الجزائر - وضعت الحكومة الجزائرية حدا لمعاناة الخريجين والحائزين على شهادات جامعية من مختلف المعاهد والجامعات الأجنبية، بتوقيع رئيس الوزراء أحمد أويحيى، على قرار صدر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، يقضي بتحديد شروط الاعتراف بالشهادات المتحصل عليها في الخارج وتكييفها مع المنظومة المحلية، بغية إنهاء سنوات من معاناة هؤلاء من معضلة شهادة المعادلة التي تكفل لهم الاعتراف من قبل المؤسسات الرسمية في البلاد. وعبر العديد من الطلاب اتصلت بهم “العرب”، لطلب تعليقهم حول القرار الحكومي، بتحديد شروط الاعتراف بالشهادات الجامعية وحتى شهادة البكالوريا، عن تنفسهم الصعداء بعد إنهاء مسلسل الاعتراف الذي أحالهم على البطالة وحرمهم من شغل مناصب وفق تخصصاتهم الدراسية، رغم إلحاحهم عبر مختلف الوسائل على الهيئات المختصة خلال السنوات الماضية، بضرورة وضع آلية فعالة تكفل لهم الحصول على شهادة المعادلة. ورغم استحسان عبدالسلام قصود، المتخرج من جامعة ليبية قبل العام 2011، لمضمون القرار الحكومي، فإنه في المقابل عبر في تصريحه لـ”العرب”، عن “مخاوفه من ثقل الإجراءات الإدارية، خاصة في ما يتعلق بعمل السفارات بعد القرار المذكور لتقصي البيانات اللازمة من المصدر”. مسألة الاعتراف بالشهادات الأجنبية ومعادلتها تطرح العديد من المشكلات لدى الطلاب خصوصا والمسؤولين على قطاع التعليم عموما، فيما الأهم من قرار الاعتراف والمعادلة طبيعة البعض من هذه الشهادات نفسها التي تكون أحيانا إما أنها لا تستجيب للقوانين والنصوص التشريعية داخل بعض البلدان وإما أنها مشكوك في قيمتها، وهي مشكلة تسعى بعض البلدان للتخلص من تبعاتها على غرار الجزائر التي قضت بسن مشروع قانون يقضي بالاعتراف بالشهادات الأجنبية وفق شروط محددة وذكر أنه يعرف حالات كثيرة من خريجي مختلف المعاهد العليا والجامعات في الكثير من البلدان الغربية وبدرجة أقل العربية، وجد أصحابها أنفسهم في دوامة إدارية بين شهادة في رصيدهم وبين تعقيدات الحصول على ما يعادلها في بلدهم، بسبب تأويلات متضاربة للقانون، فبعد اضطراره للعودة برفقة عائلته إلى بلده الأصلي بسبب الظروف التي تعيشها ليبيا، وجد نفسه عاطلا عن العمل بسبب تشدّد هيئة الوظيفة العمومية في هذا المجال، رغم الفرص التي أتيحت له للحصول على وظيفة في قطاع الصحة. وأعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، عن قائمة الجامعات الأجنبية المعترف بها، بغية وضع حد لمشكلة معادلة الشهادات التي ترهن منذ سنوات شهادات المئات من الطلاب المتخرجين من مؤسسات جامعية أجنبية، بسبب رفض الوزارة ومؤسسات حكومية أخرى الاعتراف بها. ووضع القرار شروط الالتحاق بمختلف المراحل الدراسية وأنماط التعليم سارية المفعول، من مستوى ما بعد الثانوي، والمعترف بها من قبل السلطات المختصة في البلاد، على غرار التعليم العالي وشهادة البكالوريا أو أي شهادة أجنبية معترف بمعادلتها. وتتمثل في الحصول على “شهادة إدارية وأكاديمية تسلمها السلطة المختصة تثبت نجاح الطالب، كما تشهد باكتساب الطالب لرصيد علمي وأكاديمي وبيداغوجي يؤهله، فضلا عن قبول القيمة العلمية والأكاديمية لشهادة تعليم عال صادرة عن نظام تعليمي عال أجنبي”. وأكد القرار على أن “تكون المؤسسة العمومية الأجنبية، التي سلمت الشهادة موضوع طلب الاعتراف، مستحدثة من قبل السلطات المختصة في الدولة، وأن يكون التكوين والتخصص مؤهلين من قبل السلطة المختصة للدولة التي تضمن التعليم العالي، طبقا للتشريع والنظام الجاري بهما العمل”. وبحسب مصادر مطلعة، فإن خريجي الجامعات الفرنسية هم المستفيدون الأوائل من قرار الحكومة، باعتبار أن أغلبية المعنيين هم من 120 جامعة ومعهدا عاليا ينتسب إليها الخريجون في مختلف التخصصات، في حين تأتي الجامعات الغربية الأخرى في الصف الثاني، وبعدها بعض الجامعات العربية. وتحول ملف الشهادات الأجنبية في السنوات الأخيرة إلى موضوع هوس حقيقي مطروح بشدة على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ومصدر قلق وتذمر لدى خريجي الجامعات الأجنبية أو الحائزين على شهادة البكالوريا في ثانوياتها، خاصة وأن هيئة الوظيفة العمومية وحتى مؤسسات مملوكة للدولة، كانت تشترط شهادة المعادلة مؤشرة من طرف الوزارة الجزائرية لإسداء أي وظيفة للمترشح لها. وأوجب القرار أن “تكون الشهادة الأجنبية صادرة عن مؤسسة تعليم عال معترف بها وبشهادتها وتربطها اتفاقيات دولية مع الجزائر”. ولتفعيل العملية أوعز رئيس الوزراء لوزارة التعليم العالي بإنشاء “قاعدة بيانات إلكترونية مفتوحة للعموم لدى مصالحها، على أن تتولى المديرية المكلفة بالمعادلات والمراقبة والتوثيق تزويد قاعدة البيانات الإلكترونية بكل معلومة تتعلق بأنظمة التعليم العالي ونظام الدراسات وبرامج التكوين والشهادات المتوجة لها في ربوع العالم”. واستوجب القرار الحكومي، مراعاة ما أسماه بـ“الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الدولة الجزائرية، والتحقق من الطبيعة القانونية والأكاديمية والقيمة العلمية لمؤسسة التكوين ضمن منظومة التعليم العالي التي درس فيها، فضلا عن الاعتراف المسبق بالشهادة محل طلب الاعتراف لدى السلطات المختصة المكلفة بالتعليم العالي للدولة التي تضمن التكوين”. وبالإضافة إلى أن “تكون المؤسسة الأجنبية، مستحدثة من قبل السلطات المختصة في الدولة التي تضمن التكوين طبقا للتشريع والتنظيم الجاري بهما العمل في هذه الدولة المعنية، وأن يكون التكوين والتخصص مؤهلين ومعترفا بهما”. ورغم أن القرار بدا مريحا لخريجي الجامعات الأجنبية، فإن الشروط الدقيقة التي وضعها لإصدار شهادة المعادلة وغلقه الأبواب أمام حرية اختيار الطالب الذي يزاول دراسته في الخارج لتخصصه وجامعته، تثير مخاوف المعنيين من أن تكون مبخرة لآمالهم في الحصول على رغباتهم في وطنهم الأم، فيما تتحجّج الحكومة بسد الثغرات التي قد تستغل من طرف بعض الانتهازيين. صابر بليدي صحافي جزائري مقالات ذات صلة
مشاركة :