محمد فهد/ الأناضول تتجه أنظار مواطني دول الخليج إلى مدينة الظهران شرقي السعودية، في 15 أبريل/ نيسان الجاري، حيث تنطلق القمة العربية في دورتها التاسعة والعشرين. الخليجيون يأملون أن تحدث القمة اختراقا في جدار الأزمة الخليجية، التي أوشكت على إكمال عامها الأول، في 5 يونيو/ حزيران المقبل، دون حل يلوح في الأفق. فمنذ نحو عام تواصل كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع علاقاتها مع قطر، وفرض "إجراءات عقابية" عليها، بدعوى دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، وتتهم الرباعي بالسعي إلى فرض الوصاية على قرارها الوطني. فهل تنجح القمة، التي ستضيفها دولة طرف في الأزمة، في إحداث اختراق؟ الإجابة عن هذا السؤال مرهونة بالإجابة على أسئلة أخرى، أبرزها كيفية توجيه الدعوة إلى قطر لحضور القمة؟ وإن كان أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، سيشارك أم لا؟ وهل سيكون بند الأزمة الخليجية مطروحا على جدول أعمال القمة؟ ** مستوى تمثيل قطر المتحدثة باسم الخارجية القطرية، لولوة الخاطر، كشفت، في تصريحات خاصة للأناضول ، السبت، عن تلقي الدوحة دعوة رسمية للمشاركة في القمة، قائلة:"وصلتنا بالفعل الدعوة للمشاركة في القمة العربية عن طريق الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط". وحول مستوى تمثيل الوفد القطري، قالت الخاطر"لم تحدده دولة قطر بعد". تحديد مستوى المشاركة مرهون بأمور عديدة، ومن شأنه أن يترتب عليه أمورا كثيرة، فعادة ما توجه الدعوة باسم زعيم الدولة المستضيفة، ويسلمها سفير الدولة المستضيفة أو مبعوث منها إلى زعيم الدولة المدعوة. ومع انقطاع العلاقات بين السعودية وقطر ، تولت الجامعة العربية مهمة إيصال الدعوة لقطر، وهو مؤشر لا ينبئ بأي بادرة إيجابية على طريق تحسن العلاقات بين السعودية وقطر. أيضا غير واضح إن كانت الدوحة تلقت دعوة واحدة لحضور القمة، أم تلقت أيضا دعوة ثانية لحضور ختام تمرين "درع الخليج المشترك 1"، الذي تستضيفه السعودية، بمشاركة 24 دولة. وتضمنت الدعوات التي وجهتها السعودية إلى القادة العرب دعوة لحضور المناسبتين، وفي حال توجيه تلك الدعوة من الرياض إلى الدوحة فستكون "بادرة حسن نية". وكان لافتا أن يتضمن شعار التمرين، الذي انطلق في 18 مارس/ آذار الماضي، ويستمر لمدة شهر، علم قطر، فيما لم تعلن الرياض أو الدوحة رسميا عن مشاركة قوات قطرية في التمرين. ** إيجابيات وسلبيات كذلك يدخل في محددات قرار مستوى مشاركة قطر في القمة دراسة إيجابيات وسلبيات المشاركة، في ظل الأزمة الخليجية. من أبرز الإيجابيات: إسقاط نظرية عزل قطر، عبر مشاركة أميرها في القمة بالسعودية، ومن هنا تثبت الدوحة أنها ليست معزولة أو منبوذة، جراء المقاطعة المفروض عليها من الرباعية العربية. وأيضا من الإيجابيات، إيصال قطر صوتها وموقفها من الأزمة، وتجديد دعوتها، من قلب المملكة، إلى الحوار، سواء تم ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر. كما أن المشاركة ستتيح أول لقاء يجمع زعماء الدول الأطراف في الأزمة، في بادرة حسن نية من الدوحة. ويمكن أن تسهم دبلوماسية المصافحة في تليين المواقف، عبر تدخل زعماء دول داعمين للوساطة الكويتية. بالمقابل، فإن من أبرز السلبيات احتمال حدوث إحراج بروتوكولي ما، خلال استقبال أمير قطر أو أثناء إلقاء الكلمات، ما قد يعمق الأزمة. من هنا فإن غموض مستوى تمثيل قطر حتى الآن يبدو مبررا، في ظل صعوبة اتخاذ القرار. ولكونه لم يغب عن أي قمة عربية، منذ توليه الحكم، في يونيو/ حزيران 2013، تبقى مشاركة أمير قطر في القمة أمرا واردا بنسبة كبيرة. ** الأزمة وجدول الأعمال السؤال الثاني هو: هل ستكون الأزمة الخليجية أحد بنود جدول أعمال القمة؟ لولوة الخاطر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية أجابت عن ذلك في تصريحاتها للأناضول، مشيرة إن ملف الأزمة الخليجية لن يكون مطروحا على أجندة القمة ، وأردفت :" ولكننا في دولة قطر- في حال تمّ طرح المسألة- كما أكدنا مرارا ملتزمون بالحوار في سبيل حل الأزمة طالما أن ذلك في حدود المحافظة على السيادة والمصالح الوطنية لدولة قطر وشعبها". بدوره قال أمين عام جامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في مقابلة مع قناة "العربية" السعودية، الخميس الماضي، إن "هذا الموضوع لم يطرح في أي بند من بنود جدول الأعمال، على مدى الاجتماعات الوزرارية الأخيرة، بما فيها اجتماع 7 مارس (آذار) الماضي، الذي أقر جدول أعمال القمة". وأردف: "الموضوع بكامله تُرك سياسيا لأمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، ودولة الكويت، وهم يتفاعلون ويتعاملون معه، وبذلوا جهدا، وتقديرهم أن الأمر يحتاج لوقت". وشارك وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري، سلطان بن سعد المريخي، في الاجتماع التحضيري للقمة، في القاهرة، مارس/آذار الماضي. إذن فالأزمة الخليجية كبند صريح غير مطروحة على جدول الأعمال، لكن قطعا ستكون حاضرة ضمن أكثر من بند آخر، مثل التضامن العربي، والتأكيد على مكافحة الإرهاب. كما أن مشاركة أمير قطر، إن حدثت، ستجعل الأزمة حاضرة وبقوة، وإن لم يتم الحديث عنها علنا. لذلك كان تصريح المتحدث باسم الخارجية القطرية بالجاهزية للحوار حال طرح الملف- سواء بشكل مباشر أو غير مباشر- " في حدود المحافظة على السيادة والمصالح الوطنية لدولة قطر وشعبها". ورغم أن عدم مناقشة هذا الملف في القمة قد يؤخذ على الجامعة العربية، التي لم تدخل على خط الأزمة منذ بدايتها، إلا أن الواقع يقول إنه من مصلحة كافة أطراف الأزمة عدم مناقشتها خلال القمة بشكل مباشر وعلني، خاصة في ظل عدم وجود مبادرات أو محادثات تمهيدية. فطرح الأمر مباشر وعلنا دون تمهيد قد يعمق الخلاف، وهنا يكون الحل في دبلوماسية الغرف المغلقة، عبر لقاءات تدفع إليها الكويت والدول الداعمة للوساطة، بهدف ترطب الأجواء على الأقل، تمهيدا لحل الأزمة لاحقا. ** حلحلة الأزمة على أرض الواقع تأتي القمة في ظل غياب أي بوادر لحل الأزمة الخليجية، فالحرب الإعلامية بين أطراف الأزمة مستمرة. كما تتواتر أنباء عن تأجيل عقد القمة الأمريكية- الخليجية، التي كانت مقررة في منتجع كامب ديفيد الأمريكي، مايو/ أيار المقبل، إلى سبتمبر/ أيلول القادم، وأنباء اخرى عن عزم السعودية إنشاء قناة "سلوى" على حدودها البرية مع الدوحة، ما يحيل قطر عمليا إلى جزيرة، وهو ما قد ينظ إليه كإجراء يهدف لحصارها. إذن فسقف الطموحات منخفض جدا بشأن احتمال حل القمة العربية للأزمة الخليجية، وتخفيض تمثيل قطر في القمة قد يبدو مبررا في ظل هذه الأجواء، ولكن حضور أمير قطر بنفسه – وهذا متوقع في ظل عدم غيابه عن أي قمة عربية سابقة- سيعد في حد ذاته اختراقا في جدار الأزمة يحرك الركود التي تشهده الأزمة حاليا. وهنا سيكون الرهان هو نجاح القمة في حلحلة الأزمة وتليين مواقف أطرافها، وهذا مرهون بمشاركة أمير قطر في القمة، ثم سعي الكويت، بمساندة الدول الداعمة لها، إلى عقد لقاءات بين القادة الأطراف في الأزمة. وتبقى مفاجآت اللحظات الأخيرة واردة.. فهل يفعلها أحد أطراف الأزمة، ويعلن مبادرة مصالحة تنتظرها الشعوب الخليجية والعربية عامة ؟ ربما يرى كثيرون أن الأمر يبدو مستبعدا تماما. لكن تطورات السياسة ولغة المصالح لا تعرف المستحيل. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :