رَفَقَ بالحيوان فكانت المكافأة عاجلة بقلم الكاتب منصور المحمدي

  • 4/11/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

روافد: الكاتب: منصور المحمدي (رَفَقَ بالحيوان فكانت المكافأة عاجلة) قصة حقيقية وثقتها ممن عاصرها ولا يزال على قيد الحياة وقد مرّ عليها عشرات السنين ، وفيها عبرة بالغة يرى فيها الإنسان رحمة الله وقدرة الله سبحانه وتعالى على مكافأة الإنسان على إحسانه مباشرة وبالدنيا قبل الآخرة وإن كان الجزاء في الآخرة على الأعمال الصالحة لا يقارن بجزاء الدنيا فهو جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ، والعقاب على الظلم والشر والذنوب والخطايا وإن حصل بعضه في الدنيا الا أنه لا يقارن بعذاب الآخرة ، أجارنا الله والمسلمين من العذاب في الدنيا والآخرة. وهذا الرجل يعيش بقرب المدينة المنورة بمنطقة تسمى الجرف وهي تقع شمال غرب المدينة والآن حي من أحيائها وهو الذي ورد في السيرة النبوية أن الدجال ينزل في سبخائه ، ففي ذلك الوقت وفي بداية توحيد الدولة وقبل إكتشاف البترول وزيادة الموارد الإقتصادية كانت ظروف أغلب الناس صعبة ولا يتوفر المال والرخاء الا لفئة قليلة منهم ، فقد إنتهى الطعام عند أهله ويريد أن يحصل لهم على طعام ، وعادةً يأخذ أغلب الناس من التجار بالدين ثم يسددون التاجر إما مالاً أو عوضاً عن المال مثل التمر أو الماشية بحسب ما هو متيسر ، فلبس هذا الرجل عباءته وكان من عادة الناس في ذلك الزمان وخصوصاً من يعيشيون في الضواحي والبادية أن لا يذهب الى السوق إلا وعليه العباءة والتي تسمى الآن البشت وكذلك تسمى العباءة وإذا لم توجد لديه فإنه يستعيرها من جيرانه ويعتبر من العيب أن يذهب بدونها وكذلك أن يذهب بدون العمامة ويمشي مكشوف الرأس أو بطاقية فذلك من العيب عندهم في ذلك الزمان ، فذهب هذا الرجل الى سوق المدينة ومعه خريطة وهي كيس كبير من القماش يستخدم للدقيق والرز ويستخدم فارغاً لوضع الأغراض فيه وحملها ، وعندما وصل الى السوق ذهب الى التجار وكلما ذهب لتاجر قال له إن عليك دين كبير ولا أستطيع أن اعطيك شيء ، حتى إذا جاء قبل الظهر رجع الى بيته مهموماً لا يدري ماذا يفعل و كان في ذلك الوقت توزع الحكومة الخبز على الناس في المدينة للمحتاجين لسد جوعهم ، فحصل على قرص خبز واحد وكان يشعر بالجوع ولم يستطع أن يأكل منه لأن في عاداتهم من العيب الكبير والنقص في المروءة أن يأكل الرجل في السوق ، فخرج من جهة باب الشامي وهي الجهة الشمالية من سور المدينة وخبأ قرص الخبز في عباءته وعندما وصل الى الترسيس وهي الآن بداية طريق العيون عند القلعة التاريخية المعروفة بهذا الإسم ، مَرّ بِجُحر كلبة جالسة على الجحر وفيه صغارها وعادة الكلاب إذا مر بقرب جحرها أحد أن تنبح بقوة وتحاول أبعاده عن الجحر لكن هذه الكلبة نبحت بصوت خافت لا يكاد يسمع ، فقال هذا الرجل والله إنه أصابها ما أصابني من شدة الجوع ، فأخرج الرغيف وأعطاه لها فأجتمت عليه مع صغارها تأكل منه، فقد أنهكها وصغارها الجوع ، وذهب الرجل في طريقه وكان طريق العيون الحالي طريق للناس على أرجلهم أو دوابهم وبعد مسافة ليست كبيرة وتقريبا قبل أول إشارة على طريق العيون للخارج من المدينة كانت هناك مراغة كبيرة والمراغة هي التراب الناعم جداً المتراكم في الطريق من الغبار نتيجة مرور الناس والدواب في الطريق الترابي ، فعند هذه المراغة والتي تغوص فيها الأرجل الى الساق وعند مرور هذا الرجل فيها علقت ساقه بسلك فحرك رجله لإبعاده فلم يستطع فقام بسحبه بقوة فخرجت معه صرة مربوطة بهذا السلك مدفونة بالتراب وفيها ١٢ جنيه ذهب ، ففرح الرجل فرحاً عظيماً ، فيعتبر ذلك مالاً كبيراً في ذلك الوقت ، فرجع الى السوق وسدد ديونه وأشترى جميع ما يحتاج اليه وكذلك إشترى لجيرانه وأستأجر حمار وعربية وقِدم لأهله وقد حَمَّل العربية من الأرزاق وكانت من أسباب سعة رزقه ، فقد كان الجزاء من الله سبحانه وتعالى عاجلاً لهذا الرجل الذي رِفق بهذا الحيوان وبصغاره وكان الجزاء من جنس العمل ، فكيف بمن يرفق بالضعفاء والمساكين والفقراء ويحسن اليهم ويسد حاجاتهم فإن جزاءه عند الله عظيم ، وكما أن الجزاء على الإحسان قد يكون عاجلاً بقدرة الله سبحانه وتعالى فكذلك الجزاء على الظلم والإساءة والإعتداء على الإنسان أو الحيوان فقد تكون العقوبة عاجلة والجزاء سريعاً ، و يظهر من هذه القصة ثواب من يرفق بالحيوان وقد اشتهرت الأحاديث النبوية الصحيحة عن ثواب الإحسان للحيوان والرفق به ، فقد دخلت إمرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض وغفر الله لبغي من بني إسرائيل وجدت كلباً يكاد يموت من العطش فنزلت الى البئر وملأت خفها وأسقته ، فما أعظم هذا الدين العظيم دين الإسلام الذي جعله الله رحمةً للعالمين وشملت الرحمة جميع المخلوقات حتى الحيوان ، قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ. والحمد لله رب العالمين أن جعلنا من المسلمين والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين الذي أرسله الله رحمةً للعالمين صلى الله عليه وسلم. وثق هذه القصة : المهندس :منصور المحمدي المدينة المنورة mansourmf @gmail.com    مرتبط

مشاركة :