ويني مانديلا.. الضوء والعتمة

  • 4/10/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

فيصل عابدون القضايا الإنسانية الكبيرة تفرز قادة عظاماُ يكرسون حياتهم في سبيل نصرة الحرية وكرامة الإنسان وإحياء قيم الشجاعة والشرف والنزاهة ويعمدهم التاريخ أبطالاً لشعوبهم وشعوب العالم الأخرى.فقضية فلسطين منحت العالم الزعيم العربي ياسر عرفات كما أن قضية التمييز العنصري قدمت للعالم الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا.وعلى هامش الزعماء العظام يظهر قادة أقل أهمية ينالون شهرة واسعة، إما بسبب قربهم المباشر من الزعماء الكبار أو بسبب تسلمهم مهام تؤثر في بصائر بشرية لكنهم لا ينالون المجد بالضرورة، ومن النماذج البارزة لهذا النوع من القادة السيدة ويني مانديلا رفيقة مانديلا في الكفاح وزوجته السابقة التي رحلت عن العالم الأسبوع الماضي. وطريق العظمة طريق تصاعدي يراكم الإنجازات ويصنع بها مجداً للأفراد والأمم وهو طريق أحادي الاتجاه لا يقبل الانجراف المؤقت أو الدائم، ولا يعترف بالذرائعيات التي تبيح التجاوز وانتهاك الحقوق. لفتت ويني ماديكيزيلا نظر مانديلا إبان سنوات الكفاح ضد نظام الفصل العنصري عندما كانت الحركة الثورية لا تزال صغيرة ونامية واعجب مانديلا بحماستها للقضية وبجسارتها في مواجهة النظام الغاشم وبإخلاصها لقضية الحرية. لكن المناضلة التي حازت كل هذه الخصال واستحقت إعجاب القائد ارتكبت بعد نمو التنظيم الثوري وغياب الزعيم سلسلة من الأخطاء والانتهاكات راح ضحيتها أبرياء من أبناء جلدتها. المنظمة الثورية التي نشأت للدفاع عن الحرية وكرامة الإنسان تحولت إلى جلاد وآلة عقاب تنشر الخوف والرعب وسط أبناء جنوب إفريقيا ونشأت مجموعة مسلحة تحاكم الضمير وتوزع اتهامات التجسس والعمالة وتقتل الناس بطرق غاية في الوحشية والتطرف، وكانت ويني مانديلا القوة المحركة وراء هذا الانحراف الخطير في مسار الحركة الثورية ووجهت لها اتهامات بإصدار أوامر باختطاف وقتل ناشط سياسي شاب يعارض توجهاتها وهي اتهامات أثبتتها التحقيقات في مرحلة لاحقة.. وبعد خروجه من سجنه الطويل انحاز مانديلا إلى ضميره الواعي وقرر تقديمها للعدالة وإنهاء علاقته الزوجية بها. وقال القس دزموند توتو حينها عبارته الحكيمة «لقد كانت مناضلة عظيمة لكن أموراً فظيعة حدثت». إن التاريخ يسجل لويني مانديلا شجاعتها وجرأتها الفائقة في مواجهة قوة عاتية وفي ظروف كانت تستدعي الاستسلام والخضوع والمسايرة، كما يسجل لها شغفها بالنضال وإخلاصها ومثابرتها ؛ لكنه يحرمها من دخول بوابة المجد بسبب «الأشياء الفظيعة التي حدثت». ومن الدروس المهمة التي تقدمها مسيرة ويني ماديكيزيلا المليئة بالعبر، للأجيال أن استحقاق العظمة يكون باتباع الضمير الحي والصبر على طريقه الشاق والطويل. ولن يكون أبداً بالاستجابة لنزعة الانتقام والسعي لامتلاك القوة أو إساءة استخدامها. Shiraz 982003@yahoo.com

مشاركة :