دبي - وكالات: تصاعد الدور الإماراتي بشكل لافت في منطقة القرن الإفريقي خلال السنوات الماضية، وهو الدور الذي يبدأ غالباً اقتصادياً ثم يتحول إلى عسكري ومخابراتي، ولكن تظل «موانئ دبي» كلمة السر في هذا التوغل الذي دخلت من خلاله الإمارات لعمق القرن الإفريقي. والأزمة الأخيرة بين الإمارات ودولة أرض الصومال التي أنهت تعاقداتها مع هيئة موانئ دبي الخاصة بميناء بربرة المطل على القرن الإفريقي، كشفت عن العديد من الأهداف التي تدفع الإمارات لمحاولة وضع أكثر من قدم لها في واحد من أهم الممرات المائية التجارية على مستوى العالم. وطبقاً للباحث المصري المتخصص في شؤون الأمن القومي عبد المعز الشرقاوي، فإن أزمة الإمارات مع دولة أرض الصومال، كشفت عن تطورات في صراعات القوى الإقليمية، مؤكداً أن المحاور التي تشكلت على خلفية الأزمة الخليجية زادت من حدة الصراع على سواحل البحر الأحمر الذي تمر منه ما يقرب من 17% من التجارة العالمية، وبدأ النشاط الاقتصادي للعديد من الدول يتحول إلى عسكري واستخباراتي في هذه المنطقة. وأشار الشرقاوي لـ «عربي21» إلى أن إثيوبيا كان لها دور كبير في إفشال الاتفاق الذي تم إلغاؤه من قبل حكومة أرض الصومال، بسبب الدعم الذي تقدمه كل من الإمارات ومصر لإريتريا، وهو ما يصب ضد مصلحة إثيوبيا التي تري في قوة نفوذ إريتريا تهديداً لها، خاصة في ظل الدعم الإريتري للمعارضة الإثيوبية، كما أن إثيوبيا ترى في أرض الصومال منفذاً لها على البحر الأحمر بعد استقلال إريتريا في تسعينيات القرن الماضي. ويضيف الشرقاوي أن إثيوبيا لديها قناعة بأن مصر تحاول زعزعة استقرارها بعد فشل التوصل لاتفاق حول سد النهضة وبالتالي فهي تنظر للخرطوم وأديس أبابا باعتبارهما متآمرتين على القاهرة.وأشار إلى أن النفوذ الإماراتي الذي بدأ من اليمن وتوسع في جيبوتي وإريتريا وأرض الصومال، يخدم الأهداف الأمريكية والإسرائيلية من أجل السيطرة علي البحر الأحمر، مقابل النفوذ الصيني والروسي والتركي المتصاعد. ويضيف الأكاديمي السوداني المتخصص في شؤون القرن الإفريقي عبدالمهدي إسماعيل لـ «عربي21» أن الإمارات توسعت في منطقة القرن الإفريقي منذ عام 2015 بشكل لافت للنظر وقدمت العديد من الإغراءات المالية لدول إفريقية فقيرة من أجل أن يكون لها أكثر من مكان على سواحل البحر الأحمر، ثم وسعت من نفوذها بعد السيطرة علي موانئ اليمن وبالتالي باب المندب، وهو الدور الذي وإن بدا في ظاهره اقتصادياً إلا أنه يخدم مخططًا إسرائيليا قديماً في السيطرة على البحر الأحمر من جنوبه لشماله. ويؤكد إسماعيل أن هيئة موانئ دبي لها عقود احتكارية لموانئ بمصر واليمن وجيبوتي وأرض الصومال وإريتريا، ما يعني أن أربع دول فقط تقع على البحر الأحمر لم تدخل إليها الإمارات وهي السعودية والأردن والسودان وإسرائيل، وهو ما يشير إلى أن اهتمام الإمارات بمنطقة شرق وجنوب البحر الأحمر الهدف منه التحكم في حركة المرور، وما يدل على ذلك القواعد العسكرية التي أنشأتها في معظم الدول التي استأجرت منها الموانئ. ويضيف إسماعيل أن التوسع بهذا الشكل وفي فترة زمنية لا تتجاوز الخمس سنوات يؤكد أن الدور الذي تلعبه الإمارات ليس لصالحها فقط وإنما لصالح إسرائيل وأمريكا، وإلا كان أفضل للإمارات أن تستعيد جزرها الثلاث المحتلة من قبل إيران قبل أن تنطلق بهذا التوسع في منطقة لم تكن في الماضي ضمن اهتماماتها، وهو ما يثير التساؤلات عن الدور القذر الذي تلعبه أبو ظبي في منطقة القرن الإفريقي. ويستدل إسماعيل بمعهد «ستراتفور» الأمريكي الذي نشر قبل عدة أشهر تقريراً موسعاً عن التوسع العسكري الإماراتي في القرن الإفريقي، سواء من خلال القواعد العسكرية باليمن أو إريتريا وتحديداً في جزر دهلك التي أجرت فيها الإمارات ميناءها الرئيسي وكذلك معتقل وسجن نخرة بمنطقة أرخبيل دهلك، وقامت بتجهيزه في صورة أقرب لجوانتنامو ونقلت إليه مخالفيها من اليمنيين، طبقاً لتقرير منظمة العفو الدولية. ويري إسماعيل أن أمريكا تستغل الإمارات كوكيل لها في صراع النفوذ داخل القرن الإفريقي في مواجهة روسيا والصين، وهو ما يشير إلى أن الإمارات أصبحت تلعب أدواراً متعددة لصالح أمريكا ليس في المنطقة العربية كما حدث مع ثورات الربيع العربي، ولا حتى في منطقة الشرق الأوسط كدورها في دعم الانشقاق الفلسطيني لصالح إسرائيل، ولكن تلعب أيضاً دوراً في النزاعات والصراعات العالمية وهو ما يورط المنطقة كلها في مشاكل لن تستطيع الخروج منها.
مشاركة :