استمر تركيز الأسواق العالمية الأسبوع الماضي على التوترات التجارية بين أمريكا والصين مع استمرار المواجهة بين الاقتصادين الرئيسين. فبعد 11 ساعة على اقتراح إدارة الرئيس دونالد ترامب فرض رسوم بنسبة 25 % على حوالي 1300 منتج من قطاعات الصناعة والتكنولوجيا والمواصلات والطب، ردّت الصين بلائحة من الرسوم المماثلة على الواردات الأمريكية الرئيسية، ومنها فول الصويا والطائرات والسيارات ولحم البقر والكيماويات. عبّرت أمريكا - لحسن الحظ- عن استعدادها للتفاوض على حل للنزاع التجاري المتفاقم مع بكين. وأدى الرد السريع لأمريكا إلى اعتقاد المستثمرين بأن إدارة ترامب تلعب لعبة رفع سقف المطالب لتخفضه بعدها إلى ما يمكن التوصل إليه. ووفقاً لتقرير بنك الكويت الوطني فإن مستشار ترامب الاقتصادي، لاري كودلو، أكد للمراسلين «أظن أننا سنتوصل إلى اتفاقات»، مضيفاً «أعتقد أن الصينيين سيتراجعون وسيتفاوضون». وذكر الطرفان أيضا أن البيانات لم تكن نهائية ولم يتم تنفيذ أية إجراءات تجارية، الأمر الذي أراح الأسواق.وبالرغم من أن النزاع التجاري العالمي كان يلقي بظلاله، أصدرت أمريكا بيانات توظيف مهمة في أواخر الأسبوع. فقد وفر الاقتصاد الأمريكي أقل عدد من الوظائف في ستة أشهر في مارس ولكن ارتفاع الأجور أشار إلى تضييق سوق العمل، ما يسمح لمجلس الاحتياط الفيدرالي بالمزيد من رفع أسعار الفائدة هذه السنة. وقالت وزارة العمل إن الرواتب غير الزراعية ارتفعت بتواضع بمقدار 103,000 الشهر الماضي مع خفض قطاعي الإنشاءات والتجزئة لعدد الوظائف. وفي الأشهر الثلاثة الأولى من هذه السنة، ارتفع عدد الوظائف بوتيرة شهرية معدلها 201,000، وهو تحسن عن معدل الارتفاع البالغ 182,000 السنة الماضية. ويعتبر أي معدل ارتفاع قريب من 200,000 شهرياً في هذه المرحلة المتأخرة من الدورة، مع اقتراب معدل البطالة من 4 %، أمراً مثيراً للإعجاب. وسيركز المجلس الفيدرالي أولاً على الارتفاع الشهري البالغ 0.3 % في معدل دخل الساعة، الذي رفع معدل النمو السنوي من 2.6 % إلى 2.7 %. ويقول الاقتصاديون إن نمو الأجور السنوي بنسبة 3 % على الأقل هو ضرورة لرفع التضخم باتجاه النسبة التي يستهدفها المجلس الفيدرالي والبالغة 2 %.وخسر الدولار مكاسبه البطيئة هذا الأسبوع مع مراقبة المستثمرين لتطورات النزاعات التجارية بين أمريكا والصين. فقد تراجع الدولار من أعلى مستوى له يوم الجمعة بعد أن ردّت الصين على التهديد الأمريكي الأخير برفع الرسوم على السلع الصينية، ومع صدور تقرير الوظائف المخيّب للآمال. ومع ازدياد التوترات التجارية وتراجع الأسهم، ارتفع الطلب على السندات الحكومية الأمريكية ذات الخطر المتدني، ما أدى إلى انخفاض العوائد. فقد انخفض العائد على سندات الخزينة الإسنادية ذات مدة عشر سنوات بحوالي 2.2 % من أعلى مستوى أسبوعي له يوم الجمعة ليصل إلى 2.7750%. وأنهى الدولار الأمريكي الأسبوع عند 90.108. تداولات محدودة وفي أوروبا، كان أداء اليورو متواضعاً الأسبوع الماضي، إذ إن آخر البيانات الرسمية لمنطقة اليورو كانت منخفضة، وتبيّن آخر استطلاعات قطاع الأعمال أنها ثابتة في استنتاجها بأن التوسع الاقتصادي قد خسر زخماً. وفي حين أن النزاعات التجارية العالمية قد هيمنت على الأسواق، وتم التداول باليورو مقابل الدولار في نطاق ضيق لينهي اليورو الأسبوع منخفضاً بنسبة 0.32% عند مستوى 1.2281.وكان التداول بالجنيه البريطاني مماثلاً جداً لليورو الأسبوع الماضي مع فشل البيانات الرسمية بالتأثير في العملة. وبما أن بريطانيا وقّعت على اتفاق انتقالي الشهر الماضي للخروج من الاتحاد الأوروبي، فقد خفّت المخاوف بشأن هذا الخروج مع تركيز المستثمرين على وضع الاقتصاد البريطاني قبل الرفع المتوقع لأسعار الفائدة في مايو. ومع عدم صدور أية مؤشرات اقتصادية مهمة، أنهى الجنيه البريطاني الأسبوع حيث بدأه تقريبا عند 1.4091.