآخذة في التصاعد بين الولايات المتحدة والصين، وهما من أسواق التصدير الرئيسية للبلاد.ويبدو أن اقتصاد ألمانيا «لا يزال عرضة لصدمات الطلب الخارجي السلبية»، حسبما قال ياروسلاف شيلبكو وتوماش فيلاديك، الخبيران الاقتصاديان في بنك باركليز، في مذكرة للعملاء، أشارا فيها إلى الدور الرئيسي لألمانيا في صادرات الصناعات التحويلية العالمية.أفادت صحيفة «بيلد» الألمانية بأن ميركل تخطط للسفر إلى واشنطن في وقت لاحق من هذا الشهر لإجراء محادثات حول التجارة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قبل انتهاء مهلة الإعفاء من الرسوم الجمركية على واردات الاتحاد الأوروبي من الصلب والألمنيوم، من جانب واشنطن.وقد تحدثت ميركل بالفعل عبر الهاتف مع ترامب حول التوترات التجارية العالمية الحالية، حيث شددت المستشارة في حديثها مؤخرا مع الرئيس الأمريكي على أنه يجب النظر في نظام التجارة الدولية القائم على القواعد، في المفاوضات التجارية بين واشنطن والاتحاد الأوروبي.ومع ذلك، يعتقد المحللون أن أي اتفاق أمريكي مع ألمانيا وشركائها الأوروبيين من المرجح أن يؤدي إلى إجبار برلين وبروكسل على قبول نظام الحصص على شحناتهما من الصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة.وهددت الصين بفرض رسوم جمركية على منتجات قيمتها 50 مليار دولار من بينها فول الصويا والطائرات والسيارات بعد أن أصدرت واشنطن قائمة بقيمة 50 مليار دولار على الواردات الصينية والتي ستتم مراجعتها لفرض تعريفات عليها.وفرض ترامب بالفعل رسوما جمركية على واردات الصلب والألمنيوم من الصين، ليفي بذلك بوعد رئيسي من وعود حملته الرئاسية لعام 2016 لمعالجة «ممارسات التجارة غير العادلة» مع الصين. وتعرب الحكومة والقيادات الصناعية في ألمانيا عن القلق بشأن حملة بكين لاكتساب المعرفة التي تشتهر بها ألمانيا في مجالي التكنولوجيا والبنية التحتية، في ظل جولات التسوق الصينية في ألمانيا، وانتشار الصينيين في سلسلة من الشركات الصناعية الرئيسية.لكن في إشارة إلى إجراء ترامب الأحادي الجانب ضد الصين، قال رئيس رابطة التجارة الخارجية الألمانية، هولجر بينجمان: «إن الهدف صحيح، لكن النهج خاطئ». وقال بينجمان «إنه ليس سراً أن الصين كانت تفعل القليل جدا على مدى سنوات عديدة لحماية حقوق الملكية الخاصة بالشركات الأجنبية، بل وتنخرط بشكل منهجي في نقل التكنولوجيا الأجنبية بصورة إجبارية»، مضيفا أن المشكلة تحتاج إلى حل من قبل المجتمع الدولي.ومع ذلك، وفي ظل فائض تجاري في العام الماضي بلغ 244.9 مليار يورو (300.6 مليار دولار)، أصبحت ألمانيا هدفاً سهلاً في حملة ترامب لخفض العجز التجاري في بلاده وتعزيز برنامجه الخاص ب «أمريكا أولا».وتجاوزت الصادرات الألمانية إلى الولايات المتحدة 111 مليار يورو العام الماضي، وهو ما يفوق بكثير الواردات التي بلغ مجموعها 61 مليار يورو فقط. وبالفعل، فإن ترامب ومسؤوليه التجاريين يشيرون بأصابع الاتهام إلى برلين وبشكل منتظم بسبب إخفاقها في القيام بما يكفي لتحفيز الطلب المحلي وخفض فائضها التجاري الضخم.ومما يزيد من تعقيد موقف ألمانيا بشأن التجارة أن ترامب ربط مطالبه الخاصة بخفض العجز التجاري الأمريكي بما يعتقد هو أنه إخفاق برلين في تشارك عبء تكاليف التحالف العسكري للناتو بقيادة واشنطن بشكل مناسب.