إعداد: عثمان حسن أربعة أعوام كانت تكفي، ففي المدة من 4 مارس 1861 إلى 15 أبريل 1865م، استطاع أن يعيد توحيد البلاد، وينهي تاريخاً أسود من العبودية فيها، معلناً عن نهاية حرب أهلية طاحنة، هكذا يكتب التاريخ سيرة الرئيس الأمريكي السادس عشر أبراهام لينكولن.هذه الإنجازات وضعته في قمة «الأفضل»، حيث يختاره الباحثون الأكاديميون واحداً من بين الرؤساء الأمريكيين الثلاثة الأفضل في التاريخ إلى جانب جورج واشنطن وفرانكلين روزفلت، فيما تضع اختيارات العامة إلى جانبه كلاً من رونالد ريجان وبيل كلينتون.ولتكتمل فصول ملحمة الرئيس الموحد، كانت نهايته الدرامية حيث قضى بعد شهر من تجديد رئاسته، في حادثة اغتيال لم تشهد البلاد مثيلا. التحدي الأول لم تسمح الظروف للفتى أبراهام، المولود في العام 1809 لعائلة فقيرة في ولاية إيلينوي، بأن يلتحق بالمدرسة، إلا أن نهم القراءة كان سلاح الفتى النابغ، ليكوّن لنفسه ثقافة واسعة وبمستوى رفيع.واصل الشاب أبراهام مسيرة التعلم حتى استوعب مبادئ القانون الإنجليزي والأمريكي، ثم التحق بنقابة المحامين وافتتح مكتباً للمحاماة في عام 1837.وعلى الصعيد الأسري، فقد تعددت زيجات لينكولن، وكان زواجه الأطول والأخير من ماري تود، التي كانت تنتمي إلى أسرة جنوبية غنية، وقد استمر زواجه بها من عام 1842 وحتى وفاته عام 1865. لينكولن السياسي بدأت التجربة السياسية لأبراهام لينكولن من بوابة الحزب اليميني (Whig Party)، الذي كان الحزب الثاني في أمريكا قبل أن ينضم معظم أعضائه إلى الحزب الجمهوري الجديد آنذاك. وقد مثّل لينكولن حزبه في الكونجرس لمدة عامين من 1846 إلى 1848.كانت أبرز محطات عضو الكونجرس لينكولن في تلك الفترة معارضته الشديدة للحرب الأمريكية المكسيكية، حيث اعتبر أنها «اعتداء على دولة أخرى». وقد تسبب هذا الموقف السياسي المعارض بتراجع شعبية لينكولن، لا سيما بعد انتصار أمريكا الكبير على المكسيك وضمها لأراض واسعة مثل تكساس وكاليفورنيا. وفي إثر ذلك، آثر لينكولن الانسحاب من انتخابات المجلس التشريعي لعام 1848، والعودة إلى ممارسة المحاماة في ريف ولايته إيلينوي.جذب الحزب الجمهوري فور ظهوره الكثير من مناوئي العبودية في البلاد، فانضم لينكولن إليه عام 1854. وفي عام 1858 حصل لينكولن على ترشيح الحزب لخوض انتخابات مجلس الشيوخ ممثلا لولاية إيلينوي.في هذه الفترة، ذاعت شهرة لينكولن من خلال الخطب الحماسية التي كانت موجهة ضد ما كان يسميه «قوة العبودية»، مندداً بسطوة الطبقة المالكة للعبيد في البلاد وتهديدها للوحدة الوطنية.محاباة «الزنوج» والإيمان بالمساواة بين السود والبيض كانت من بين الاتهامات التي وجهها خصوم لينكولن إليه. وهو ما قابله بدوره بالإنكار مؤكداَ أنه لا يسعى إلى المساواة وإنما إلى إلغاء الرق فقط.كل هذه الشهرة وتلك الشعبية لم تكونا كافيتين ليفوز لينكولن بالانتخابات، حيث خسر المقعد أمام مرشح الحزب الديمقراطي. «حزب لينكولن» قبل أن ينقضي العام 1860، كان يحمل في جعبته أحداثاً دراماتيكية على صعيد انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة التي أجريت في السادس من نوفمبر، فقد تمكن مرشح الحزب الجمهوري أبراهام لينكولن للمرة الأولى من الفوز بمنصب الرئيس. حدث ذلك على الرغم من أن رصيد لينكولن من أصوات الناخبين لم يزد عن 40%، كما كانت حصيلته في ولايات الجنوب شبه منعدمة، حيث كان لانقسام بقية الأصوات بين مرشحين اثنين آخرين دور مؤثر في هذه النتيجة.