يعاني بعض الأشخاص ألماً شديداً في الكتف، إلى جانب أن هناك آخرين لا يستطيعون تحريك كف اليد، وهذه الحالة تصيب الكثير من الرياضيين، إضافة إلى بعض أصحاب المهن، التي تتطلب استخدام اليدين بصورة كبيرة، وأيضاً هناك إصابة بين عدد كبير من النساء؛ نتيجة كثرة الحركة أثناء القيام بأعمال المنزل المختلفة.يرجع سبب هذه المشكلة إلى الإصابة بمرض التهاب الأوتار، ويعرفه الأطباء بأنه تهيج أو التهاب تصاب به الأوتار، التي تربط العضلات مع العظام، ويسبب ألماً مزعجاً للمصاب، كما أنه يؤثر في حركة المفاصل، ويتعرض أي وتر لحدوث بهذه المشكلة، غير أن الإصابة الأكثر انتشاراً تكون في الكتف، وقاعدة الإبهام والركبة والمعصم والكاحل. تعالج معظم حالات التهاب الأوتار بنجاح بالراحة والعلاج الطبيعي، مع استخدام المسكنات؛ لتخفيف الألم، وفي بعض حالات الالتهاب الشديدة يمكن أن تحتاج إلى التدخل الجراحي؛ لإصلاح ما أصاب الأوتار.نتناول في هذا الموضوع المسببات الرئيسية، التي تؤدي إلى حدوث مشكلة التهاب الأوتار، كما نقدم طرق الوقاية الموصى بها مع بيان أساليب العلاج المنزلية والطبية؛ للتخلص من هذه المشكلة المؤلمة. الغلاف المحيط تتكون الأوتار من أنسجة ضامة ليفية تقوم بالربط بين العضلات والعظام، حتى تتمكن من الحركة بسلاسة وحرية، وتكون مغلفة بغشاء يفرز سوائل، وتقع الأوتار تحت تأثير قوى السحق والقص، ولديها القدرة على تحمل الضغط، والالتهاب الذي يصيبها يحدث في الغلاف المحيط بالوتر، عند حركته في أماكن ضيقة أو قريبة من مكان اتصال الوتر بالعظم. تكون الأوتار دائماً في حالة حركة مستمرة طالما أن العضلات والعظام تتحرك؛ ولذلك فإن الالتهاب يكون نتيجة الإفراط في الحركة والاستخدام، وعلى الأخص الحركات المكررة أثناء العمل. تكرار الحركة تعود إصابة الأوتار بالالتهاب إلى تكرار حركة معينة بمرور الوقت، أو القيام بأنشطة معينة أو ممارسة هوايات تستلزم من الشخص أن يكرر حركات المفاصل في كل مرة، وعلى وجه الخصوص في حالة الاستمرار في هذه الحركات بعد الإصابة، ومن هذه الأنشطة الرسم والزراعة وتنظيف المنزل وممارسة بعض الأنواع من الرياضة بانتظام؛ مثل: الجولف والبيسبول والبولينج والسباحة وغيرها. يمكن أن تتسبب في الإصابة بالتهاب الأوتار بعض الأمراض، ومنها: البدانة والوزن الزائد، واضطرابات الغدة الدرقية والنقرس، والتهاب المفاصل والتهاب المفاصل الروماتيزمي والتهاب المفاصل الصدفي، ومن يعانون مرض السكري تزداد نسبة الإصابة لديهم. تتسبب كذلك الإصابات أو الجروح في التهاب الأوتار، ومن الجائز أن يكون وراء الالتهاب العدوى، خاصة لو كانت بسبب عضة كلب أو قطة، ويمكن أن يؤدي التهاب الوتر إلى تمزقه في حالة التأخر في علاجه. تزداد نسب الإصابة بالتهاب الأوتار عند المتقدمين في العمر، وهي أكثر شيوعاً عند النساء فوق سن الأربعين؛ نتيجة الأعمال المنزلية، وعامة فإن من عوامل الخطورة تقدم العمر؛ حيث تزيد فرص الإصابة وحدة الأعراض، ويعود ذلك إلى أن الأنسجة تفقد مرونتها مع التقدم في العمر. ألم وتورم تشمل أعراض التهاب الأوتار شعور الشخص المصاب بالألم في مكان ارتباط الوتر بالعظام، والمنطقة المحيطة به، كما أن الألم يزداد سوءاً عند نقل المنطقة المصابة.