يفكر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانضمام مجدداً إلى اتفاق التبادل الحر عبر الهادئ، في حال حصوله على بنود تراعي مصالح بلده في شكل «أفضل» بعد انسحابه من الاتفاق السابق في اليوم الذي وصل فيه الى البيت الأبيض في كانون الثاني (يناير) 2017، معبراً عن تحول في الموقف يثير انتقادات. وكتب ترامب في تغريدة أول من أمس «سننضم الى اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ اذا كان الاتفاق أفضل بكثير مقارنة بما عُرض على الرئيس (باراك) أوباما». وأضاف: «لدينا اتفاقات ثنائية مع ست من الدول الإحدى عشرة في الشراكة ونعمل لأجل التوصل الى اتفاق مع اليابان، كبرى هذه الدول، التي سببت لنا الكثير من الأذى على المستوى التجاري على مدى سنوات». وكلف ترامب أحد مستشاريه الاقتصاديين وممثله التجاري، استئناف المباحثات، وفقاً لما افاد السناتور الجمهوري بن ساس. وقال ساس للصحافيين إن الرئيس كلف المستشار الاقتصادي لاري كودلو وممثل التجارة روبرت لايتهايزر بدرس موقف واشنطن وكيف يمكن العودة مجدداً إلى مفاوضات الشراكة عبر الهادئ. وأعلنت الحكومة اليابانية أن إعادة التفاوض حول اتفاق الشراكة «غاية في الصعوبة». وقال الناطق الحكومي يوشيهيدي سوغا لصحافيين في طوكيو: «هذا اتفاق يشبه منحوتة من الزجاج. ستكون غاية في الصعوبة إعادة التفاوض حول بعض الأجزاء». وأضاف «يسرنا أن نرحب بمبادرة الرئيس (الأميركي) إن كانت تعني انه يعترف بنطاق وأهمية» الاتفاق. ووقعت 11 دولة في جانبي المحيط الهادئ مطلع آذار (مارس)، اتفاق إنعاش التجارة الحرة بعدما اعتبرت ميتة قبل سنة إثر انسحاب ترامب منها. ووقع وزراء الخارجية أو التجارة في أستراليا وبروناي وكندا وتشيلي واليابان وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا والبيرو وسنغافورة وفيتنام، الاتفاق الذي بات يسمى «الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ». وبذل الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما جهوداً كبيرة لتوقيع اتفاق الشراكة في شباط (فبراير) 2016 بعد سنوات من التفاوض بين البلدان المعنية الاثني عشر وكان الهدف منه حينها الوقوف بوجه نفوذ الصين المتنامي. ولكن قبل دخوله حيز التنفيذ، أعلن ترامب انسحاب بلاده منه مهدداً الاتفاق الطموح الذي كان يفترض أن يشمل دولاً تمثل 40 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي العالمي، و25 في المئة من التجارة العالمية. وخلال قمة «دافوس» الماضية في سويسرا، عدل ترامب موقفه بقوله إنه يمكن أن يعود إليه إذا حصل على شروط أفضل. ورحب المشرعون الأميركيون الذين يمثلون الولايات الزراعية، بموقف ترامب الجديد. لكن مستشاريه التجاريين الأكثر تشدداً الذين يهيمنون على إدارته، عبروا عن تفضيلهم التفاوض على اتفاقات ثنائية يقولون إنها تراعي مصالح الولايات المتحدة في شكل أفضل. وربما دفع ترامب الى تليين موقفه، التوتر الكبير في العلاقات التجارية الصينية - الأميركية بعدما فرضت واشنطن التي تتهم العملاق الصيني بممارسات تجارية تضر بمصالحها، رسوماً جمركية إضافية على الواردات الصينية لا سيما الصلب والألومنيوم، وردت الصين بفرض رسوم على واردات أميركية مثل الصويا. ولطالما انتقد ترامب الاتفاقات التجارية المتعددة الأطراف، إذ وصف اتفاق التجارة الحرة في أميركا الشمالية بأنه «كارثة»، علما انه سارٍ منذ 24 سنة. لكن ادارته بدأت مفاوضات جديدة حول اتفاق «نافتا» مع كندا والمكسيك الموقعتين على اتفاق الشراكة عبر الهادئ. وفي رده على موقف ترامب الجديد، قال رئيس النقابة المركزية الأميركية «اي اف ال - سي آي او» ريتشارد ترومكا «تم إعلان وفاة اتفاق الشراكة لأنه كان فاشلاً بالنسبة للعمال الأميركيين ولا يجب إنعاشه. ما من وسيلة لنفخ الحياة فيه من دون خيانة الشعب العامل». وعلق لوي والاتش من منظمة «بابليك سيتيزن» الأميركية غير الحكومية بالقول «نظراً إلى الدور المركزي لمعارضة اتفاق الشراكة عبر الهادئ في انتخاب ترامب الذي سوَّق على نطاق واسع لفكرة الانسحاب من هذا الاتفاق، فإن هذا التراجع قد يوجه رسالة بأن ترامب ليس جديراً بالثقة». وقال ترامب خلال الحملة الانتخابية في 2016 إن «الشراكة عبر الهادئ كارثة أخرى وهي مدفوعة بالمصالح الخاصة التي تريد اغتصاب بلدنا، إنه مجرد اغتصاب مستمر لبلدنا». وذكر وزير الخارجية المُعين مايك بومبيو بأنه أيد اتفاق الشراكة عندما كان عضواً في الكونغرس.
مشاركة :