سلط مرصد الأزهر للغات الأجنبية، الضوء على مقالٍ في صحيفة "الجارديان" البريطانية، يستعرض الكاتب "مايكل كيميل"، مدير مركز الرجولة والذكورة بجامعة "ستوني بروك" في "نيويورك"، دراسته التى تسعى إلى تحليل أثر النوع أو الذكورية على تشكيل العقلية المتطرفة من كافة التوجُّهات؛ سواء أكانوا بِيضًا متعصبين ضدَّ السُّود، أو إرهابيين متطرفين، أو معادين للإسلام، أو كارهين للتعدد الثقافي. ولفت الكاتبُ من خلال المقال إلى أنَّ الحاجة إلى تعويض الذكورية أو الرجولة المفقودة هي من أهم الأسباب التي تدفع المتطرف إلى الانخراط في جماعات إرهابية؛ لاستعادة ما فقده في صغره أو بين مجتمعه. وأكدُ الكاتبُ أنَّ الدراسة أجريت على متطرفين منْ كافة التوجهات، ولم تقتصر على طائفة محددة من المتطرفين، ويضيف: أنَّ الدراسة تمّت على أكثر من مائة راديكالي؛ لمحاولة الربط ما بين العنف والنوع الجنسي، ولاحظ أنَّ النوع الذكوري هو الأقرب إلى التطرف والعنف من النوع الأنثوي. ويرى الكاتبُ أنَّ النشأةَ السلبية للعديد من المتطرفين من العوامل التي تقودُهم إلى الالتحاق بهذه الجماعات؛ فعلى سبيل المثال: التعذيب أو ممارسة العنف ضد الأطفال من قِبَل معلميهم في المدارس أو من قِبَل الوالدين في البيوت، أو عدم احتواء الأطفال في المجتمعات أو في المدارس أو النوادي، والتي تؤدي إلى تشويه شخصية الطفل وشعوره الدائم بالنقص والعجز شعورُ النقصِ والعجز الذي يكتنف الشخص منذ صغره وحالة العزلة الفكرية التي يعيشها بعيدًا عن مجتمعه تجعله يفكر في الانتقام من هذا المجتمع الذي عامله بهذه الطريقة، وكذلك يحاول الإثبات لنفسه ولمن حوله أنَّه مكتمل الرجولة؛ فيتجنَّد ضمن هذه الجماعات الراديكالية، لتأكيد هذا الشعور، أو لاستعادة النقص الذي عاشه في مجتمعه، فالتجنيد في ظل هذه الجماعات المتطرفة هو إثبات الرجولة والذكورية لمن حوله.وأكد كاتبُ المقال أنَّه: لا يدّعي أنَّ عامل إثبات الرجولة أو الذكورية ليس العامل الوحيد، وإنَّما هناك العديد من الأسباب النفسية التي تقود الراديكالي إلى هذا التوجُّه، لكن عامل الإحساس بالذكورة وإثبات الرجولة من أهم العوامل التي يجب أنْ نأخذها بعين الاعتبار؛ للوقوف على أسبابها ونشأتها وكيفية مواجهتها. وأضاف الكاتب، أنَّ عامل إثبات الرجولة والذكورية تحيطه أسباب تتكرر بصفة يومية في مدارسنا ومجتمعاتنا وبيوتنا مع الأطفال عن طريق ممارسات غير سوية، من شأنها خلْقُ أفراد تكره مجتمعاتِها وأفرادٍ تُكِنّ الحقدَ للمُختَلف معها وأفراد مستعدة في أيّ لحظة لإثبات ذاتها بأي طريقة، حتى ولو بتفجير نفسها والانتحار من أجل تحقيق هذا الهدف؛ فعمليات "التنمُّر" التي تحدث للأطفال في المدارس من قِبَل زملائهم، والعزلة التي يعيشها العديد من طلاب المدارس، والعنف المُمارَس من قِبَل بعض الطلاب تُجاهَ زملائهم، والعنف الأسري مع الأبناء والأطفال وسوء معاملة الأولاد في البيوت؛ كل هذه ممارسات لا بد أن تخلق شخصية غير سوية تحمل كل هذا الكُرْه والبغض والتطرف بداخلها ناحية المجتمع الذي تعيش فيه. ويري "مرصد الأزهر، أن الكاتب من خلال هذه الدراسة لا يقول: إن التطرف ينحصر فقط في الذكور، بل يتفق الجميع أن هناك متطرفات من النساء أيضًا، بَيْدَ أن الملاحظ أن المجنّدين لدى الجماعات المتطرفة بكافة أطيافها من الذكور، الأمر الذي يستدعي تحليل الأسباب الكامنة وراء هذا؛ من أجل معرفة الحوافز الدافعة لهذا الجنس نحو التطرف، ومن ثَمّ الوقوف على طرق المواجهة المناسبة التي يمكن من خلالها منع وقوعهم في براثن تلك الجماعات، فضلًا عن المساهمة في إعادة تأهيل مَن وقعوا ضحية لهذه الجماعات بالفعل.وأكّد "المرصد" أن الأسباب سابقة الذكر ليست مطّردة تمامًا، فليس بالضرورة أن كل من عانى في فترة الطفولة من شعور النقص أو العجز أو حالة العُزْلة الفكرية بعيدًا عن مجتمعه، فكّر في الانتقام من هذا المجتمع الذي عامله بهذه القسوة أو شَبّ متطرفًا.وشدد على أهمية إخضاع المتطرفين للتحليل النفسي وتتبُّع سيَرهم الذاتية؛ للكشف عن مزيد من الأسباب الحقيقية الدافعة لارتكاب عمليات إرهابية ضد أوطانهم.
مشاركة :