ويمكن أن يكون الألم بشكل تدريجي أو مفاجئ، وكلما تحرك الوتر يشعر المصاب بصرير أو طقطقة، كما تتورم المنطقة المصابة، ويمكن أن تكون ساخنة وحمراء، ويظهر نتوء أو كتل على طول الوتر، إلا أن هذا لا يحدث بشكل دائم. يشعر المريض بوجود فجوة في خط الوتر في حال حدوث تمزق، وبالتالي فإن الحركة تكون صعبة خاصة في المفاصل، وعلى سبيل المثال في حال التهاب الأوتار في اليد يصعب على المصاب ثنيها أو إمساك الأشياء بها. مناطق الإصابة تكون إصابات الأوتار أكثر انتشاراً في الكتف العلوي والقسم السفلي من الكوع، وتقل في الوركين والجذع، ويختلف الوتر المصاب بسبب الفروق الفردية وشدة الأوتار، وكذلك تبعاً لنوع وشدة الرياضة، فعلى سبيل المثال فإن السباحين تكون الإصابة في الأكتاف، في حين أن متسلقي الجبال تكون الإصابة في المرفقين والأصابع. تنتشر الإصابة في الوتر العرقوبي في الرياضات، التي تعتمد على القفز والاندفاع، في حين أن لاعبي الكرة الطائرة وكرة السلة تنتشر بينهم إصابة الوتر الرضفي، ويعود ذلك إلى كثرة القفز والهبوط أثناء المباريات. انتبه للأخطاء يقع كثير من المصابين بالتهاب الأوتار في عدد من الأخطاء، التي تؤدي إلى زيادة الإصابة سوءاً وحدوث مضاعفات، ومنها ترك الوتر المصاب بالالتهاب على حاله لأكثر من 10 أيام دون علاج. ويستمر بعضهم في استكمال النشاط الرياضي بالاعتماد على مسكنات الألم، في الوقت الذي يقود المجهود البدني إلى خطر إصابة الوتر بالتمزق، وبالتالي قطعه إلى نصفين.ولا يفيد ارتداء رباط أو آلة ضابطة للكاحل مع مواصلة الرياضة؛ حيث إن الأدوات الطبية تعطي إحساساً زائفاً بالأمان، كما أن التركيز الكبير على تمارين إرخاء العضلات لوحدها لا يعد علاجاً ناجعاً. احترس من الإهمال يؤدي الإهمال وتأخير الحصول على العلاج المناسب لمشكلة التهاب الأوتار إلى عدد من المضاعفات، ومنها الإصابة بالتمزق في الوتر الملتهب، وهو ما يجعل هناك صعوبة في تحريك الوتر المرتبط بهذا الوتر. يمكن كذلك أن ينتشر الالتهاب في العظام المحيطة، مع تآكل الأوتار المصابة، والتهاب المفصل المجاور، ويجب التزام الراحة التامة، وعدم تحريك المنطقة المصابة أو استخدامها، مع وضع المراهم المسكنة، وفي حالة حدوث تورم للمنطقة لابد من استشارة الطبيب. يقوم الطبيب بفحص الأوتار، ومن أجل ذلك يمكن طلب أداء بعض الحركات للتعرف إلى مدى الالتهاب، وكذلك يمكن أن يطلب عمل أنواع من الأشعة، حتى يحدد الأوتار المصابة بالالتهاب. الراحة بداية الشفاء تشفى التهابات الأوتار في العادة تلقائياً؛ وذلك بحصول الجسم على فرصة جيدة للراحة؛ حيث يحتاج المصاب إلى التوقف عن أي نشاط يتسبب في التهاب الأوتار، حتى لو