دبي: ميرفت الخطيب 25 فرداً من أصحاب الهمم أصبحوا رمزاً للنجاح والتفرد في مجالات كثيرة، إذ أثبتوا قدرتهم على الإنتاج والعمل والتعامل مع الناس من دون الحاجة إلى تلك النظرات المتعاطفة، أو المشفقة على حالتهم. هم موظفون عاديون يتوجهون صباحاً إلى وظائفهم، ينالون معاشاتهم وكامل حقوقهم كموظفين، أضف إلى ذلك أن نسبة كبيرة منهم من الأبطال العالميين في مجالات رياضية عدة، بل وجابوا العالم من خلال مشاركاتهم في الأولمبياد لتمثيل الإمارات. هؤلاء النماذج من أصحاب الهمم لم يكن لهم أن يصلوا إلى ما هم عليه اليوم من استقرار مادي ومعنوي وأسري، خاصة أن 3 منهم متزوجون، لولا الدعم والإحاطة بالاهتمام وتوفير وسائل النجاح والتدريب لهم من الدولة.«الخليج» زارتهم في محل نباتات الزينة الداخلية في أحد فروع مركز للتسوق في دبي، حيث شرحت عملهم ريم سعيد الغيث المدير العام لمؤسسة «إينبل»، وهي مؤسسة تجارية مجتمعية لدعم أصحاب الهمم الشباب، تستهدف تمكينهم من الدمج، وخلق وظائف لهم. والمؤسسة التي أخذت على عاتقها أن تؤسس لهذا المشروع كلها ثقة بأن أصحاب الهمم لديهم قدرات كثيرة. وكان المشروع انطلق عام 1988 في واحة في صحراء دبي بمنطقة الخوانيج تتبع مؤسسة «ديزرت جروب»، لتمكين أصحاب الهمم من الدمج التجاري. وتشرح ريم الغيث كيف بدأ المشروع بتعليم أصحاب الهمم بكيفية عمل زينة داخلية من النباتات تستخدم للديكور الداخلي أو الخارجي للمنازل، ويؤديها، أو يقوم بها مجموعة من أصحاب الهمم والبالغ عددهم 25 موظفاً، بكل ما للكلمة من معنى، معظمهم من مواطني الدولة، وجميعهم لديهم إعاقات عقلية بسيطة، ومتنوعة، ومن بينهم 3 متزوجين. يدعم المشروع مؤسسة «ديزرت جروب» وهي شركة زراعية تأسست عام 1988 كأول مؤسسة تجارية على مستوى الدولة، و«إينبل» فرع منها، وهي أول مؤسسة تعتني بدمج أصحاب الهمم، وتوفير فرص عمل لهم، وتتراوح أعمار الشباب بين 25 و40 سنة، وهم موظفون يحصلون على كل الامتيازات من حكومة دبي، من رواتب وتأمينات صحية ورحلات ترفيهية شهرية للموظفين، إضافة إلى برنامج ترفيهي رياضي وتوفير زي العمل والمواصلات، ووجبات للإفطار، ودوامهم من الثامنة صباحاً وحتى الواحدة ظهراً. وقالت الغيث: إن عدد العاملين لدينا 25 بينهم 12 من أصحاب النجاحات من الأبطال العالميين يمثلون الدولة في المحافل الدولية في الجري، والسباحة، ورمي الجلة، وغيرها، مثل أحمد فرج أحد أبطال الإمارات في السباحة منذ 2003 والذي زار العالم بمعظمه مشاركاً في العديد من بطولات الأولمبياد العالمية، وحصل على ما لا يقل عن 20 ميدالية ذهبية. أما زميله صلاح قصاب فهو بطل في ألعاب القوى والهوكي، فضلاً عن أن جميع العاملين هم أعضاء في نادي دبي لأصحاب الهمم، إضافة إلى الاهتمام بالرياضة، فبعضهم يحفظون كل أسماء الزينة وأشجار التربة، والفواكه ولديهم القدرة