يشكل مرض السرطان بمختلف أنواعه تهديداً خطيراً على صحة الإنسان، كما أن فرص الشفاء منه باتت ضئيلة جداً، باستثناء أنواع محددة تمكّن العلم من التوصل إلى طرق ناجحة لعلاجها، إما باستخدام الأدوية الكيماوية أو استئصال المنطقة المصابة من الجسم. ويعتبر سرطان القولون من أنواع السرطانات المنتشرة بكثرة وأشدها خطورة على حياة الإنسان، إلا أنه أحد الأمراض التي يمكن علاجها وشفاء المصاب بها تماماً بشرط الكشف المبكر عنها.هذا ما كشف عنه رئيس قسم الجهاز الهضمي واستشاري مناظير الجهاز الهضمي في مستشفى المواساة الجديد الدكتور محمود عمر، الذي أكد أن «90 في المئة ممن يتم تشخص أورام القولون لديهم مبكراً يشفون منه تماماً»، محذرا في الوقت ذاته من «إهمال أي أعراض بسيطة قد يعاني منها المريض في ظل تشابه أعراض أمراض الجهاز الهضمي».وفي حوار له مع «الراي»، قال عمر إن «الكشف المبكر عن سرطان القولون يتم بواسطة الفحص بالمنظار، وهو إجراء بسيط وآمن، لا يستغرق أكثر من 10 دقائق تحت تأثير المخدر، كما يرافقه تحضير المريض بشكل جيد قبل بدء العملية». ولمزيد من التفاصيل عن العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون وسبل تشخيصه والوقاية منه وطرق علاجه، كان لنا اللقاء التالي: •كيف يمكن الوقاية من سرطان القولون؟- الوقاية من سرطان القولون سهلة جداً، عن طريق الاكتشاف المبكر للمرض، ولهذا السبب يعكف المستشفى على تنظيم حملة للتوعية بأهمية الكشف المبكر لأورام القولون، تتضمن فعاليات متنوعة مثل الندوات والمحاضرات العلمية في المستشفى، الجامعات والمدارس، وأيضا في الشركات والمصانع والمولات التجارية الكبيرة.•كيف ترى أسلوب التوعية بهذا المرض؟ - تعتبر التوعية الصحية عاملا مهما جدا للوقاية من الأمراض بشكل عام ورفع المستوى العلمي والثقافي لدى الأشخاص، لكن لابد أن تستند على خطة علمية مدروسة تقترن بالاستمرارية وتنوع الاساليب حتى تحقق الأهداف المرجوة منها. •هل من اجراءات معينة سيتخذها المستشفى تزامنا مع اطلاق حملته للتوعية بأورام القولون؟- إن التطور في طُرُق التشخيص، يمثل تطوراً للاكتشاف المبكر للأورام، ويسرني أن أعلن ونحن نتحدث بخصوص أورام القولون عن موافقة المستشفى على شراء أحدث أجهزة المناظير عالميا في مجال تشخيص وعلاج أمراض القولون، كما أؤكد في هذه المناسبة حرص مجلس إدارة المستشفى على تحديث الاجهزة بشكل مستمر، ما يصب في خدمة المرضى وتحسين جودة الخدمات المقدمة.•ما الأعراض التي يعاني منها مريض أورام القولون؟- للأسف، قد لا تظهر أعراض أورام القولون، أو تكون مثلها مثل أي أعراض لمرض آخر يصيب هذا العضو، لأن الورم يكون موجودا ويتحرك داخل القولون دون ظهور أعراض، ومن هنا تأتي أهمية الاكتشاف المبكر للأورام. •هل توجد علاقة بين القولون العصبي وأورام القولون؟- القولون العصبي، هو مرض مزمن من الأمراض الوظيفية للجهاز الهضمي لكنه لا يؤدي إلى سرطان القولون، لكن إذا تغيرت أعراضه أو ظهرت أعراض جديدة أو لوحظ نزول دم مع البراز، من الضروري هنا استشارة طبيب الجهاز الهضمي.•ما العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون؟ - هناك عوامل عدة يكون لها دور في ذلك منها العمر، فأكثر من 90 في المئة من حالات سرطان القولون تصيب من تجاوز اعمارهم الـ 50 عاما، يضاف إلى ذلك العامل الوراثي وهو أحد العوامل التي يجب وضعها في الاعتبار، كما أن المريض الذي أصيب سابقا بأورام القولون الحميدة أو الزوائد اللحمية وتمت معلاجتها، تترك احتمال عودة المرض، لذا تأتي ضرورة اعادة الفحص بواسطة منظار القولون كل 5 سنوات أو أقل حسب نوع الورم السابق، إضافة إلى أن الشخص الذي كان يعاني من بعض الأمراض مثل، مرض كرونز أو التهاب القولون التقرحي لسنوات عدة، يعتبر معرّضا لخطر الاصابة بالسرطان أيضا.•هل أورام القولون الحميدة قابلة للتحول إلى اورام خبيثة؟