كان مجرد الكتابة، ويفيد في بعض الحالات ربط المنطقة المصابة بجبيرة أو دعامة للمساعدة على تقليل الحركة، وفي الحالات الشديدة يمكن أن يكون تثبيت الحركة بالجبس. تساعد الكمادات الساخنة أو الباردة في تقليل الألم والتورم في المنطقة المصابة، ويتم ذلك بوضع كيس من الثلج أو منشفة دافئة، وكذلك مسكنات الألم ومضادات الالتهاب غير الستيروئيدية تساعد في تسكين للألم؛ لكن يجب الانتباه أنه في حالة مرضى الربو أو الكلى أو الكبد يجب استشارة الطبيب المختص.يفيد العلاج الطبيعي في كثير من الحالات المصابة؛ لأنه يعمل على تسريع عملية الشفاء وتوفير الإغاثة للمصاب، ويهدف المعالج الطبيعي بتدليكه للمنطقة المصابة إلى تحسين الوتر المتضرر والعضلات. أغذية مفيدة تساعد بعض المواد الغذائية في علاج مشكلة التهاب الأوتار، ومنها زيت الزيتون الذي له القدرة على تقليل الالتهاب، ويتم تدليك المنطقة المصابة بلطف، وتكرر هذه العملية مرتين يومياً لمدة 10 دقائق، ويمكن أيضاً استخدام زيت الخردل والسمسم في التدليك.يفيد كذلك نقع المنطقة المصابة في مياه دافئة مختلطة بالملح الإنجليزي، فكبريتات المغنسيوم الموجودة بالملح تساعد على استبدال الماغنسيوم المفقود، غير أنه يمكن أن يسبب الجفاف؛ لذلك يفضل استخدام مرطب. وتتوافر بعشبة حشيشة القزاز مواد مغذية مثل الفيتامينات والمعادن، التي تحد من الالتهابات والألم، وجميع الأعراض الأخرى، ويتم عمل عجينة من العشبة، ووضعها على المنطقة المصابة ثم تغسل بعد أن تجف، كما يمكن أن تشرب على هيئة شاي. وتعد المياه الغازية أحد أنواع العلاج الغريبة؛ حيث يقوم المصاب بنقع المنطقة المصابة في المياه الغازية؛ لكن بدون صودا أو أي مشروبات سكرية؛ وذلك لمدة 15 دقيقة ولمرتين يومياً، وتفيد هذه الطريقة في تقليل أعراض الالتهاب. المحمول وراء الإصابة كشفت دراسة حديثة عن وجود أمل جديد في علاج مصابي التهاب الأوتار، وذلك من خلال استخدام مادة الكركمين التي تعطي الكركم لونه الأصفر المميز، بسبب وجود خصائص تثبط الآليات البيولوجية المسببة لالتهاب الأنسجة الرابطة، وأشار الباحثون إلى أن البهارات تقدم للعلماء خيطاً جديداً يساعد في التوصل إلى علاج لهذه الآلام من خلال الأغذية. كانت دراسة أجريت مؤخرا قد أرجعت أحد الأسباب الأساسية في التهاب الأوتار في الفترة الأخيرة، إلى فرط استخدام الهواتف المحمولة وألعاب الفيديو جيم، وبحسب دراسة أخرى فإن مرضى السكري أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الأوتار.أوضح الباحثون الذين قاموا بالدراسة أن التمارين الرياضية مهمة للتحكم في السكري من النوع الثاني، غير أن المرض يجعل الإنسان يصاب بآلام في الأوتار، وهو ما يمنعه من أداء التمارين، وبحسب الباحثين الذين قاموا بتحليل دراسات سابقة، فإن مرضى السكري يكونون عرضة أكثر من غيرهم للألم في الأوتار بحوالي 3 مرات، ومن يشعرون بآلام الأوتار أكثر عرضة للإصابة بالسكري بنسبة 30%.
مشاركة :