وبذلك صار لينكولن أول رئيس للولايات المتحدة من الحزب الجمهوري، الذي لا يزال يلقب ب«حزب لينكولن» إلى اليوم. تحدي الانفصال لم يتمكن لينكولن من القيام بردة فعل تجاه الانفصال قبل 23 فبراير من عام 1861، حينما تسلّم مهام الرئيس بشكل رسمي. وقد وصل لينكولن إلى منصة التتويج متنكّراً خوفاً من الاغتيال. وفي خطاب تسلم الرئاسة، أكد الرئيس الجديد رفضه القاطع لفكرة الانفصال، رغم علمه كقانوني مخضرم أن الدستور الأمريكي المعمول به آنذاك لم يتضمن بنداً صريحاً يمنع الانفصال، حيث تشكل الاتحاد بين الولايات على نحو طوعي غير ملزم قانوناً.في مسألة العبودية بدا لينكولن أكثر مرونة، فأوضح أن لا نية لديه لإلغاء الرق في الولايات التي لم يزل قائماً فيها، غير أنه تمسك بتحريم الرق في الولايات والأراضي الجديدة التي حصلت عليها الدولة.فور إعلان فوز لينكولن بالرئاسة، سارعت ولاية ساوث كارولينا لتعلن انفصالها، وتبعتها ست ولايات أخرى في أقصى الجنوب مكونة جميعاً ما عرف ب «الولايات الكونفدرالية الأمريكية».وعلى الرغم من أن الولايات الثمانية الأخرى التي كانت تسمح بالرق بقيت ضمن الدولة الاتحادية، بانتظار اتضاح مواقف الرئيس الجديد، فإنها لم تسمح للقوات الفيدرالية بالمرور من أراضيها لغزو الولايات المنفصلة.أعلن لينكولن فور توليه الحكم أنه لن يتنازل عن حق الحكومة الفيدرالية في جباية التعرفة الجمركية على صادرات الجنوب، فرفض مطالبة حكومة الجنوب له بالتخلي عن «قلعة سمتر» التي وقعت تحت الحصار واضطرت القوات الفيدرالية فيها إلى الانسحاب، لتعلن هذه الحادثة في العام 1861 انطلاق الحرب الأهلية الأمريكية رسمياً. إعلان التحرير من بين الأحداث البارزة التي شهدتها الحرب الأهلية ما جرى في سبتمبر من العام 1863، حين أصدر لينكولن «إعلان التحرير» الذي قضى بمنع الرق في الولايات «الثائرة»، ما كان لينكولن يريد من خلاله ضرب الاقتصاد الجنوبي وإغراء العبيد بالانفلات.أدى هذا الإعلان إلى تأجيج مشاعر السخط في ولايات الشمال ضد الحرب، حيث شعر كثيرون أنهم يحاربون من أجل «الزنوج» لا من أجل الوحدة، فازدادت المظاهرات وأعمال الشغب. وهو ما واجهه لينكولن بحزم وحدة، ليقرر إغلاق العديد من الصحف والمجلات وسجن عدد من المعارضين. الحرب الشاملة باتت الانتخابات الرئاسية لعام 1864 على الأبواب، وكان على لينكولن هذه المرة أن يواجه مرشح الحزب الديمقراطي الجنرال المقال ماكلينن، فيما كان مؤيدو الحزب يطالبون بعقد مؤتمر للسلام لإيقاف الحرب.في المقابل، بدأت استراتيجية لينكولن بإيتاء ثمارها، فوصلت قواته إلى عمق الجنوب واستولت على مدينة أتلانتا المهمة في ولاية جورجيا. وعمدت القوات الاتحادية إلى إحداث دمار كبير في المدن والبنية التحتية للولايات الجنوبية، ما سمي في ذلك الوقت بسياسة «الحرب الشاملة»، التي شكلت مبدأ حربياً جديداً.وكنتيجة لهذه الانتصارات المتسارعة، أخذت قوى المعارضة في الشمال تتراجع بشكل كبير، ما أسفر عن فوز ساحق للينكولن في الانتخابات الرئاسية لولاية جديدة.