على التعامل مع الزبائن، كما أن المؤسسة ترد كامل مردود المشروع لأصحاب الهمم، بل ويأخذون نسبة أضافية للموظف الذي تباع نبتاته اكثر من غيره. وتسرد كيف بدأ المشروع بالقول: انطلاقاً من المسؤولية المجتمعية لمجموعة «ديزرت جروب» لتوظيف أصحاب الهمم، بدأت الخطوة بتوفير وظائف لأصحاب الهمم في مشغل واحة الصحراء في منطقة الخوانيج، واعتبر هذا المشروع من ضمن مبادرات الدولة 2020 كأول شركة إماراتية تطبق مبادرة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، بجعل دبي بيئة صديقة لأصحاب الهمم. وبدأنا بتوظيف تسعة منهم، ووصل العدد إلى 25، ورسالتنا أننا نريد أن نؤكد للمجتمع أن هذه الفئة قادرة على العمل والإنتاج وتوفير الفرص لهم من الدمج التجاري داخل المجتمع، وشعارنا هو «لا تنظر إلى إعاقتي..انظر إلى منتجي»، و«بهمتي أصنع منتجي.. بهمتي أرسم مستقبلي». وتقوم المؤسسة بتوفير الكادر الفني المؤهل من الأخصائيين السلوكيين والمهنيين لتربيهم وتأهيلهم مهنياً وسلوكياً، وتبسيط مراحل العمل للوصول لأعلى درجات الجودة والمنافسة في الأسواق المحلية. مراحل متطورة يتنقل الموظف من مرحلة إلى أخرى، أولاً العمل الزراعي حتى يتعلم كيف يتعامل مع النباتات، وكذلك نظافة المنتج، والعناية، ووسائل الرعاية، وحالياً هناك كادر مدرب ليدربهم على كيفية التعامل مع الزبائن. وترى أن مشروع توظيف أصحاب الهمم ينعكس عليهم بكل الإيجابية، كونه يوفر لهم الاستقلالية الفردية فتقول: نحن نركز على هذه النقطة بان نضع «كود» على المنتج لكل موظف تضمن له وصول الامتيازات، حيث تتم مكافأته بنسبة 15% من سعر المنتج، منوهة بوجود محل متنقل بدعم من بنك الفجيرة الوطني لعمل ورش عمل، والبازارات وللعرض.وتتمنى عدم النظرة إلى أصحاب الهمم نظرة شفقة والرعاية، لأن في داخلهم طاقات من القدرة على العطاء والعمل، وقادرون على تحمل المسؤولية وتحقيق الذات بتوفير قدر كاف من الاستقلالية في حال توفر الوظائف الملائمة لهم لإثبات قدراتهم على العمل والإنتاج ما يوفر الكثير من الأعباء المادية على الدولة من نواح كثيرة، منها السكن والصحة وغيرهما. آثار إيجابية خلال وجودنا في المحل تصادفت زيارة أم موظف يدعى باسل و قالت إن ابنها البالغ 25 عاماً والمولود في الإمارات، انضم إلى المؤسسة منذ 2009 ملتحقاً ببرنامج التأهيل المهني وتم تدريبه على التعامل مع النباتات. وتشير إلى أن العمل انعكس بشكل إيجابي جدا على ابنها، وأصبح أكثر هدوءًا ويحب العطاء ومعتمداً على نفسه، ولا تشكل الإعاقة الذهنية التي لديه مشاكل كثيرة بل على العكس فهو إنسان منتج يحب عمله كثيرا. وتعقب بالقول: هو مثلي موظف كامل، وصل إلى مرحلة الاستقلالية في عمله وفي خدمة نفسه، يهوى الرياضة خاصة رياضة «البوتشي» والتي تعتمد على التركيز للوصول إلى الهدف بتحقيق أكبر عدد من الكرات.
مشاركة :