بعدما صار من شبه المؤكد أن الولايات المتحدة كانت تنوي تدمير القوة الجوية للرئيس السوري بشار الأسد، بما في ذلك دفاعاته الجوية ومقاتلاته ومروحياته، قام الأسد بنقل المقاتلات والمروحيات إلى قاعدة حميميم الروسية لحمايتها. الخطوة هذه أعاقت العملية العسكرية الأميركية التي كانت مقررة، وتشمل شن هجوم صاروخي من البحر لتدمير مراكز القيادة والاتصالات، ودفاعات «سام 200» السورية، الروسية الصنع. بعد ذلك، كان من المقرر أن تُغير المقاتلات الأميركية والفرنسية والبريطانية لتدمير كل المقاتلات والمروحيات التابعة للأسد.لكن اختباء قوة الأسد الجوية في قاعدة روسية بشكل يجعلها عصيّة على التحالف الغربي، عرقل الخطة الاصلية، وأدى الى تعديلها.تقول المصادر الأميركية ان الخيارات المتاحة هي انتظار لحظة خروج المقاتلات السورية والمروحيات من القاعدة الروسية واستهدافها في الجو، وهو ما يعني فعلياً محاصرتها تحت طائلة إسقاطها، ويعني أيضاً تحييد القوة الجوية للأسد حتى إشعار آخر، وتحويل الرئيس السوري إلى رهينة بالكامل في أيدي موسكو وقوتها الجوية.وتلفت المصادر إلى أنه على مدى السنوات القليلة الماضية، بدا واضحاً التباين بين أداء القوتين السورية والروسية، فروسيا لم تلبِّ دائماً نداءات قوات الأسد والميليشيات المتحالفة معه على الأرض، بل اختارت المعارك التي تناسب موسكو لتأمين غطاء جوي لها، ما أدى إلى وقوع خسائر أحياناً في صفوف قوات الأسد وإيران. أما المثال الأبرز فتمثل في تفادي القوة الجوية الروسية المجال الجوي في جنوب دمشق، بشكل يضعها على تماس مع نطاق نفوذ القوة الجوية الاسرائيلية.هكذا، في حال التصقت قوة الأسد الجوية بالقواعد الروسية للاحتماء بها، ووجد الأسد نفسه مُجبراً على الاستناد الى القوة الجوية الروسية لمؤازرة تحركات قواته على الأرض، تصبح موسكو صاحبة كلمة الحسم في كل المعارك الكبيرة التي ينوي الأسد وإيران خوضها، مثل المعارك التي كانت مقررة لاستعادة الجنوب السوري، والمناطق شرق الفرات الواقعة تحت حماية أميركية، وفي إدلب حيث النفوذ التركي.ووفقاً للمصادر الأميركية، فإن الهجوم الكيماوي في دوما تم تنفيذه بطريقة بدائية، وتم على الأرجح بقرار منفرد من الأسد من دون إعلام الحلفاء. وإذا كانت الحال كذلك، يصبح سبب دفاع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن الأسد هدفه تقويض قرار الأسد المستقل بالكامل، وتحويله إلى قوة تعتمد بشكل شبه كلي على الروس، تحت طائلة خسارته قوته الجوية بالكامل، فضلاً عن خسارته القوة الجوية الروسية الحليفة.هل يُساهم الارتماء الكلي للأسد في أحضان موسكو، وابتعاده تالياً عن طهران، في تسريع التوصل إلى تسوية سياسية بإشراف روسيا والولايات المتحدة؟تعتقد المصادر الأميركية أنه مازال من المبكر الحديث عن تسوية سياسية، وان ارتماء الأسد في أحضان موسكو للاحتماء بها من الضربات الغربية المحتملة يعني أن أمام موسكو فرصة في تحديد شكل القيادة السورية وهوية القائد بصورة غير مسبوقة، وهو ما يعني أنها أمام فرصة العمل على دفع بدلاء قد تريدهم مكان الأسد، كجزء من تسوية مستقبلية.
مشاركة :