وَيَعُودُ مَجْلِسُ التَّعَاوُنِ كَأَنْجَح مَنْظُومَةٍ إِقْلِيْمِيَّةٍ تَنْأَى بِخِلَافَاتِهَا عَنْ قَرَارَاتِهَا

  • 11/23/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حينما يرتفع قادةُ مجلس التعاون لدول الخليج العربيَّة لمستوى المسؤوليَّة الكبرى تَتَّحِدُ مواقفُهم السياسيَّة وتتماهى تطلُّعاتهم لتجاوُز اختلافاتٍ طارئة تُعَكِّرُ صفوَ التعاون وتُعَرْقِلُ مسيرةَ التكامل، فتتبلورُ حلولُهم من الأهداف العليا لمجلس التعاون في ضوء الرؤية الشاملة للتعاون وللتكامل الخليجيِّ، ويتأكَّد ذلك حينما تعصف الصراعاتُ الطائفيَّة والأيديولوجيَّة في الشرق الأوسط، فتجد دولٌ إقليميَّة ودولٌ أخرى مداخلَها لبسط نفوذها ولهيمنتها ولتمرير خططها فيما وصفتها بالفوضى الخلَّاقة، وتجد الجماعاتُ الإرهابيَّة مناخاً مناسباً لتحقيق أهدافها، فتفشلها حكمةُ قادةِ دول مجلس التعاون، وهذا ما أنجزوه باتِّفاق الرياض التكميليِّ. إنجازٌ توَّجَه خادمُ الحرمين الشريفين -حفظه الله- بتصريحه قائلاً: «نحمد الله العلي القدير الذي منَّ علينا وأشقائنا في دولة الإمارات العربيَّة المتِّحدة ومملكة البحرين ودولة الكويت ودولة قطر في الوصول إلى اتفاق الرياض التكميليِّ يوم الأحد 23/ 1/ 1436 هـ الذي حرصنا فيه وإخواني أصحاب الجلالة والسموِّ على أن يكونَ منهياً لكافَّة أسباب الخلافات الطارئة، وأن يكونَ إيذاناً -بحول الله وقوته- لبدء صفحةٍ جديدة لدفع مسيرة العمل المشترك ليس لمصلحة شعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربيَّة فحسب، بل ولمصلحة شعوب أمتنا العربيَّة والإسلاميَّة التي تقتضي مصالحُها العليا أن تكونَ وسائلُ الإعلام مُعِينةً لها لتحقيق الخير ودافعةً للشر، إذْ حرصنا في هذا الاتفاق على وضع إطارٍ شامل لوحدة الصفِّ والتوافق ونبذ الخلاف في مواجهة التحديات التي تواجه أمتنا العربيَّة والإسلاميَّة، وارتباطاً بالدور الكبير لجمهوريَّة مصر العربيَّة الشقيقة، أكَّدنا في هذا الاتِّفاق على وقوفنا جميعاً إلى جانبها وعلى تطلعنا لبدء مرحلة جديدة من الإجماع والتوافق بين الأشقاء، ومن هذا المنطلق فإنِّني أناشد مصرَ شعباً وقيادة للسعي معنا في إنجاح هذه الخطوة في مسيرة التضامن العربيِّ كما عهدناها دائماً عوناً وداعمةً لجهود العمل العربيِّ المشترك، وإنِّي لعلى يقين -بإذن الله- أنَّ قادةَ الرأي والفكر ووسائلَ الإعلام في دولنا سيسعون لتحقيق هذا التقارب الذي نهدف منه -بحول الله- لإنهاء كلِّ خلافٍ مهما كانت أسبابُه، وإنَّنا إذْ نسأل المولى عزَّ وجلَّ التوفيقَ والسدادَ في أعمالنا لنسأله سبحانه أن يديمَ على شعوبنا العربيَّة والإسلاميَّة أمنَها واستقرارَها في هذه الظروف والتحدِّيات التي تحتم على الأشقاء جميعاً أن يقفوا صفّاً واحداً نابذين أي خلافٍ طارئ متمسِّكين بقول الحقِّ سبحانه وتعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}». وحيثُ امتدَّ تأثيرُ الخلافات الخليجيَّة ليصدِّعَ الصفَّ العربيَّ، فقد أخذ قادةُ دول مجلس التعاون باعتبارهم هذا ناظرين إلى التأثيرات السلبيَّة المنعكسة من وسائل الإعلام المختلفة؛ ولذلك جاءتْ في البيان الختاميِّ دعوةُ خادم الحرمين الشريفين لوحدة الصفِّ العربيِّ موجَّهةً لجمهوريَّة مصر العربيَّة مؤكِّدةً حكمته ورؤيته السياسيَّة؛ لتجدِّدَ مصرُ عهدَها بأن تظلَّ بيتَ العرب، وبذلك يأتي الإنجازُ الخليجيُّ موحِّداً الصفَّ الخليجيَّ كخطوة مباركةٍ نحو وحدة الصفِّ العربيِّ، إنجازٌ لرأب الصدعِ الخليجيِّ مع قطر بعدما شهدت العواصم الخليجيَّة زياراتٍ دبلوماسيَّة لتحقيق هذا ولطيِّ ملفِّ الاختلافات بشأن تنظيم الإخوان المسلمين مع دولة قطر نهائيَاً، وبإعادة السفراء إلى الدوحة بعد ثمانية أشهر من مغادرتها، وكنتيجةٍ لهذا الإنجاز المبارك وكجزءٍ من اتِّفاق الرياض ستصدر تعليماتٌ فوريَّة لقناة الجزيرة لمراجعة خطابِها الإعلاميِّ فيما يتعلق بالأوضاع في مصر، ولغيرها من القنوات الفضائيَّة والصحف الورقيَّة والمواقع الإلكترونيَّة لتتجاوز خطابَ المرحلة السابقة. وبطيِّ صفحة الخلافات الخليجيَّة سيُلْتَفَتُ إلى الاستحقاقات التي تنتظر مجلسَ التعاون لدول الخليج العربيَّة في ضوء التحديات الأمنيَّة التي تشهدها المنطقة جنوباً على صعيد الحوثيِّين في اليمن، وشمالاً على صعيد داعش العراق وسوريَّا وتجاه دول إقليميَّة مؤثِّرة في وحدة الصفِّ الخليجيِّ ووحدة الصف العربيِّ، فتوحيد الرؤى الخليجيَّة تجاه الملفَّات الشائكة المحيطة هو اليوم أكثر إلحاحاً من قبل، بسبب الجبهات المشتعلة في المنطقة، ممَّا سيفضي لمواقفَ موحَّدةٍ لدول الخليج العربيَّة في الاجتماعات العربيَّة، بل وفي الاجتماعات التي ستعقد على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبذلك سيعود مجلسُ التعاون الخليجيِّ كأنجح منظومةٍ إقليميَّة تستطيع أن تنأى بخلافاتها عن قراراتها، وأن تكونَ بذلك داعمةً لوحدة الصفِّ العربيِّ، بل ويتطلَّع قادةُ الدول الخليجيَّة وشعوبها لأن يكونَ هذا الإنجازُ الخليجيُّ انطلاقةً للاتِّحاد الخليجيِّ كهدفٍ سامٍ دعا إليه خادمُ الحرمين الشريفين، اتِّحاد سيحقِّق مصالح دُوَلِه سياسيّاً وأمنيّاً وتنمويّاً.

مشاركة :