تراوحت الضربة العسكرية التي تعتزم الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون وفي طليعتهم بريطانيا وفرنسا توجيهها ضد سوريا ما بين «التهديد» المترافق مع تحريك الاساطيل، و«التريّث» في انتظار نتائج التحقيقات حول حقيقة استخدام السلاح الكيماوي في دوما، من اجل الاستناد على دليل قوي للضربة. وفي حين اجتمع مجلس الامن مجددا بناء على طلب روسيا في محاولة لنزع فتيل الازمة، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنهى اجتماعه مع فريق الأمن القومي من دون اتخاذ قرار نهائي بشأن التحرك العسكري، وسيواصل تقييم المعلومات الاستخباراتية والمشاورات مع حلفاء واشنطن. وفي ما ما يُشبه «الفوضى» داخل الادارة الاميركية، حذَّر وزير الدفاع جيمس ماتيس «من ان اي قرار متسرّع بتوجيه ضربة لسوريا، قد يشعل حربا واسعة النطاق بين الغرب من جهة، وروسيا وإيران من جهة». ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر اميركية ان ماتيس حذّر في اجتماع مع ترامب من ان ضرب سوريا، قد يُشعل صراعا واسع النطاق، وطالب بضرورة الحصول على ادلة اكثر فعالية على ضلوع بشار الأسد في الهجوم الكيماوي لإقناع العالم بضرورة العمل العسكري». أكبر أسطول قادم في غضون ذلك، قالت وسائل إعلام أميركية: إن أكبر قوة جوية وبحرية أميركية منذ حرب العراق عام 2003، اتجهت مساء أول من أمس (الخميس) نحو سوريا. ووفق صحيفة «نيويورك فإن الولايات المتحدة، فازت بدعم من الحكومة البريطانية للانضمام إلى العمل العسكري المرتقب». وقالت الصحيفة ان المدمرة الأميركية «يو إس إس دونالد كوك»، المحملة بقرابة 60 صاروخاً من طراز «توماهوك»، تقف على أهبة الاستعداد في مياه البحر المتوسط، فضلا عن ثلاث مدمرات أخريات، في حين أبحرت حاملة الطائرات العملاقة «يو إس إس هاري إس ترومان» الأربعاء من ولاية فيرجينيا في طريقها إلى المنطقة، محملة بنحو 90 طائرة حربية، وخمس سفن حربية، وصواريخ توماهوك. كما غادرت عدة طائرات من طراز «بي-2 ستيلث» (الشبح المخادعة لأجهزة الرادار) ولاية ميزوري، محملة بقنابل عالية الدقة وصواريخ «توماهوك». وفي مؤشر الى «الاستعدادات» البريطانية للحرب، اعلن نائب رئيس جهاز مراقبة الملاحة الجوية في قبرص هاريز انطونياديس «ان بريطانيا أرسلت امس طلبا لقبرص بحجز جزء من مجالها الجوى وتكريسه للطائرات البريطانية». وقال في تصريح «الطلب لا يزال قيد الدراسة». لافروف والمسرحية وتبدأ اليوم مجموعة من مفتّشي منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، الذين وصلوا إلى سوريا، للتحقق بشأن الهجوم في دوما، وانتشارهم في المنطقة. في وقت سارعت روسيا امس الى حسم نتائج عمل فريق التحقيق، بقول وزير خارجيتها سيرغي لافروف «ان فريق العمل لن يجد اي مؤشر على وقوع هجوم في دوما». وقال «لدينا وقائع دامغة تُثبت ان الهجوم الكيماوي «مسرحية» شاركت في إعدادها وإخراجها اجهزة مخابرات اجنبية لدولة معيّنة تقف الآن في مقدمة الحملة المعادية لروسيا». وحذّر لافروف من «اي مقامرات» عسكرية في شأن سوريا، لأن أصغر خطأ في الحسابات سيؤدي إلى موجات هجرة جديدة إلى اوروبا، كما أن الإنذارات والتهديدات لا تخدم الحوار». وفي حين اكد لافروف «ان قنوات الاتصال مفتوحة مع الولايات المتحدة»، وصف الضربة العسكرية المحتملة في سوريا بـ«المغامرة» التي ستؤول نتائجها إلى «ما حدث في العراق وليبيا». ماكرون يهاتف بوتين وبينما القرار العسكري لم يُحسم بعد في انتظار اعلان ساعة الصفر، برز تطور لافت على الساحة الدبلوماسية، اذ اعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، عن رغبته في تكثيف الحوار مع روسيا لإحلال السلام في سوريا». واوضحت الرئاسة الفرنسية ان ماكرون عبّر في الاتصال عن «الاسف للفيتو الروسي الجديد في مجلس الامن الذي منع ردا موحدا وحازما» للامم المتحدة بعد الهجوم الكيماوي، واعرب عن قلقه البالغ حيال التدهور المستمر للوضع على الارض». وقال ايضا انه «ذكر باولويات فرنسا حول الملف السوري وهي مكافحة الارهاب والحؤول دون عودة «داعش» والتخفيف من معاناة المدنيين عبر الاحترام الكامل لقرار مجلس الامن 2401 وتعزيز العمل الانساني والبدء في اسرع وقت بمفاوضات حول عملية سياسية ذات صدقية وشاملة». اما الكرملين، فأفاد بأن بوتين حذّر ماكرون من اي عمل متهور وخطير. واشار الى ان بوتين وماكرون اوعزا لوزيرَي الخارجية والدفاع بالتواصل المكثّف لتهدئة الوضع في سوريا. في المقابل، اتفق أعضاء الحكومة البريطانية على أن هناك «احتمالا قويا» لأن يكون نظام الأسد مسؤولا عن الهجوم الكيماوي، مؤكدين أن استخدام هذه الأسلحة لا يمكن أن «يمر من دون رد». وقد حذّرت روسيا على لسان سفيرها لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، الولايات المتحدة من تنفيذ ضربات في سوريا، ومما يمكن أن تؤدي إليه هذه الضربات من حرب بين الدولتين. وقال نيبينزيا: إن «الأولوية القصوى لدينا هي تفادي خطر الحرب»، متهما واشنطن بأنها تهدّد السلام العالمي، وأن الموقف «بالغ الخطورة». وأضاف نيبينزيا: «لسوء الحظ، لا يمكننا استبعاد أي من الاحتمالات القائمة». كما وحذّر عدد من كبار المسؤولين في روسيا، من بينهم قائد الجيش، من أن الدفاعات الروسية سوف تُسقط الصواريخ الأميركية وتستهدف مواقع إطلاقها في حال تشكيلها خطراً على القوات الروسية. شروط أميركية! وفي سياق تجنّب الضربة العسكرية ومخاطرها، افادت تقارير صحافية بأن الولايات المتحدة طلبت خروج إيران والميليشيات التابعة لها من سوريا لوقف الضربة. ووفق ما نقله “التلفزيون العربي” عن مصادر لم يسمّها، فإن الثمن الذي طلبه الأميركيون من الروس، لكي يتراجعوا عن توجيه الضربة، هو سحب الميليشيات الايرانية. وأضافت المصادر: إن روسيا أبلغت إيران، أول من أمس (الخميس)، الطلب الأميركي، وقالت إنه تم تأخير الضربة بانتظار الرد الإيراني. (أ.ف.ب، رويترز، الأناضول، الجزيرة نت)
مشاركة :