لاحظَ أن هناك بعضاً من التيبّس عند تحريك مفاصل أصابع يده اليمنى، خصوصاً في إصبعي الخنصر والبنصر. لم يكترث كثيراً معتقداً بأن التيبّس ناتج عن الأعمال التي يقوم بها يومياً وتتطلب مهارة يدوية. ومع مرور الوقت زاد وضع مفاصل اليد سوءاً، إذ لم تعد قادرة على تحمّل مسك الأشياء، وأخذ بعض أصابع يديه يميل إلى التقوّس. أما المصافحة مع الآخرين فهي عملية مزعجة. فما الذي جرى لأصابع يده؟ توجه إلى طبيب مختص في أمراض العظام والمفاصل، فطلب له صورة شعاعية لأصابع يديه ليتبين منها أنه مصاب بمرض «دوبوترين». وينشأ مرض «دوبوترين» نتيجة تسمّك وتليّف وانكماش الغشاء الضام الذي يغلّف أوتار الكف وأعصابه وأوردته ما يؤدي إلى تقوّس أصابع اليد. ولا يسبب هذا المرض أي ألم في الأصابع، لكنه يتطور خفية وببطء إلى أن يصبح صاحبه عاجزاً عن تنفيذ أعماله. وحتى الآن لا تزال أسباب المرض غير معروفة، لكن اللافت أنه يصيب الذكور أكثر من الإناث. ويزيد حدوثه عند المتقدمين في العمر. ويشاهد أكثر ما يشاهد عند المصابين بالداء السكري وداء الصرعة ومدمني المشروبات الروحية. وهناك عائلات تصاب به أكثر من سواها ما يرجّح كفة وجود عوامل وراثية له. وهناك طرق عدة لعلاج «دوبوترين»، وتشمل: - حقن الكورتيـــزون موضعياً، فهو يساعد على منع تطـــور الانحــناء في الأصــابع، ويمكن تكرار عملية الحقن أكثر من مرة للحصول على نتائج طيبة. - حقن أنزيم مذيب للكولاجين، ويساهم في إذابة الأنسجة المتليّفة وتليينها من أجل إعادة استقامة الأصبع. ويتم اللجوء إلى هذه الوسيلة في المراحل المتقدمة من المرض. - وضع جبيرة خاصة تساعد على منع تطور التقوس نحو الأسوأ. - العلاج بالأشعة، ويعمل على منع تكاثر الخلايا على النسيج الضام، ويعطي هذا العلاج ثماره في حال تم تطبيقه في مراحل باكرة من المرض. - العلاج الجراحي، ويهدف إلى تحرير الأصابع من الأنسجة المتليّفة التي تؤدي إلى تقوسها. وهناك مرض آخر قد يتسبب في تقوس مفاصل أصابع اليد هو التهاب المفاصل الرثياني، الذي يعد مرضاً صعباً لأنه يمكن أن يؤدي إلى تشوه دائم في الأصابع، في حال عدم تطبيق العلاج اللازم في الوقت المناسب. والتهاب المفاصل الرثياني مرض مناعي ذاتي يؤثر في أعضاء كثيرة، من بينها مفاصل أصابع اليدين، التي تصاب الأغشية المفصلية لها بالتهاب يترافق مع إفراز مركبات السيتوكين السكرية التي تتسبب في تآكل الغضاريف. وهناك فرضيات غير مؤكدة بأن مرض التهاب المفاصل الرثياني يحصل عند بعض الأشخاص جراء التهابات فيروسية أو جرثومية هي التي تحرّض جهاز المناعة على مهاجمة مواقع مختلفة في الجسم، من بينها المفاصل. ويتظاهر التهاب مفاصل الأصابع الرثياني بثورات التهابية تترافق مع الألم والاحمرار والتورم والتيبّس، وهذا الأخير يبدو واضحاً في الصباح ويستمر لساعات. ويمكن لهذه الصورة السريرية أن تختفي لفترة لكنها تعاود الظهور مترافقة مع مزيد من التدمير في المفاصل الذي ينتهي بتشوهات، خصوصاً تقوّس الأصابع، ما يجعل القيام بالمهام اليومية أمراً في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً. وهناك عوامل من شأنها زيادة احتمال الإصابة بالتهاب المفاصل الرثياني، وأهمها: - الجنس، فالنساء أكثر عرضة للإصابة به مقارنة بالرجال. - العمر، يمكن مشاهدة المرض في أي سن، إلا أنه أكثر حدوثاً بين العقد الرابع والعقد الخامس من العمر. - التاريخ العائلي، إن إصابة أحد أفراد العائلة بالمرض تزيد احتمالات الإصابة بالمرض. - التدخين، وهو يزيد من احتمالات الإصابة بالمرض، ويمكن للتوقف عن التدخين أن يقلل من خطره. ليس سهلاً تشخيص مرض التهاب المفاصل الرثياني، خصوصاً أن عوارضه تتشابه مع عوارض أمراض أخرى. وفي شكل عام يعتمد التشخيص على المعطيات السريرية والفحص الطبي والتحاليل المخبرية والصور الشعاعية، وتساعد هذه كثيراً في مراقبة تطور المرض ومدى الأضرار التي لحقت بالمفاصل. ولا يوجد حتى الآن علاج يشفي من التهاب المفاصل الرثياني، لكن لا بد من التركيز هنا على أهمية العلاج المبكر من أجل إيقاف الالتهاب عند حده، وتفادي الأضرار التي يتركها المرض على المفاصل. ويقوم علاج مرض التهاب المفاصل الرثياني على إعطاء الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيروئيدية، وقد يوصف عقار الكورتيزون لفترة موقتة. وتفيد المعالجة الفيزيائية في جعل المفاصل أكثر ثباتاً. وإذا حصلت تقوسات مشوهة في الأصابع فإن اللجوء إلى العلاج الجراحي يفيد في تصحيح التشوهات.
مشاركة :