وبعد سلسلة من التوقعات المتفائلة لأداء الاقتصاد الألماني لعام 2018، أشارت المؤشرات والبيانات الاقتصادية الرئيسية في الآونة الأخيرة إلى النمو وقد فقد الزخم في الأشهر الأولى من العام الحالي، في الوقت الذي ألقت فيه الشكوك المحيطة بالتجارة بثقلها على الصناعة. وارتفعت طلبيات المصانع الألمانية بنسبة 0.3% فقط في شباط/ فبراير، وبالتالي فشلت في تعويض انكماش حاد بنسبة 3.5% في كانون الثاني/ يناير، وفقا للبيانات الصادرة الأسبوع الماضي. وقال رالف فيشرس كبير الخبراء الاقتصاديين في الجمعية الهندسية الألمانية «في دي إم إيه»: «لا يسعنا إلا أن نأمل ألا يؤدي النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين إلى إلحاق ضرر دائم بهذا الاتجاه الاستثماري».(د ب أ) التوترات التجارية تدخل السلع في دوّامة من التقلبات عانت أسواق السلع العالمية من تفاقم حدّة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، واللتين تتبعان مبدأ العين بالعين. وتباينت مستويات المخاطر في الأسواق على خلفية الرد الصيني على القرار الأمريكي بفرض الرسوم التجارية، وصدور إشارات متضاربة من البيت الأبيض. وبشكل عام، شهدت السلع تداولات منخفضة تخطت أدنى مستوياتها، ليلحق الضرر الأكبر بأسعار فول الصويا والنفط الخام.وقال أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع لدى «ساكسو بنك» إن السلع تضررت بداية عندما نشرت الصين قائمة ب 106 منتجات أمريكية تبلغ قيمتها الإجمالية 50 مليار دولار، والتلويح بإمكانية إخضاعها لضريبة استيراد إضافية بنسبة 25%. وأعقب ذلك رد البيت الأبيض بنشر قائمة ضمت 1300 منتج من الواردات الصينية تتدرج بين التقنيات الصناعية إلى النقل والمنتجات الطبية. وتضمن رد الفعل الصيني مجموعة واسعة من المنتجات الأمريكية من بينها فول الصويا والمنتجات الزراعية الأخرى، فضلاً عن بضائع مثل السيارات إلى المواد الكيميائية والويسكي والسيجار والتبغ. وترتب على هذا الإعلان عمليات بيع مكثفة في مؤشرات البورصة العالمية، مع تنامي حدّة الحرب التجارية التي يرجح تأثيرها على حجم النمو والطلب. وأصابت مخاوف النمو السلع الدورية مثل النفط والمعادن الصناعية، وازداد الطلب على الذهب كملاذٍ آمن. وكانت الزراعة القطاع الأكثر تضرراً، فتأثرت المحاصيل الرئيسية مثل فول الصويا والذرة والقطن نتيجة للبيع من صناديق المضاربة التي وجدت في الجانب الخاطئ من التداول. وتابع هانسن: «تراجعت العقود الآجلة لفول الصويا الأمريكي على خلفية الأخبار التي عرضت تجارتها للخطر مع الصين التي تعتبر أكبر مستورد عالمي لهذه السلعة. وبمجرد اتضاح الأمور، لا نرجّح استمرار الخلاف بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية لأمد طويل، إذ لا يمكن لأحدهما العيش بدون الآخر؛ لا سيما مع عجز خيارات التصدير الرئيسية الأخرى - في أمريكا الجنوبية تحديداً - عن تلبية الطلب الصيني المتزايد بسرعة. وفي العام الماضي، حصلت الصين على نصف وارداتها من فول الصويا من البرازيل، وبلغت الشحنات الأمريكية حوالي الثلث». وتم إجراء قسم كبير من صفقات العقود الطويلة على فول الصويا والذرة بشكل غير علني على خلفية الإعلان الصيني؛ على الأقل بعد توجه التجار نحو شراء المحصولين في أعقاب تقرير الزراعة الأخير الذي كشف عن نية المزارعين الأمريكيين تقليص معدلات زراعة فول الصويا والذرة .

مشاركة :