الصحافة الإيطالية تذرف الدموع بعد يوم من السعادة الغامرة

  • 4/14/2018
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

عبرت وسائل الإعلام الإيطالية عن غضبها الشديد من الحكم الإنجليزي مايكل أوليفر بسبب احتسابه ركلة جزاء مثيرة للجدل ضد نادي يوفنتوس خلال مباراته أمام ريال مدريد الإسباني في الوقت المحتسب بدلا من الضائع من مباراة الفريقين في دور الثمانية لدوري أبطال أوروبا. وعنونت صحيفة «توتوسبورت» صفحتها الأولى بعبارة «ليس بهذا الشكل». وقد كانت هناك مناسبات يبدو فيها صحافيو «توتوسبورت»، التي تتخذ من تورينو مقرا لها، وكأنهم يرون المباريات بطريقة تختلف تماما عن باقي المشاهدين في جميع أنحاء العالم، لكن لكي نكون منصفين يجب أن نعترف بأنه ربما يكون لديهم الحق هذه المرة. وكتب فابريزيو بوكا في صحيفة «لا ريبوبليكا» يقول: «إذا كانت هناك طريقة وحشية وسادية للإطاحة بأي فريق، فهذه هي الطريقة المثلى. لقد كان من الأفضل، ومن الأفضل كثيرا، أن يذهب الفريق إلى ملعب سانتياغو بيرنابيو ويخسر المباراة وتنتهي الحكاية. لكن أن تسير الأمور بهذه الطريقة، وأن تظل كل الاحتمالات متاحة وأن يكون هناك شعور بأن الأمور لم تنته بعد، ثم يغلق الباب في وجهك فجأة، فهذا أمر صعب للغاية». لكن من الذي أغلق هذا الباب بالضبط؟ إنه ليس ريال مدريد، ولا كريستيانو رونالدو، رغم الاعتراف بأنه سجل ركلة الجزاء بطريقة رائعة. ولم يكن هناك سوى قدر ضئيل للغاية من الانتقادات لمدافع يوفنتوس مهدي بن عطية، الذي أدى تدخله في الوقت المحتسب بدلا من الضائع على لوكاس فاسكيز إلى احتساب ركلة الجزاء من الأساس. وبدلا من ذلك، تم التركيز بشكل مباشر على حكم المباراة الذي احتسبها. وكتب غيدو فاكياجو في صحيفة توتوسبورت يقول: «إذا كان مايكل أوليفر، وهو من المملكة المتحدة ويبلغ من العمر 33 عاماً، يريد أن يدون اسمه في التاريخ، فقد نجح في ذلك بالفعل، لأن ريال مدريد لن ينساه بسهولة، وسيتم تكريمه بسبب احتسابه لركلة الجزاء التي ربما لم تكن وهمية، لكنه بكل تأكيد كان سخيا». وأضاف: «ولن ينساه نادي يوفنتوس أيضاً، لأنه قد خطف حلمه وحلم جيجي بوفون، الذي طرده أوليفر لمجرد التأكيد على إضافة لمسة أسطورية على العرض الذي قدمه». ويعد تحليل قرارات التحكيم إحدى السمات العادية لصفحات الرياضة في إيطاليا، ودائما ما يتحدث كتاب الأعمدة في تلك الصحف عن تقيمهم للقرارات التحكيمية، فيصف بعضهم ركلة الجزاء بأنها احتكاك بسيط في حين يصفها آخرون بأنها تدخل عنيف للغاية بل وجريمة كاملة. وحتى أولئك الذين رأوا أن تدخل بن عطية كان يستحق احتساب ركلة جزاء بموجب نص القانون ما زالوا يجادلون بأنه كان يتعين على أوليفر أن يقرأ الوضع بشكل أفضل مما فعل. وقال فرانشيسكو سينيتي في صحيفة «غازيتا ديلو سبورت»: «أن تحتسب ركلة جزاء مثيرة للجدل تقرر من يصل إلى الدور قبل النهائي لدوري أبطال أوروبا، على مستوى التحكيم، يعد خطأ. نحن بحاجة إلى البدء بهذه الفرضية قبل تحليل الواقعة التي أثارت غضب يوفنتوس في حقيقة الأمر. لأن كل حكم يعرف جيداً أن هناك لحظات تكون فيها صافرتك لها وزن مختلف، لذا فإنك تعاقب (أو يجب أن تعاقب) الأخطاء الواضحة وضوح الشمس والتي لا لبس فيها». وأضاف: «هل كان تدخل بن عطية على فاسكيز واحداً من هذه الأخطاء؟ لا، لأن تدخل المدافع كان محفوفاً بالمخاطر، لكن في الوقت نفسه يمكن تفسيره بشكل مختلف من شخص لآخر. لقد حاول اللاعب الإسباني أن يسيطر على الكرة بصدره، لكن بن عطية جاء من الخلف وحاول أن يفعل كل شيء ممكن بقدمه اليسرى للحصول على الكرة منه». وتابع: «بالتأكيد، كان هناك دفع بسيط بيده، ثم تداخل من تحت الإبط، وبالتالي فهناك شكوك مشروعة بشأن هذا التدخل، وكذلك الحال بالنسبة لمن يقول إن هذا التدخل لم يكن يستحق العقوبة». وقد حاول واحد أو اثنان من الصحافيين تركيز انتباه القراء مرة أخرى على كرة القدم، فكتب فاسياجو يقول: «اتركوا الأسف وركزوا على الغد، وإلا لن تنجحوا أبدا. دعونا نتفق على أن المباراة الأولى قد شهدت عدم تركيز وإضاعة للكثير من الفرص، لكن ينبغي أن نركز على المستقبل. لا تفسدوا إحساسكم بأنكم قد شاهدتم واحدة من أجمل قصص كرة القدم في حياتنا، ولا تفسدوا هذا اليقين الذي لا لبس فيه بأن يوفنتوس هو واحد من أقوى الفرق في العالم، وعلى مستوى واحد مع ريال مدريد، وفي مرتبة أفضل من الكثير من الأندية الشهيرة الأخرى». ورغم ذلك، شعر كثيرون بالغضب الشديد الذي لا يمكن تحمله. وكتب أليساندرو فوكاليللي في صحيفة «الكوريري ديللو سبورت» يقول: «فاز يوفنتوس على أرض الملعب، وفاز أندريا أنييلي خارج الملعب»، مشيراً إلى الانتقادات التي لم يوجهها رئيسا يوفنتوس لأوليفر فحسب، ولكن إلى الرجل الذي عين الحكام المسؤولين عن إدارة مباريات دوري أبطال أوروبا، وهو الإيطالي بيير لويجي كولينا رئيس لجنة الحكام في التحاد الأوروبي لكرة القدم. وأضاف فوكاليللي: «بعد الإنجاز الذي حققه نادي روما أمام برشلونة، والذي كان أقوى من أخطاء الحكام ضده في مبارتي الذهاب والعودة وعدم إشهار البطاقة الحمراء في وجه جيرارد بيكيه وركلات الجزاء التي لم تحتسب للفريق الإيطالي في ملعب كامب نو، لم يتمكن نادي يوفنتوس من أن يفعل الشيء نفسه- لا لشيء إلا لأن حكم اللقاء قد انتصر عليه. فبعدما لم يحتسب الحكام ركلة جزاء واضحة لخوان كوادرادو في المباراة التي أقيمت في تورينو، قلب الحكم الإنجليزي أوليفر الطاولة تماما عندما احتسب ركلة جزاء ضد مهدي بن عطية الذي أخذ الكرة بشكل واضح، وهو ما يبدو جليا بعد مشاهدة الإعادة مرارا وتكرارا». وجاء عنوان الصفحة الرئيسية لصحيفة «الكوريري ديللو سبورت» أكثر دقة حيث قال: «يا لها من سرقة». وفي نفس السياق، أشادت الصحف الإيطالية بالريمونتادا التاريخية التي حققها نادي روما بعد تأهله للدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا على حساب برشلونة الإسباني بعد فوزه في مباراة الإياب بثلاثية نظيفة وتأهله على حساب العملاق الكتالوني رغم هزيمته في المباراة الأولى بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد. وعنونت صحيفة «لا ريبوبليكا» صدر صفحتها الرئيسية قائلة: «المعجزات موجودة في كرة القدم». لكن صحيفة «كورييري ديلا سيرا» رأت أن الأمر يتعدى كونه معجزة، وقالت: «إنه ليس معجزة، إنه شيء أكبر من ذلك». وتسابقت الصفحات الأولى للصحف الإيطالية على الثناء على لاعبي روما، فأشادت صحيفة «جازيتا ديلو سبورت» بالإمبراطورية الرومانية الجديدة، بينما أعلنت «الكوريري ديللو سبورت» أن الفريق الحالي لنادي روما قد تحول إلى أسطورة. وفي لفتة طريفة، قالت صحيفة «ليكيب» الفرنسية إنه إذا كان نادي برشلونة قد حقق «ريمونتادا» تاريخية أمام باريس سان جيرمان الفرنسي الموسم الماضي، فإن نادي روما قد حقق «رومانتادا»– نسبة إلى روما. وقال ماوريسيو كروسيتي من صحيفة «لا ريبوبليكا»: «ربما كان من المستحيل بناء مثل هذه العقلية فقط، وربما لم يقتصر الأمر على أن هؤلاء الرجال قد قرروا في أنفسهم محاربة الشعور بالخوف. لقد تمكنوا خلال 90 دقيقة فقط من تدمير الرواية الكبرى التي تفصل بيننا وبينهم، والتي تقول إننا الفقراء الإيطاليون وهم الأثرياء الإسبان، لقد حولوا أساتذة الجوانب الخططية والفنية والمالية إلى رماد. لقد أثبتوا أن كل ما كان يقال ما هو إلا محض أكاذيب، لأن الملعب فقط هو الذي يمكنه أن يخبرنا بقصة تستحق الاستماع إليها: قصة كتبها أشخاص، وليس خوارزميات». وبالطبع، كانت هذه هي نفس الصحف التي كانت تسرد القصص عن الفوارق الكبيرة بين كرة القدم الإسبانية والإيطالية قبل 24 ساعة فقط من تلك المباراة، فقد خصصت صحيفة «غازيتا» يوم الاثنين الماضي صفحتين توضّح فيهما من خلال عدد كبير من النقاط كيف تمكنت كرة القدم الإسبانية من التفوق على نظيرتها الإيطالية، بداية من النجاح في الملعب وصولا إلى صفقات الرعاية وحتى المتابعة على وسائل التواصل الاجتماعي. وذكّرنا الصحافي لويجي غارلاندو بهذا السياق في افتتاحية الصحيفة الورقية يوم الأربعاء وكتب يقول: «تغلب روما على برشلونة وانطلق للدور نصف النهائي، في مواجهة الأرصدة المصرفية ونظم أكاديميات الناشئين وكرة التيكي تاكا الممتعة والخمس كرات الذهبية التي يملكها نجم برشلونة ليونيل ميسي كأفضل لاعب في العالم. نحن لا نزال على قيد الحياة، وستكون إيطاليا ممثلة بين أفضل أربعة فرق في أوروبا، بعد إحراز ثلاثة أهداف ضد الأسطول الأسطوري الذي أعاد كتابة قواعد كرة القدم الحديثة وفاز بثلاثة من آخر عشر بطولات لدوري أبطال أوروبا». وأضاف: «سوف تصبح هذه الليلة تاريخاً وملحمة وستتم إعادة سردها على هذا النحو دائما. لقد كان هناك رومان (ديروسي) وإغريق (مانولاس)، وكان هناك العملاق دزيكو الذي وضع روما على أكتافه مثلما فعل أنشيزس مع ابنه اينيس في الأساطير اليونانية القديمة. ربما يكون ميسي قد كرس لفكرة «المهاجم الوهمي»، لكن عندما نرى «المهاجم الحقيقي» والصريح يفعل كل ما فعله إيدن دزيكو بالأمس، سواء بالكرة أو من دونها وسواء بقوته البدنية الهائلة أو بلمسته السحرية وسواء من خلال الركض أو حتى التوقف، يكون من الرائع للغاية أن تجعل عينيك تستمعان بما تشاهدانه من تمجيد لكرة القدم». وقد انهالت عبارات الثناء والمديح على المهاجم البوسني، الذي تلقى حفاوة أكبر بسبب رفضه الرحيل عن روما إلى تشيلسي في فترة الانتقالات الشتوية الماضية. وقالت صحيفة «لا ريبوبليكا، التي منحته 9 من 10 في تصنيفها للاعبين: «لقد كان يتلقى الكرات ويحولها إلى كوابيس. لقد أحرز هدفا وحصل على ركلة جزاء وقام بألف شيء آخر». ولم تقيم صحيفة «كورييري ديلو سبورت» أي لاعب أعلى من لاعب آخر في فريق روما، ومنحت جميع لاعبي الفريق الإيطالي 10 من 10. لكن المدير الفني تلقى إشادة أكبر، تماما كما حدث في مدرجات المباراة. وكتب أليساندرو فوكاليللي يقول: «لقد قدم دي فرانشيسكو تحفة حقيقية، لأنه لم يرتكب خطأ واحداً في المباراة. لقد حصل على العلامة الكاملة ونجح في أن يكون مديرا فنيا لمستوى دولي استثنائي. لكن هذا كان أيضاً، وقبل كل شيء، انتصارا كبيرا للجماهير، التي زحفت خلف روما ضد النجوم الإسبان، وكذلك ضد الحكم الذي حاول إعاقة الطريق بسلسلة لا نهاية لها من القرارات العكسية المتتالية». وفي تورينو، أعرب الجميع عن أملهم في أن تكون هذه النتيجة بمثابة درس ليوفنتوس، الذي كان يحتاج إلى معجزة أمام ريال مدريد في إسبانيا بعد خسارته بثلاثية نظيفة على ملعبه، لكن يوفنتوس كان قريبا هو الآخر من تحقيق المعجزة بعدما تقدم بثلاثية نظيفة على النادي الملكي في عقر داره وكان قاب قوسين أو أدنى من التأهل للدور نصف النهائي للبطولة الأقوى في القارة العجوز، لولا ركلة الجزاء المثيرة للجدل التي احتسبت ضده في الوقت المحتسب بدلا من الضائع. وعلى نطاق أوسع، هناك أمل في أن يكون ما قدمه روما ويوفنتوس بمثابة نقطة دفع جديدة لكرة القدم في بلد ما زال يتعافى من تداعيات فشله في التأهل لكأس العالم. وكتب سيباستيانو فيرنازا في صحيفة «غازيتا» يقول: «شكراً روما، شكراً دي فرانشيسكو، شكراً لكم على هذا النموذج الذي يجب أن نحتذي به. نعم نستطيع».

مشاركة :