لم يكن أحد من أفراد طاقم الطائرة العسكرية الجزائرية المتجهة من مطار بوفاريك العسكري إلى مدينة تندوف ولا من ركابها، يعلم أنها ستكون رحلته الأخيرة. 257 شخصا لا يعرف أحدهما الآخر اجتمعوا معا في طريق بلا عودة، لتنهي النيران أحلامهم وآمالهم جميعا، وتوقف معها فرح أسرهم بلقائهم مرة أخرى، مخلّفة وراءها مآسي وقصص إنسانية عديدة وإن اختلفت في مضمونها، فهي تشترك في وجعها. "محرز فليتة" (27 سنة) واحد من ضحايا #الطائرة_العسكرية_الجزائرية التي تحطمّت صباح الأربعاء، قبل أشهر عن موعد إقامة حفل زواجه من حبيبته الذي كان مبرمجا خلال الصيف القادم مباشرة بعد إتمامه الخدمة العسكرية في إحدى الثكنات العسكرية بمدينة تندوف جنوب #الجزائر، لكن الموت لم يمهله، واختار القدر أن يذهب في رحلة على متن طائرة لم ولن تصل أبدا. قضى محرز اليوم الذي يسبق الحادثة، مع صديقه المقرب "زكريا"، حيث زارا معا الحلاّق، قبل أن يقوم بتوديع عمته، والعودة إلى منزل الأسرة، وعلى غيره عادته مكث بعد وجبة العشاء في البيت مع عائلته ولم يخرج إلى المقهى، حيث أعدّت له والدته عشاء خاصا حتى لا يشتاق إلى أكلها وهو في السفر. قائد الطائرة المنكوبة وفي صباح الأربعاء، استيقظ محرز باكرا وتوجه إلى المطار، من أجل السفر إلى تندوف وكلّه أمل في استكمال الشهر المتبقي من الخدمة العسكرية التي تشكلّ عقبة في طريق توظيفه، وقبل الصعود إلى الطائرة، لم ينسى الاتصال بحبيبته لتوديعها ووالدته التي طلب منها أن تراقب صعود الطائرة من المطار الذي كان غير بعيد عن محل سكنى العائلة، من دون أن يعلم أنه سيكون الإتصال الأخير وأن الأقدار شاءت أن تكون رحلته الأخيرة في عالمنا، وأن والدته ستتابع وفاته على المباشر، عندما ظلت تراقب الطائرة قبل أن تسقط وتنفجر وبداخلها ابنها، لتتنزل فاجعة وفاته كالصاعقة عليها وعلى كل مقربيّها. المأساة نفسها ضربت بحزنها، إحدى الأسر في مدينة غليزان غرب البلاد، فهي لن تتمكن من رؤية ابنها الجندي "عبد القادر بن حريرة" (29 سنة) الذي يشهد له الجميع بحسن أخلاقه أو اللقاء به مرة أخرى، بعدما غادرها للحاق بعمله، على أمل العودة في أقرب وقت ممكن، لكنه تركهم إلى الأبد وذهب بلا رجعة، مخلّفا وراءه ابنا صغيرا وزوجة حامل بآخر، لن يستطع التعرّف على والده أو ملامسته أبدا إلاّ من خلال الصور. عبد القادر بن حريرة وعلى متن نفس الرحلة أيضا، كان هناك الجندي في قوات #الجيش_الجزائري محفوظ بن حدود (35 سنة)، الذي استيقظ صباح الحادثة من أجل التوجه إلى مقر عمله في الثكنة العسكرية بمدينة بشّار، ودّع طفليه أصغرهم يبلغ من العمر 6 أشهر، قبل التوجه إلى المطار لركوب الطائرة التي انتهت داخلها حياته، تاركا وراءه عائلة مكلومة وأبناءا ينتظرون عودته إليهم، وهم لا يعرفون أنّ انتظارهم سيطول هذه المرّة. أحد ضحايا الطائرة المنكوبة وفي محافظة المسيلة شرق البلاد، خيّم الحزن أيضا على أهالي قائد الطائرة المنكوبة إسماعيل دوسان (46 سنة) الذي التحق بعمله مثل العادة، لكنّه حرص هذه المرّة على التقاط سيلفي وإرساله إلى بناته الثلاثة قبل إقلاع الطائرة بدقائق، كأنه يعلن لهم أنّه في رحلة بلا عودة، وأنه لن يكن إلى جوارهم في بقيّة مشوار حياتهم. عائلة قتلت بالطائرة الجزائرية المنكوبة وعلى متن نفس الطائرة المحطمّة، توفيت عائلات بأكملها مكونة من الزوج والزوجة والأطفال من مدينة #تندوف، كانت في طريقها للعودة إلى مسقط رأسها من العاصمة الجزائر، حيث اختارت الرحيل معا من هذه الدنيا، والذهاب في رحلة بلا رجعة.
مشاركة :