وتلا ذلك بقليل استسلام كبير الضباط الجنوبيين، الجنرال روبرت لي، لتضع الحرب الأهلية الأمريكية أوزارها، مخلفة أكثر من 600 ألف قتيل من الجانبين. سياسة مرنة اتسمت سياسة لينكولن بالمرونة والتسامح في تعاطيه مع الولايات المهزومة، سعياً إلى إعادة اللحمة بين أجزاء البلاد وتمتين أواصرها، على الرغم من مواجهته معارضة أغلبية أعضاء حزبه الذين كانوا يدفعون نحو سياسة متشددة.وعلى جانب قضية الرق، لم يتخل الرئيس المعاد انتخابه عن موقفه المعارض للعبودية والداعي إلى القضاء عليها، إلا أنه كان «مرناً» هنا أيضاً، فلم يكن مؤمناً بالمساواة بين الأعراق، وكان يميل إلى الرأي القائل بإرسال السود المعتوقين إلى جزر الكاريبي أو سواحل إفريقيا «حفاظاً على السلم الأهلي»، دون أن يصدر عنه إجراء عملي في هذا الاتجاه. اغتيال الرئيس يعد الرابع عشر من أبريل عام 1865 يوماً مفصلياً في التاريخ الأمريكي، حيث شهد أول حادثة اغتيال تطال رأس الهرم.بدأت أحداث «يوم الاغتيال» بعد أيام من استسلام الجنوب، حيث حضر لينكولن مسرحية في مريلاند يمثّل فيها مجموعة من المتعاطفين مع قضية الانفصال، فكان أن قام أحدهم - ويدعى جون ويلكس بوث - بإطلاق النار من مسدسه نحو رأس لينكولن مباشرة.وأشار المحققون إلى «مؤامرة» لم تكتمل فصولها، حيث تمت ملاحقة شركاء القاتل الذين كانوا ينوون استهداف آخرين، إلا أنه تم القبض عليهم جميعاً وإعدامهم. في السينما عرض فيلم LINCOLN في العام 2013، وهو من إﺧﺮاج ستيفن سبيلبرج وﺗﺄﻟﻴﻒ توني كوشنر (سيناريو)، ودوريس كيرنز جودوين (الرواية). وقام بدور أبراهام لينكولن في الفيلم النجم دانيال داي لويس، فيما ضم طاقم العمل كلاً من: ديفيد ستراثيرن، تومي لي جونز، جوزيف جوردن لوفيت، سالي فيلد.وتدور أحداث الفيلم الذي يمتد إلى 150 دقيقة حول الشهور الأخيرة في حياة الرئيس الأمريكي أبراهام لينكولن.وتتطرق الأحداث إلى جهود لينكولن الساعية للفوز بالحرب الأهلية إضافة إلى محاولاته تمرير التعديل الثالث عشر في الدستور الأمريكي، والذي يتعلق بمنع العبودية في الولايات المتحدة بكافة أشكالها، وما واجهه الرئيس من صعوبات بهذا الصدد.وقد حظي الفيلم بإشادة كبيرة من النقاد الذين كالوا المديح للنجم دانيال دي لويس، كما رشح الفيلم لثماني جوائز غولدن غلوب حيث فاز دي لويس بجائزة أفضل ممثل درامي.كما فاز الفيلم بجائزتي أوسكار بفئة أفضل ممثل رئيسي للممثل دانيل دي لويس وأفضل تصميم. من أقواله * انهضوا أيها العبيد، فإنكم لا ترونهم كباراً إلا لأنكم ساجدون* لا أحد يحب قيوده و لو كانت من ذهب* أعظم كتاب قرأته: أمي* العلم رأسمال لا يفنى* لا أحب هذا الرجل.. يجب علي أن أعرفه أكثر* إذا استطعت أن تكسب رجلاً إلى قضيتك، فأقنعه بداية بأنك صديقه المخلص* من الأفضل أن تمشي ببطء إلى الأمام على أن تمشي مسرعاً إلى الخلف* لا يضيع شيء ذو قيمة إذا أنفقنا الوقت الكافي في إتقانه عن السيرة * تم إنقاذ «روبرت»، نجل أبراهام لينكولن من حادث قطار تسبب فيه «إدوين بوث»، شقيق قاتل والده.* لينكولن هو أول زعيم في الولايات المتحدة يشعر بأنه ينبغي السماح للنساء بالتصويت.* كلب أبراهام لينكولن المسمى «فيدو» لقي مصير صاحبه، حيث تم قتله أيضاً.* أبراهام لينكولن، والت ديزني، بيل غيتس، مارك زوكربيرج، هنري فورد، توماس أديسون، ستيف جوبز، كلهم ليست لديهم شهادة جامعية.* أنشأ أبراهام لينكولن خدمة سرية في اليوم الذي قتل فيه.راهام لينكولن ..
مشاركة :