بينما تتجه أعمدة الدخان الناجمة عن قنابل الغاز المسيل للدموع عبر المنطقة التي تحظرها إسرائيل داخل السياج الحدودي لغزة يهرول المحتجون الفلسطينيون بينها اعتمادا على وسائل بدائية الصنع للوقاية من الدخان.ويستخدم الفلسطينيون كمامات طبية وزجاجات بلاستيكية وقمصانا وكوفيات للحماية من قنابل الغاز التي تطلقها القوات الإسرائيلية يوميا. ويعد البصل العنصر المشترك للكثير من أجهزة الحماية.لكن الفاعلية التي يمكن أن يوفرها البصل تظل محل شكوك في مواجهة أحدث "وسائل فض الشغب" التي يستخدمها أحد أفضل الجيوش تسليحا في الشرق الأوسط. ومع ذلك فإن المحتجين يثابرون ويواصلون احتجاجاتهم.ويقول البعض إنهم يحاكون التقنيات التي استخدمت في الانتفاضة الفلسطينية الأولى ضد إسرائيل في الثمانينات. وقام آخرون بتقليد الأقنعة التي ظهرت 0في أفلام من إنتاج هوليوود مثل فيلم (في فور فينديتا).وغطت جهاد أبو محسن (48 عاما) معظم وجهها بزجاجة بلاستيكية تحتوي على بصلة على أنفها. وكانت واثقة من أنه كلما زادت كمية البصل طال أمد مشاركتها في الاحتجاج.وقالت إن البصل يخفف من تأثير الرائحة القوية لكنه لا يمنع وصول الغاز. وأضافت أنه تم نقلها مرتين إلى خيمة طبية لتلقي العلاج.ويفضل مازن النجار (15 عاما) خليطا من عدة مكونات عبارة عن عبوة كوكا كولا فارغة محشوة بالقطن والعطر والفحم.وعندما سئل عما يتمنى أن يكون في المستقبل صمت برهة ثم قال "ربما صانع أقنعة".والغاز المسيل للدموع هو بلا شك أسوأ خطر يواجهه المحتجون.ولقي 30 فلسطينيا حتفهم خلال مسيرة العودة الكبرى التي تستمر ستة أسابيع والتي تجدد مطالب فلسطينية قائمة منذ فترة طويلة تتمثل في حق العودة إلى الديار التي هجرها أصحابها خلال أعمال العنف التي واكبت إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948.وترفض الحكومة الإسرائيلية منح الفلسطينيين أي حق للعودة وذلك خشية أن تفقد الدولة أغلبيتها اليهودية.وتدافع القيادات العسكرية والسياسية في إسرائيل عن استخدام الرصاص الحي لمواجهة المحتجين قائلين إنهم سيستمرون في حماية حدود إسرائيل.ويتهم القادة أيضا حركة حماس وغيرها من الحركات الفلسطينية بالتحريض على التظاهر واستخدامها كستار لشن هجمات. ولم يقتل أو يصب أي إسرائيلي خلال تلك الاحتجاجات.ومن المتوقع زيادة أعداد المحتجين يوم الجمعة عندما تصل المظاهرات إلى ذروتها. وحسب أحدث إحصائية لوزارة الصحة في غزة فإن 3000 شخص أصيبوا حتى الآن بينهم 900 يعانون من استنشاق الغاز.وقال الطبيب محمود الخازندار أخصائي الأمراض الصدرية في غزة إن الوسائل البدائية التي يستخدمها المحتجون للحماية لا يمكنها وقايتهم من التعرض المباشر للغاز المسيل للدموع وإن تأثيرها نفسي أكثر من أي شيء آخر.وأضاف أن البعض يحاولون الابتكار بينما يريد البعض الآخر إظهار البأس الشديد.
مشاركة :