قال وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة إن معجزة الإسراء والمعراج تمنحنا مزيدًا من التفاؤل، بمستقبل مشرق وافر الخيرات، كما تدعونا دروس ذكرى الإسراء والمعراج إلى مزيد من العمل والاجتهاد من أجل التنمية والعمل والإنجاز والرخاء، وإلى مزيد من التلاقي في دروب الخير، لنحيا معًا أسرة إنسانية واحدة في أمن وسلام، معربين لقيادتنا الحكيمة متمثلة في حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، عن وافر تقديرنا وعظيم امتناننا، مع خالص تهانينا بهذه المناسبة المباركة الكريمة. جاء ذلك خلال الاحتفال السنوي بذكرى ليلة الإسراء والمعراج، إذ أُقيم الحفل الذي بدأ بتلاوة عطرة من الذكر الحكيم للقارئ خليل بنشي بجامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي يوم أمس الأول، تحت رعاية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وبتنظيم من إدارة الشؤون الدينية بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، بحضور عدد من أصحاب الفضيلة والسماحة المشايخ والقضاة، وعدد من أصحاب السعادة السفراء ورجال السلك الدبلوماسي، وجمع من المواطنين والمقيمين. وأضاف: أن وقفتنا مع دروس الإسراء والمعراج تأخذ بنا إلى مزيد من الثقة فيما عند الله تبارك وتعالى، إحسانًا بالظن به تبارك وتعالى، وهو القائل في الحديث القدسي: «أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن بي خيرًا فخير». وقوله صلى الله عليه وآله سلم: «إن من اليقين بالله تعالى إحسان الظن به سبحانه». ومع ذلك اليقين المقرون بالعمل والسعي والجد والاجتهاد والتفاؤل، تتفتح أبواب الخير، وتتجدد النعم، ويتسع الرزق وتزداد بركته. داعيًا المولى عز وجل أن يحفظ علينا ما جَدَّدَ من نعم، وما أحدثه من سعة رزق لنا ولأجيالنا. موضحًا أن ذكرى الإسراء والمعراج ذكرى عظيمة، يحتفي بها المسلمون في شهر رجب الحرام، مستذكرين سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، مستلهمين الدروس والعبر لحاضرهم ومستقبلهم، هذه الذكرى الجليلة لا ينبغي أن تمر على المسلمين دون تأمل، بل ينبغي أن تكون مصدر إلهام للأمة، وأن تكون طاقةً مُتجدِّدَةً في نفوس وعقول علماء الأمة ومفكريها، تبعث على ما يسمو ويرتقي بالأمة تفاؤلا وعملا وسلوكًا وأخلاقًا، وإن الإعجاز الحسي والمعنوي للانتقال بالمصطفى صلى الله عليه وآله وسلم من مكة إلى بيت المقدس، ثم إلى رحلة علوية من بيت المقدس إلى السموات العلا، اختبارًا للقلوب والعقول، وترسيخًا للإيمان بقدرة وعظمة الخالق جل جلاله، وتأصيلا لمفهوم الصدق المطلق في الإعجاز الخارق، تأييدًا لذلك النبي عليه الصلاة والسلام، وتصديقًا لرسالته: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}. مشيرًا إلى أن التلاقي الإنساني التي تجسد في لقاء الأنبياء في هذا الحدث العظيم قوي الأثر والمعنى، حيث ذلك المشهد المهيب الذي رسخ التعايش الإنساني، والتمازج الشرائعي، والتكامل في الرؤى، والتلاقي على نوايا الخير؛ إسعادًا للبشرية مع الإقرار بتعددية وتنوع مشاربها، فالأنبياء جميعًا بتنوع شرائعهم وتعددية رسالاتهم وقفوا صفًا واحدًا تأسيسًا لذلك المبدأ العظيم، الذي يحفظ للبشرية وحدتها وللإنسانية أمنها وسلامتها. سائلا الله سبحانه وتعالى أن يحفظ علينا النعم، وأن يدفع عنا وعن سائر البشرية موارد النقم، وأن يديم علينا أمننا وأماننا ورخاءنا واستقرارنا، وعلى سائر بلاد المسلمين. من جانبه ألقى فضيلة الشيخ راشد حسن البوعينين القاضي بمحكمة التمييز كلمة، قال فيها: تظل السيرة النبوية منبعًا عذبًا وموردًا صافيًا ينهل منه المسلمون في كل حين وفي كل مكان، يلتمسون العبر والدروس في سيرة خير البرية وصاحب الرسالة النبي المعصوم – صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم –ونعيش اليوم مع آية باهرة ومعجزة ظاهرة، وحدث عظيم، مع معجزة من معجزات المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم التي كان الله عز وجل يؤيده بها بين الحين والآخر مع الإسراء والمعراج. موضحًا أن لكل ذكرى حية في الدنيا أثرًا متروكًا في قلوب الذاكرين لها، حيث تمضي الأعوام وتمر الأيام وما زالت تؤتي أكلها كل عام بإذن ربها بالتذكار والدروس والنهج السليم، حيث نقف اليوم على ضفاف الإسراء والمعراج، بمشاعر متذبذبة بين الفرح الغامر والحزن الكئيب، وسر البهجة أننا عرفنا قدرنا عند ربنا تبارك وتعالى كأمة رائدة مصطفاة في تلك الليلة، وعرفنا قدر نبينا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كختام للأنبياء المطهرين، وسيد العالمين، وإمام للمصطفين في تلك الليلة أيضًا، أما ما يملأ النفس أحزانًا، فهو سطوة الواقع الزاخر بالآلام حول الأقصى المبارك وأرض القدس الغراء – أرض الأنبياء والشهداء، وأرض الرباط وملاحم الفداء – من هذه الشرذمة الظالمة المعتدية والذين عاثوا فيها وبأهلها الخراب والدمار والفساد، وسط صمت عالٍ يمثل العار وموت الضمير. وفي ختام كلمته توجه البوعينين بالشكر للقائمين على وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف وعلى رأسهم سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والشيخ خالد بن علي بن عبدالله آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، لإقامة مثل هذه المناسبة الجليلة وإحياء هذه الليلة المباركة للاستفادة وأخذ الدروس والعبر، سائلا المولى عز وجل أن يجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا رخاءً وسائر بلاد المسلمين، وأن يحفظ قيادتنا الرشيدة التي يتولاها صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين الغالية. بعدها ألقى فضيلة الشيخ فاضل حسين فتيل الواعظ بالوزارة كلمة، قال فيها: إنّ لإسراءِ نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم فوائد جمةً عجز أن يحيط بها المتكلمون وتقاصر دون إحصائها العادُّون ولكن لا يسقط الميسور بالمعسور، حيث تتمثل الفائدة الأولى في بيان أهمية احترام المساجد وتعظيمها فقد ذكر الله تعالى مسجدين هما من أهم المساجد وأعظمها مكانةً ليلفت انتباهنا لمكانة المساجد واحترامها، موضحًا أن احترام المساجد يتحقق بالاهتمام بالحضور إلى المساجد في الصلوات الخمس وعدم هجرانها، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن المسجد المهجور يشتكي إلى الله يوم القيامة، فضلا عن الاهتمام بنظافة المساجد وتطهيرها ودفع كل ما يشينها ويهينها، وعدم استغلال المساجد للمآرب الشخصية والتجاذبات الفئوية والتيارات السياسيةوالحزبية، فلتكن المساجد منطلقًا للمحبة، بعيدةً عن البغضاء والمشاحنات، فإنها وُضِعتْ للأجر والحسنات ولم تُوضع لصنع الأزمات. مشيرًا إلى أن الفائدة الثانية تتمثل في التعايش السلمي بين الأمم مهما اختلفت دياناتُهم ولغاتُهم، فإن الإسراء قد ربط بين بلدين بعيدين عن بعضهما جغرافيًا وتوجهًا ودينًا، فجمعهما النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم، فصلى فيهما في ليلةٍ واحدة فهو وريث الأنبياء من قبله، فصلى في القدس ليؤكد تبعيتها للمسلمين، مؤكدا عروبة القدس وهو ما تتبناه حكومتنا الرشيدة من موقف مساند للقضية الفلسطينية العادلة في دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف. أما فيما يتعلق بالفائدة الثالثة، وهي الاحتفاء بسيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، قال فتيل: حينما ذكر الله سبحانه وتعالى هذه الحادثة في القرآن الكريم، أراد لنا أن نحتفي ونتدارس سيرة نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، ففيها من الكنوز والفوائد الفقهية والخُلُقية والآداب السماوية ما يكفل لهذه الأمة السعادةَ في الدنيا والآخرة، فلا ينبغي لأمةٍ قائدُها وقدوتُها محمدٌ صلى الله عليه وآله وسلم أن تختلف، ولا ينبغي لها أن تتأخر عن ركب التقدم والازدهار، ولا ينبغي لها التخبطُ في ظلمات الجهل، بل ينبغي لها التوافق والتآلف والتعايش السلمي وينبغي لها الأخذ بسبل العلم والعمل، لترتقي إلى أعلى درجات الكمال. داعيًا الله سبحانه وتعالى أن يحفظ قادة وطننا ويوحد معهم كلمتَنا، وأن يحفظ البحرين بمكتسباتها وأمنها وثقافتها.
مشاركة :