- نعم، بعض أنواع الأورام الحميدة تتحول إلى خبيثة، كما أن الأورام تمر بمراحل عدة، ومن الافضل هنا اكتشافها في مراحل مبكرة، فأورام القولون تتدرج في مراحلها ودرجاتها، وعادة تتطور ببطء، حيث يبدأ الورم صغيرا في البداية ثم يتدرج في نموه، وقد يتحول إلى ورم سرطاني، وأحيانا ينتشر لينتقل من القولون إلى مناطق أخرى في الجسم، لذا من الضروري الوقاية عن طريق الفحص المبكر.•ما الطريقة المثلى للكشف المبكر عن أورام القولون؟- يتم ذلك من خلال الفحص عبر منظار القولون، لجميع المرضى الذين تجاوزت اعمارهم الـ 50 عاماً، وفي بعض الحالات لمن تجاوزوا الـ 45 عاما إذا لم يكن هناك وراثة لأورام القولون السرطانية لدى افراد العائلة، وفي حال توافر العامل الوراثي يجب على المريض إجراء الفحص في سن مبكرة.•كيف يتم التعامل مع الورم في حال تم اكتشافه؟- يتم استئصاله عن طريق المنظار، ويحتاج المريض بعد ذلك إلى المتابعة الدورية كل فترة، وعملية الاستئصال تتم في الجلسة ذاتها.•هل هناك اجراءات تحضيرية تسبق عملية المنظار؟- يحتاج المريض إلى التحضير قبل العملية، ويشمل تنظيف القولون باستخدام محلول يعطى للمريض لمدة 12 ساعة، ويعتبر تحضير المريض عملية مهمة جدا في الكشف المبكر عن المرض، خاصة في حالات الأورام الصغيرة التي يكون حجمها أقل من (نصف سم)، كما توجد 4 درجات لتقييم تحضير المريض من قبل الطبيب.•البعض يتخوف من إجراء فحص المنظار فهل هناك ما يستدعي ذلك؟- الفحص هو إجراء بسيط وآمن تماما ولا يستغرق سوى 10 دقائق تحت المخدر، ويستخدم في الفحص أجهزة حديثة متقدمة جداً، وكلما استخدمنا مناظير أحدث كانت النتيجة افضل، حيث يعتبر أي تطور في المناظير تطوراً يصب في مصلحة الاكتشاف المبكر للأورام، وبفضل المناظير الحديثة نستطيع رؤية أشياء لم نكن نراها من قبل.•هل تلعب الجينات والعوامل الوراثية دورا اساسيا في الاصابة بتلك الأورام؟- تلعب الجينات والعوامل الوراثية دورا مهما في الاصابة بتلك الأروام، إذا كان أحد الاقارب في العائلة أصيب بسرطان القولون، يفضل اجراء الفحص لبقية أفراد العائلة عند سن مبكرة، أي قبل 10 سنوات من السن التي أصيب خلالها الفرد الأول.•لكن ما مدى ارتباط العوامل الوراثية بأورام القولون؟- 80 في المئة من مرضى أورام القولون ليس لديهم تاريخ وراثي بالمرض، وعليه نؤكد أهمية اجراء فحص القولون للجميع، لأن الاكتشاف المبكر للمرض يزيد من معدلات الشفاء.•هل ظهور ألم في منطقة القولون يعني وجود ورم؟ - الألم عارض من أعراض أمراض القولون، وليس شرطا أن يكون أحد أعراض الورم، قد يكون الألم بسبب القولون العصبي أو التهابات أو تقرحات، لكن إن تكرر الألم لابد للمريض أن يرى طبيبا مختصا، خاصة إذا تجاوز عمره الـ45 عاما، لأن بعض أمراض القولون يمكن أن تتحول إلى ورم بعد مدة.•أعراض أمراض الجهاز الهضمي بصفة عامة متشابهة، هل من خطوط حمراء تحتم علينا استشارة الطبيب؟ - مع تشابه أعراض الجهاز الهضمي، يأتي دور الفحص عن طريق طبيب متخصص، وعلى المريض ألا يستهين بالأعراض البسيطة، من خلال استشارة غير المتخصصين، على سبيل المثال: «هناك حالة لمريض لاحظ نزول قطرتين من الدم مع البراز وتم تشخيص حالته خلال 3 اشهر على أنه يعاني من البواسير، وبعد اجراء فحص منظار القولون له، تبين وجود ورم لديه». هناك اشارات حمراء تحتم مراجعة طبيب متخصص، لاسيما إذا لاحظ المريض انخفاضا في وزنه دون اسباب، أيضا في حال خروج دم حتى ولو قطرة واحدة مع البراز، أو وجود تغير في طبيعة التبرز، إضافة إلى وجود فقر دم، فجميعها علامات تحتم على المريض مراجعة طبيب متخصص في الجهاز الهضمي.•كم تبلغ نسبة الشفاء من سرطان القولون؟- إن 90 في المئة، ممن يشخصون المرض باكرا يشفون منه تماما، لكن في حال انتشر المرض إلى مناطق أخرى خارج القولون، فإن نسبة الشفاء منه تقل ومن هنا تأتي أهمية الكشف المبكر.
مشاركة :