وكان الين الياباني أكثر العملات تحركاً هذا الأسبوع في رد مباشر على النزاعات التجارية الأمريكية الصينية. فقد ارتفع الدولار مقابل الين بثبات خلال الأسبوع مع ارتفاع الإقبال على المخاطر ببطء بعد استيعاب رسوم الإدارة الأمريكية على الصلب. ولكن هذا الارتفاع توقف في نهاية الأسبوع، بعد أن أشعل الرئيس ترامب نزاعاً تجارياً جديداً مع الصين. وكانت درجة إقبال المستثمرين على المخاطر تحدد قيمة عملة الملاذ الآمن مؤخراً بشكل كبير، ومن المتوقع أن يرتفع الين بسرعة إلا إذا انخفضت التوترات التجارية بين أمريكا والصين. وبدأ الدولار الأسبوع مقابل الين عند 106.24 وأنهاه عند 106.91. الخدمات البريطانية أشارت بيانات مارس إلى تباطؤ في نمو نشاط قطاع الأعمال عبر قطاع الخدمات البريطاني، وكان آخر نمو هو الأضعف فيما يربو على سنة ونصف السنة. ولاحظ المستطلعون أن التوقف بسبب الثلوج والطقس السيئ على غير العادة في مارس كان عاملاً أساسياً في كبح نمو نشاط قطاع الأعمال.وكانت هناك أيضا تقارير بأن ارتفاع عدم اليقين الاقتصادي استمر ككابح للنمو خلال فترة الاستطلاع الأخير. في هذه الأثناء، بقي تضخم سعر الإدخال قويا مع تسجيل آخر ارتفاع في تكاليف التشغيل أسرع وتيرة منذ ديسمبر 2017، الأمر الذي ساهم في ارتفاع ملحوظ آخر في معدل أسعار شركات قطاع الخدمات. ويعزى ارتفاع أسعار الإدخال إلى ارتفاع رواتب الموظفين، وارتفاع فواتير مرافق الخدمات وارتفاع تكاليف المواد الخام.وتراجع مؤشر IHS ماركيت/CIPS لنشاط الأعمال لمديري شراء قطاع الخدمات البريطاني من 54.5 في فبراير إلى 51.7 في مارس بعد التعديل الموسمي. وعلى صعيد الأسعار، بقيت معدلات التضخم في تكاليف الإدخال ورسوم الإنتاج مرتفعة بالرغم من انخفاضها بشكل طفيف منذ فبراير. وبالرغم من ارتفاع أسعار الشراء إلى أضعف مدى منذ بداية السنة وحتى الآن، فإن وتيرة التضخم ما زالت قوية نسبيا. وسجل مؤشر مديري الشراء لدى IHS ماركيت/CIPS 55.1 في مارس بعد التعديل الموسمي، أي إنه لم يتغير كثيرا عن قراءة فبراير البالغة 55.0. ارتفاع مبيعات التصدير الصيني أشارت شركات التصنيع الصينية إلى تحسن هامشي في إجمالي ظروف التشغيل في نهاية الربع الأول، حيث توسع الإنتاج ومجموع الطلبات الجديدة بأضعف وتيرة لهما في أربعة أشهر، فيما ارتفعت مبيعات التصدير بشكل هامشي. وفي الوقت نفسه، انخفض عدد الموظفين بأسرع وتيرة له منذ أغسطس الماضي وسط تقارير عن خطط لخفض التكاليف. وفي هذه الأثناء سجلت الضغوطات التضخمية الإجمالية المزيد من التراجع، مع ارتفاع تكاليف الإدخال بأبطأ وتيرة لها في تسعة أشهر، فيما رفعت الشركات أسعار بيعها بشكل متواضع فقط. وكان من المشجع تحسن الثقة في توقعات النمو إلى أعلى مستوى لها في سنة وسط توقعات بارتفاع الاستثمار وتوقعات بظروف أفضل في الأسواق. وسجل مؤشر مدير الشراء الكلي بعد التعديل الموسمي تراجعا من 51.6 في فبراير إلى 51.0 في مارس. وبالرغم من أن القراءة أشارت إلى المزيد من التحسن في صحة القطاع، فإن الارتفاع الأخير كان طفيفا فقط وكان الأضعف منذ نوفمبر الماضي.وتراجع مؤشر مديري الشراء الصيني للخدمات العامة بحسب كايكسين من 54.2 إلى 52.3 في مارس مقابل التوقعات البالغة 54.5، ما أشار إلى تراجع نمو الإنتاج في قطاعي التصنيع والخدمات كافة . ونمت الأعمال الجديدة والتوظيف بمعدل أبطأ الشهر الماضي، ما يشير إلى تراجع الطلب. ولكن قدرة مقدمي الخدمات على تحقيق ربح تحسنت مع ارتفاع تكاليف الإدخال بأضعف وتيرة فيما ارتفعت أسعار الإنتاج قليلا.
مشاركة :