دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى ضرورة تعزيز التكامل الاقتصادي العربي والنهوض بالعمل العربي المُشترك في المجالات الاقتصادية والاجتماعية.جاء ذلك في كلمة أبو الغيط اليوم الخميس أمام الجلسة الافتتاحية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة العادية الـ29 برئاسة السعودية.وقال أبو الغيط إن الأزمات الخطيرة المتوالية التي ضربت المنطقة العربية منذ 2011 لا تؤثر على دولة بعينها، وإنما تمتد تأثيراتها السلبية وتبعاتها الخطيرة مُتخطية الحدود، وتُزيد من صعوبةِ الأوضاع الاقتصادية في عددٍ من الدول العربية، سواء فيما يتعلق بارتفاع تكلفة حماية الحدود وصون الأمن الداخلي من مخاطر الإرهاب، أو من حيث تدفق أعداد هائلة من اللاجئين، بما يفوق طاقات الدول المستضيفة ويضغط على كافة منظوماتها الحياتية.وأشار أبوالغيط إلى تأثيرات الصراعات على التجارة البينية بين الدول العربية، وعلى مُعدلات التوظيف والتشغيل، وغيرها من أوجه النشاط الاقتصادي التي نالها أذى كبير في ظل تصاعد التهديدات الإرهابية واستمرار حال انعدام الاستقرار في بعضِ الدول العربية.وقال أبو الغيط إنه في ظل الأوضاع الراهنة فإن الدول العربية مطلوبٌ منها أن تخوض معركتين في آن واحد، وبنفس الدرجة من التصميم والعزم، معركة القضاء على الإرهاب واستئصال جذوره من التربة العربية ومعركة التنمية والتحديث على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، موضحا أنهما معركتان متكاملتان لا انفصال بينهما ولا يمكن لشعوبنا العبور إلى المستقبل سوى بالانتصار فيهما معًا.. مشيرا إلى أنه رغم ما تحقق من دحر جماعة الإجرام والتكفير المُسماة بداعش ، إلا أن الطريق ما زال طويلًا لكي نطمئن إلى أن هذا البلاء لن يعود ليضرب مجتمعاتنا من جديد . كما قال أبو الغيط إن المرحلة الحالية تتطلب تعزيز الانتصارات التي تحققت عبر الإسراع بإستعادة الحياة الطبيعية للمناطق والبلدات التي عاث فيها الإرهابيون فسادًا، فخربوا عمرانها وهجروا سُكانها.ولفت إلى أن إعادة الإعمار تفرض نفسها على الأجندة العربية كمشروع رئيسي في هذه المرحلة الحاسمة، وسيحتاج الأمر لسنواتٍ من العمل والجهد التنموي من أجل استعادةِ ما دُمر وإعمار ما خُرب، مما يمثل فُرصة كبيرة لمشروعاتِ تكامل عربي تُركز على هذا الجانب الذي يُسهم في تعزيز الوضع الاقتصادي العربي في مجمله.ونوه أبو الغيط بجهود العديد من الدول العربية في إقامة مشروعات اقتصادية كبرى، من شأنها تعبيد الطريق أمام ولوج الدول العربية إلى عصر الثورة الصناعية الرابعة، بما يفرضه من محددات اقتصادية ومتطلبات تكنولوجية ، معربا عن أمله في أن تصب هذه الجهود في سد الفجوة الخطيرة في مجال التوظيف.وقال أبو الغيط إن البطالة بلغت في العالم العربي، خاصة بين الشباب، معدلات مرتفعة تصل إلى 30% من قوة العمل، مشيرا إلى أن النمو المنشود هو ذلك الذي يأخذ بيد كافة شرائح المجتمع، ويُسهم في تخفيف حِدة الفقر، ويقود إلى زياة الإنتاجية والاستثمار، ومن ثم توفير المزيد من فرص العمل.وشدد أبو الغيط على ضرورة تعزيز مشروع التكامل الاقتصادي الذي آن الأوان لانتقاله إلى حيز الفعل والتنفيذ، مشيرا إلى أنه جرى عملٌ كثير خلال السنوات الماضية على صعيد استكمال الأركان القانونية والمؤسسية لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، والاتحاد الجمركي العربي، وتحرير التجارة العربية في مجال الخدمات. وهنأ ابو الغيط في هذا الصدد كلا من مصر والأردن لقيامهما بالتوقيع اليوم على اتفاقية تحرير تجارة الخدمات بين الدول العربية، معربا عن أمله في انضمام باقي الدول العربية في الأجل القريب.وقال أبو الغيط إنه برغم ما تحقق على صعيد التكامل الاقتصادي العربي، إلا أن الانطلاقة الكبرى نحو تحقيق هذه التطلعات ما زالت تنتظر الإرادة السياسية من أجل تحويل الحلم إلى واقع.ولفت أبو الغيط في هذا الصدد إلى تطورٍ هام سيتحقق هذا العام، على صعيد تعزيز التكامل الاقتصادي العربي وهو اعتماد قواعد المنشأ التفصيلية للسلع العربية المُتفق على تداولها في منطقة التجارة الحُرة العربية وهي تتجاوز 90% من إجمالي قواعد المنشأ للسلع العربية.وأضاف أن معضلة الاتفاق على قواعد المنشأ طالما مثلت عقبة كبيرة في طريق استكمال منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، مشددا على أن تذليل هذه العقبة سوف يُمهد الطريق لاستكمال خطوات تفعيل التكامل الاقتصادي بإيقاع أسرع وتوافق أوسع.وأكد أبو الغيط أنه على صعيد التنمية المستدامة فإن الدول العربية اختارت الإلتزام بتنفيذ أجندة التنمية المُستدامة 2030، مما يتطلب التعامل بجدية مع التحديات الخطيرة التي تواجه الجهود التنموية في المستقبل، خاصة فيما يتعلق باستدامة الموارد الطبيعيةولفت أبو الغيط إلى أن 40% من سُكان المنطقة العربية يعيشون في مناطق شُح مائي ، والمتوقع أن تؤدي التغييرات المناخية إلى خفض الموارد المائية العربية بنسبة 20% إضافية بحلول عام 2030 ، محذرا من خطورة التحديات التي تفرضها هذه المعطيات، خاصة فيما يتعلق باتساع الفجوة الغذائية في العالم العربي، والتي سجلت ارتفاعًا مُزعجًا من 18 مليار دولار أمريكي عام 2005 إلى 34 مليار دولار أمريكي عام 2014.وقال أبو الغيط إن قضايا المياه والطاقة والبيئة وانتاج الغذاء مترابطة ومتكاملة ، وكلها تستلزم تخطيطًا يخاطب المستقبل ويستشرف مخاطره التي ستنعكس بصورة مباشرة على نوعية حياة المواطن العربي ومستوى معيشته وأمنه الاقتصادي، مؤكدا أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي يمثل ركيزة أساسية في منظومة العمل العربي المشترك، و سوف يأخذ هذه التحديات وغيرها بعين الاعتبار، ويوليها ما تستحق من الانتباه والاهتمام.
مشاركة :