المدينة - جدة A A لاتزال خزانة الخيال ملأى بحكايات تثير الدهشة والاستغراب، كما لا تزال أقلام المبدعين قادرة على نسج القصص المثيرة، التي تسافر بنا على متن سطورها إلى عوالم فريدة من نوعها. ومع كثرة القصص والحكايات تبقى «جزيرة الشيطان» الأكثر غموضًا وإثارة.. فأمامها يتساءل الكل.. كيف استحوذ الشيطان على جزيرة الـ35 فدانا؟ ولماذا اختار الكيلو 11 تحديدا جنوب سواحل غيانا بفرنسا؟ وما قصة الضوء، الذي يتحرك ليلا والرقاب المعلّقة على أشرعة المراكب- وفقا لرواية الزائرين، وكيف نسافر -نحن السياح- إلى الشيطان في جزيرته ونقطع المسافات.. بل ما المحفزات التي تقودنا لرحلة من هذا النوع؟ جزيرة الشيطان أو ما تعارف على تسميتها بالمقصلة الجافة أو خزانة التاريخ الأسود.. كانت سجنا كبيرا يُحمل إليه محترفو الإجرام -قتلة وسفاحين- ليكون «قبر العمر ومحطة النهاية».. جزيرة صغيرة تقدر مساحتها بـ35 فدانًا يذهب إليها من احتارت فيهم الأحكام الرحيمة وأصبح القصاص منهم أمرًا حتميّا.. ولأنها مقبرة الموت الحتمي لم تُهدنا الروايات خبرًا عن نجاة سجين أو هروب آخر، بل أهدتنا أشكالا عجائبية للموت تبدأ بالانتحار وتنتهي بالإعدام، وبينهما محاولات هروب فاشلة نهايتها نفس المصير المخيف ليس هذا فقط، بل وثق مؤرخون حكايات ربما تقودنا إلى خندق الخرافة.. أناس معلقون على أشرعة المراكب وأشباح تتحرك ليلا وأصوات زاعقة تٌسمع نهارًا.. وبكاء عالي الصوت يصدر من تحت الأشجار.. الحكايات الغريبة حفزت السلطات لهدم ما تبقى من منازل قديمة ومعتقلات عتيقة في الجزيرة حتى لا تخرج أرواح السجناء وتنتقم من الأحياء وتطلب القصاص من البشر. ربما غالت الأقلام في وصف الحكاية وصورت الـ35 فدانًا وكأنها باتت مسرح الموت الحيّ وربما صادفت الروايات جانبًا من الصدق.. ومع الرعب والخوف والقلق والفزع، الذي يحيط بالمكان لايزال السياح -عربًا وأجانب- يذهبون بنسب متصاعدة إلى الجزيرة لينعموا برحلة عنوانها الإثارة. مسرح الموت أو المقصلة الجافة تروق لذائقة السيّاح.. وخزانة التاريخ الأسود باتت حُلم الزائرين ممن يبحثون لها عن مفتاح.. كما أن الموت الغريب بات جاذبًا. صخرة ضخمة فوق سطح بحر حملت اسم جزيرة الشيطان عاش فيها السجناء أسوأ أيام العُمر ونذهب إليها اليوم طواعية لنتذوق فيها أجمل الساعات. 35 فدانًا اشتراها الشيطان -وفقا للروايات- يتحرك فيها بأريحية يصرخ ويلعب ويحكي ويبكي.. جعل منها جزيرة ذات إطلالة على مياه زرقاء وعلى أرضها تنبت الورود والأشجار.. هذا ما رصدناه.. ربما كانت حقيقة وربما كانت نسجًا من جميل الخيال.
مشاركة :